الخميس 2018/03/22

آخر تحديث: 14:08 (بيروت)

"حياة" دافيد فاغنر: أكثر تعقيداً من الموت

الخميس 2018/03/22
"حياة" دافيد فاغنر: أكثر تعقيداً من الموت
increase حجم الخط decrease
صدرت عن شركة المطبوعات للتوزيع رواية "حياة" للكاتب الألماني دافيد فاغنر، وهي تروي قصة فريدة تروي رؤية مريض ينتظر أن يموت أحدهم ليحصل على كبده وليمنح فرصة عيش طبيعية، تتفتح ذاكرته نحو طفولته وحبيبته ويبدأ من سريره في المستشفى إطلاق العنان لمخيلته فيتتبع حيواته الماضية والآنية المحيطة وتأمل تجليات أحداثها وحوادثها وجرائمها وحروبها وانكسارات الإنسان وأحلامه. ليؤكد كما جاء في الرواية "الحياة أكثر تعقيداً بكثير من الموت"... ووفقا لمترجمها عن الألمانية سمير جريس فإن فاغنر عانى مرضاً نادراً هو "التهاب الكبد المناعي الذاتي"، ولذلك أُجريت له عملية زراعة كبد.  

ولد فاغنر في منطقة الراين الألمانية عام 1971، درس الأدب المقارن وتاريخ الفن في بون وباريس وبرلين. قد أصدر أولى رواياته عام 2000 بعنوان "سروالي الأزرق الداكن"، تناول فيها طفولته في منطقة الراين في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين. بعد ذلك تنقل بين عدة أشكال إبداعية، فكتب الشعر والرواية والقصة. وصلت روايته "أربع تفاحات" (2009) إلى القائمة الطويلة لجائزة الكتاب الألماني. وحصل على عدة جوائز، كان آخرها جائزة معرض لايبتزغ المرموقة عام 2013 عن "حياة" التي ترجمت حتى الآن إلى سبع عشرة لغة.
وقال ناشر الرواية إنها "رواية تتأمل في الحياة وجدواها، يتقاطع فيها الكاتب مع كافكا تارة، بقدرته على التحول والتحويل، ويضاهي ماركيز طورا، بقدرته في الخوض بتفاصيل نمر بها ولا نوليها أدنى اهتمام، لكنها، على بساطتها، تشكل في أحيان كثيرة لب "الحياة".


• من الرواية:
أنا أصغر المرضى في القسم، لم أعد كذلك في أماكن أخرى. عُمر جيراني في غرفة المستشفى ضعف عمري، تاجر المشروبات من الممكن أن يكون أبي. أما الممرضات فينادونني بـ "الشاب"، وهو ما لم أعد أسمعه كثيراً. على الأرجح فإن هذا - أقول لنفسي - ليس إلا سخرية برلينية.

****
في سن الخامسة عشرة أو السادسة عشرة كانت إحدى خيالاتي المحببة أن أتصور جنازتي. أتخيل نفسي أمثل وقوع حادثة خلال السباحة أو على القارب، ثم أختفي. البحيرة التي غرقت فيها – هكذا يجب أن تسير الأمور – لا تمنح أحداً جثتي. وأخيراً، وبعد بحث غير مُجدٍ، يعلنون وفاتي، ويقولون إن جثتي ترقد في الطبقة العميقة من الرمال والطحالب في قاع بحيرة لاخ. وبينما أختفي عن الأنظار وأسافر عبر إسبانيا إلى أميركا اللاتينية، أودُ – وهذا من تناقضات خيالي – أن أحضر جنازتي بأي حال من الأحوال، وأن أراقب من مسافة معقولة، ومتنكراً بشكل جيد كيف يدفنون تابوتي الفارغ.

****
كنتُ في السادسة عشرة، أو ربما في السابعة عشرة، عندما ادعى "ب" أني لم أتناول أدويتي، فلا شيء غير هذا يفسر تدهور نتائج التحليل - ونتائج التحليل كانت دائماً هي كل شيء، كانت وما زالت هي حياتي. غير صحيح، لقد تناولت الأدوية بكل تأكيد، قلت له، غير أني لم أصدق تأكيداتي تماماً. ربما لم آخذ قرصاً هذه المرة أو تلك؟ أو نسيت أحياناً قرصاً؟ أو ظننت خطأ أنني تناولته؟ في بعض الأحيان لا أتناول عمداً ربما هذا القرص أو ذاك، لأن الكورتيزون، واسمه التجاري أوربازون، كان يترك دائماً ذلك الطعم المر في فمي إذا لم أبلعه بالسرعة اللازمة.

من الممكن أن أكون قد تناولت مرةً قرصاً أقل، أو ابتلعت نصف قرص فحسب بدلاً من قرص كامل، لا أتذكر بدقة، غير أني أتذكر أنني آنذاك كنتُ كثيراً ما أفضل أن أكون ميتاً على أن أكون حياً، لأن تخيل الموت كان أكثر سهولة من تخيل الحياة، هذه الحياة التي قد تمتد أمامي، وقد لا تمتد. لم أكن أعرف: ماذا أفعل بها؟ وأين؟ ومع مَن؟ ثمة احتمالات عديدة، احتمالات لا حد لها. تخيل عدم بقائي على قيد الحياة كان أكثر سهولة من أن أصبح أي شيء، فالحياة أكثر تعقيداً بكثير من الموت.

****
أنا هنا لا لشيء ربما سوى أن أتذكر كل شيء مرة أخرى؟ رصيدي من الوقت لا ينفد.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها