السبت 2017/06/17

آخر تحديث: 11:58 (بيروت)

مبارك وساط عن صورة عبداللطيف اللعبي رمزاً لحراك الريف

السبت 2017/06/17
مبارك وساط عن صورة عبداللطيف اللعبي رمزاً لحراك الريف
increase حجم الخط decrease
(في سياق الإجابة على أسئلة صديق):
في ما يخص البيان المتعلق بحراك الريف، وطريقة تقديمه بجريدة لبنانية مرفقاً بصورة للشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي، لا يظننّ أحد أن القول بعدم ملاءمة إصدار ذلك البيان مرفقاً بتلك الصورة موجه ضد شاعرنا المغربي. كلا ثمّ كلا، فمثل هذا الفهم لا ينمّ إلا عن نقص في إدراك صاحبه، هذا إن لم يكنْ متصنّعاً من قِبله لغرض في نفس يعقوب.. (ولنُشَدّد هنا على أنّ للعبي ليس في حاجة إلى أن تُنشَر صورته رفقة ذلك البيان، وأنّ ذلك النشر لا يشكّل قيمة إضافية بالنسبة إليه، - فَقُرّاء الأدب يعرفونه مُذْ ظهرت مجلة "أنفاس" بالفرنسية- أي منذ ما يربو على خمسين سنة.. نعم، نصف قرن ويزيد...). ونحن نرى صوره في العادة مرافقة لمقالات له أو عنه... ونُسَرّ بذلك... ولنضف هنا، باعتبار أن الحديث ذو شجون، أن مجلة أنفاس (سوفل) لم تكن تنشر صوراً لكتّابها، وكانت تكتفي بتقديم نصوص لهم، ونحن لا نزال إلى اليوم نكنّ لأصحاب تلك النصوص كلّ التّقدير (من مثل خير الدين وعبد العزيز المنصوري واللعبي والنيسابوري... ).

وفي ما يخصّني شخصيّاً، فقد ترجمتُ للعبي كتابه "شذرات من سِفْر تكوين منسيّ"، كما أنه متَرجم أغلب قصائد مجموعتي مزدوجةِ اللغة، الصادرة عن دار المنار في باريس تحت عنوان بالفرنسية، ترْجمَتُه هي: "بَرق في غابة" (ما تبقى كان قد ترجمه الشاعر محمد العمراوي وكاتب هذه السطور)... وقد سُجن اللعبي في أواخر سبعينيات القرن الماضي وبداية ثمانينياته لأنه كان مناضلاً... هذا أكيد، ويجعله ذا مكانة عالية في أنفسنا، نحن الذين نعرفه ونعرف نشاطه الثقافي والنضالي الذي كانت له أهميته الكبيرة... مع هذا، فثمة سؤال يفرض نفسه: هل جماهير الريف، في حراكها الحاليّ، جعلتْ رمزاً لها هذا الشاعر أو ذاك؟ إنها هي رمز نفسِها... فلماذا نُغَيَّبها من الصّورة المرافقة لبيان يساندها هي تحديداً، ذلك أنّ هذا البيان ليس عن المعتقلين السّابقين مثلاً، ولا عن ضرورة الاهتمام بنشر أدبنا الحديث... وقد بدا لي أنّ صورة لبعض من بسطاء الناس المشاركين فعلياً في الحراك، والذين يُعَرّضون أنفسهم لمخاطر فعليّة، ومنهم من قُيّدوا بالأصفاد وسيقوا إلى المخافر ومن عُنّفوا، هم الذين يجب أن تُرفق صورهم بالبيان حتى إذا ألقى قارئ نظرة أولى على واحدة من تلك الصّور، يتهيأ ذهنيّاً ونفسياً لتلقّي البيان... وأفتح هنا قوساً لأقول لصديقي المذكور أعلاه، والذي كان قد أثار معي موضوعا شخصيّاً: بكلّ تواضع، أنا أتفادى على الدّوام ذِكر كوني اعتُقلت في أواخر السبعينيات في نطاق نشاط نقابي- سياسي، وكوني طُرِدت من عملي زمناً، فهذه أمور حدثتْ للكثيرين، وهي شخصية بالأساس- (وكان الشاعر عبد اللطيف اللعبي قد أشار إلى مسألة اعتقالي تلك في أنطولوجيته عن الشعر المغربي)...

المهمّ، كان رأيي - وما زال- أنّ الأَجدر، في ما يخصّ بياناً عن حراك الريف- موجهاً إلى جمهور لا تُفترض فيه بالضّرورة معرفة بالشعر والشعراء- هو أن يكون مرفقاً بصورة يظهر فيها مناضلو الريف أثناء احتجاجهم، أو صور أمهات يبدين ردود أفعالهنّ على اعتقال أبنائهن... فهؤلاء هم أصحاب الحراك، وهم الأولى بأن يكونوا رمزاً لحراكهم، وأن يُرفق أي بيان تضامني بصورهم... خاصة أن بياناً من ذلك القبيل موجه لعامة الناس وليس لنخبة من المثقفين العارفين بالشعر والشعراء... ومن باب الإضافة، أقول لصديقي المذكور أعلاه إنّ الشاعر عبد اللطيف اللعبي نفسه كان ينظر بانتقاد قويّ إلى صداقة غابرييل غارسيا ماركيز مع فيديل كاسترو، وإلى ظهوره معه، والذي سيقول إن هذا كان من باب حسده لماركيز، فهو إمّا يمارس إسقاطاً لشعوره هو إزاء الآخرين، أوأنّه ثقيل الفهم، أو هو يتغابى لغرض في نفس يعقوب... والآن، لننظر إلى الصورة المرفقة بهذه الكلمات، على بساطتها، ولنفكر: أيهما الأكثر بلاغة في التعبير عما يقصده البيان -الذي يُفترض أن يتلقاه اللامثقفون أيضاً ومتوسّطو الثقافة من أيما بلد، والذين لا يشتَرطُ فيهم معرفة شعرائنا وكتّابنا: هل هذه الصورة هي الأكثر تعبيرية بالنسبة إليهم، أم صورة لكاتب بعيد جغرافياً عن حِراك الريف وعن تظاهراته، وقد لا يعرف الكثيرون من المتلقّين المذكورين مَن هو، إثر تدني نسبة القراءة في أيامنا هذه، حتى وإن يكن كاتباً له مكانته...

لن أضيف شيئاً، كما أنّي لن أعير هذا الأمر - الثانويّ في نهاية الطاف - اهتماماً زائداً، فتوضيحاتي وااااااضحة جداااااا جدااااا، ومجرّد التفكير أكثر في هذا الموضوع أصبح يضحكني... ولِمَ الزيادة في الكلام حين يكفي الإيجاز؟ فكما يُقال عندنا: "الزيادة من رأس الأحمق"، وهو مَثل دارج أَذكُرُ أنّ عبد اللطيف اللعبي، كان قد أورده - مترجَماً طبعاً - في روايته "Le fond de la jarre"، وكنا قد تحادثنا عنهما ذات يوم في إحدى مقاهي الرباط - أعني الرواية والمثَل- وكان المرح سيّد الجلسة... 


(*) مدونة كتبها الشاعر والمترجم المغربي، مبارك وساط، في صفحته الفايسبوكية
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها