السبت 2017/04/29

آخر تحديث: 09:41 (بيروت)

حماقات "بوكرية"

السبت 2017/04/29
حماقات "بوكرية"
حمدي ابو جليل
increase حجم الخط decrease
من يتابع بعض الجدل الدائر حول "بوكر" للرواية العربية، يشعر بركاكة الخطاب الثقافي، وكم أن الرواية العربية خارج النقاش حول مضمونها وسياقها، كم ان ثمن الجائزة البسيط فضح أحوال الكتاب في البلدان العربية، واحوال منطق الهويات والوطنيات التي تسخف فكرة الأدب أولا وأخيراً، بغض النظر ان كانت رواية "موت صغير" لمحمد حسن علوان تستحق الجائزة أم لا... والشراسة في التعليقات حول "بوكر" وغيرها تطرح سؤال: هل انتجت الجوائز رواية حتى الآن، أم ما زالت في دائرة الضجيج والسياسة؟ بالطبع شجعت في كتابة الرواية، لكن بعض الذين ربحوا بوكر اعطوا الجائزة اكثر مما اعطتهم، وقلة استفادوا منها، ومجموعة ممن ربحوها لا يستحقونها، لا ضرورة للعودة اليهم الآن...

الركاكة البوكرية في موسم 2017،  بدأت من رئيسة لجنة التحكيم سحر خليفة التي اسرفت في التعليقات الفايسبوكية وكأنها ناشطة وليست رئيسة لجنة تحكيم، توجت تعليقاتها بالقول (على هامش بوكر 2017)...
الروايات التي اخترناها للقائمة القصيرة في هذه الدورة تميزت بقدرتها على الدخول في عمق الهم العربي، السياسي منه والاجتماعي، ما ظهر منه وما أبطن، وتتحدث بلسان حميم حساس، عن آلام الإنسان العربي الفرد، وأيضا الشعب، في أمة ما زالت تبحث عن بوصلتها المفقودة في زمن القهر. على أن اختيارنا لم يكن تحيزا للمضمون على حساب الشكل. ففي الأدب المتميز والراقي لا مجال للمحاباة ولا للفصل. ورواياتنا المختارة تشهد وتؤكد ذلك.
(لاحقا سأوافيكم بمختصرات لروايات القائمة القصيرة فانتظروني)...

الخطاب الايديولوجي واضح في توجهات سحر خليفة، وكأن الادب بالضرورة مهمته أن يتحدث عن "آلام الانسان" و"القهر" فحسب، والكاتب يجب أن يكون همه "الأمة العربية"... القارئ عموما يبحث عن المتعة التشويق، عن الحبكة، عن اللغة، عن الذات... قد يقرأ كونديرا وقد يقرأ ايزابيل الليندي أو موراكامي... سحر خليفة تتحفنا برومنسيتها عن "الهم العربي"، في المقابل نقرأ بعض التعليقات على الجائزة، تفوح منها رائحة الشوفينية الرثة والاتهامية الجوفاء.... كتب حمدي أبو جليل "رواية "موت صغير" الفائزة بجائزة بوكر العربية للسعودي محمد حسن علوان - رواية سلفية وهابية تتمسح بأساطير الصوفية، وبغض النظر عن الخطأ التاريخي البشع الذي لا ادري كيف مر على لجنة التحكيم وفيها الروائية المصرية المتميزة سحر الموجي وهو يخلط بين الظاهر بيبرس مؤسس دولة المماليك والسلطان بيبرس الانكشاري وبينهما قرابة الميت سنة - فإن هذه الرواية تلخص الفارق بين الرواية المصرية والرواية السعودية، وهو نفس الفارق بين المبتدئ المغلول والمجرّب الحر"... من حق أبو جليل نقد مضمون رواية علوان ومتخيلها ومستواها، لكن ما فعله صاحب "الفاعل" أنه اتحفنا باتهام الرواية بـ"السلفية والوهابية" دون تفسير او اعطاء اي دليل، الاتهام جاهز لمجرد ان علوان من السعودية. والسؤال ماذا لو ربح المصري محمد عبد النبي؟! تحدث أبو جليل عن علوان الروائي كما كان اليساريون يتحدثون عن انظمة الخليج في السبعينات... والأمر الآخر هو الحديث عن معزوفة "الرواية المصرية" و"الرواية السعودية"، كأن الرواية مجرد بطاقة هوية لهذه الدولة او تلك، أو كأن كتابة أبو جليل المصري تشبه كتابة نجيب محفوظ، أو أن روايات عبد الرحمن منيف السعودي المنفيّ، تقترب من روايات مواطنه محمد علوان؟! الرواية أشكال وألوان واجناس ولغات وليست ولاءات ودول... وفي الجوهر ولا تنفصل روايات محفوظ عبقري مصر الأول، عن بعض روايات الفرنسيين، والأمر نفسه في الرواية المكتوبة في السعودية. باختصار الرواية ليست تعبر عن الأفراد في هذا الزمن، ليس هناك وكالة لدولة من الدول بالفوز بـ"البوكر"، حتى وان كانت لجنة التحكيم ركيكة...

على أن صاحب "الفاعل" توج غضبه بتعليق فايسبوكي مستغرب"مرة قريت لكاتب روسي شهير ينصح بألا تترجمك امرأة فاعتبرته عنصري متعصب ضد النساء حتى قرأت رواية "موت صغير" التي فوّزها ثلاث نساء بجائزة بوكر العربية فعرفت انه على حق ... لا يمكن ان تمر رواية بهذه العنصرية والجهل والتعصب والعته الا على امرأة خصوصا لو كانت عربية!

والسؤال الموجه الى حمدي ابو جليل، هل أعطت لجان الـ"بوكر" المؤلفة من رجال الجائزة الى من يستحقها؟!


أبرز ما فعله أبو جليل أنه بمواقفه المتسرعة والعنصرية والشوفينية والرثة، اعطى نوعا ما شرعية لسحر خليفة، وثانياً سوّق بلغته الاتهامية لرواية "موت صغير".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها