الثلاثاء 2017/02/21

آخر تحديث: 21:32 (بيروت)

وجيه نحلة... رحيل رسام الحروفية

الثلاثاء 2017/02/21
وجيه نحلة... رحيل رسام الحروفية
increase حجم الخط decrease
نعى وزير الثقافة اللبناني غطاس خوري الفنان التشكيلي وجيه نحلة الذي وافته المنية عن عمر ناهز الـ 85 عاما. وقال الخوري في بيان: "برحيل الفنان وجيه نحلة تفقد الساحة الفنية التشكيلية احد اهم روادها الاوائل الذين عملوا على ادخال تيار الحداثة الفنية التشكيلية في لبنان، ريشة نحلة حلقت عاليا وفتحت أفاق جديدة حتى وصلت الى العالمية، لذا ستبقى لوحاته محط انظار ومرجعا لكل فنان تشكيلي في لبنان والعالم".

ولد وجيه نحلة عام 1932، وبدأ خطوط الرسم الأولى في لوحات نسخت عن بطاقات سياحية. كانت تلك هواية والده المولع بالرسم بالبودرة والزيت. بدأت موهبته تظهر في عامه الرابع تقريباً، وراحت تتبلور شيئاً فشيئاً حتى سن الثامنة، حينما اشترك في أحد معسكرات كشاف "الجراح"، حيث أقيمت مباراة فنية كبيرة على مستوى الكشافة في العالم، وكان موضوعها التعبير من خلال الرسم عن المراحل الكشفية، فجاءت النتيجة مبهرة بالنسبة للجنة التي اطّلعت على ثلاث لوحات قدّمها نحلة في المسابقة، فأعجبت بالخيال الفني الضخم لهذا الطفل الذي تفاجأ بدوره بعد ثلاثة أشهر بخبر فوزه يملأ الصحف تحت عنوان: "الكشاف الصغير وجيه نحلة يفوز بالجائزة الأولى عالمياً".‏

وكان ابن الثماني سنوات يراقب الفنان مصطفى فروخ ولفترة طويلة من شباك محترفه، إلى أن لاحظ فروخ شغف الولد بالرسم واكتشف موهبته الإبداعية من خلال رسوماته البسيطة، وهكذا، تتلمذ نحلة على يده وأخذ عنه الثقافة الفنية والمهارة والحرفية، حتى بات ملماً بفنّ الرسم إلماماً تاماً... هو بدأ إنطباعياً وعن هذه المرحلة يقول "لم تكن المرحلة الإنطباعية لتدوم عندي بعد العام 1957، إذ رحل مصطفى فروخ الذي أسر الى قبيل رحيله، وكان عاد من باريس نقولا النهار وجان خليفة وإيلي كنعان ورفيق شرف بمدرسة تجريدية نوعاً ما في الفن التشكيلي"، يومها قال له فروخ "عندك نورانية هذا الشرق فتش عليها". من أهم مراحل حياته الفنية التي يتوقف عندها وجيه نحلة، هي المرحلة التي استطاع فيها الوصول إلى الإبداعية من خلال الحروف، ويقول: "يتميّز الحرف العربي بخصوصية سموّه الروحي، انه حرف روحاني للتشكيل وإعادة الصياغة".‏

بحسب النقاد، أعمال وجيه نحلة تؤرخ لمرحلة كونية تمتد لأكثر من أربعين عاماً، وهي تأخذ الرائي إلى عالم نوراني صافٍ تتداعى فيه الرموز وترمي حالاتها على فواصل الزمان والمكان، فهو يقدم المرأة الأنثى كما يقول في حالاتها الطهرانية الصوفانية والحصان الجامح المتوهج بين نيران مائجة من الألوان النارية والفسفورية والزرقاء والخضراء وزهرة اللوتس والنرجس التي تشبه تشريحاً جسد المرأة وانفعالات الولادة المعبرة عن كينونة الإنسان. بعض أعمال هذا الفنان تشبه المقامات، واللون سمة أساسية نابعة من عروج ومخيلة وهوس وإشارات ترميزية ونصوص فيروزية يشرحها مثيراً بأنها: "حالة من التوهج اللوني والنورانية الداخلية وإنسيابية الإيقاع الموسيقي في الحركة والتأليف لبناء اللوحة، فتختلج نشوة الخيال بتلقائية تعبيرية تفوق حدود التصور وأطر المقاييس والأساليب غنها مرحلة زهور النضج الذاتي وإختمار الذوق والتجربة والثقافة اللونية الرفيعة".


يعتبر وجيه نحلة نفسه مؤسس المدرسة الحروفية إلى جانب الرسم التشكيلي: "أنا أول فنان عربي بدأ بهذه المدرسة والتي تختصر بفلسفة الحرف النوراني، كما وأخوض في فن الزخرفة العربية مجال الخط العربي بأسلوبي الخاص، فأجعله يخرج عن قواعده ويتحرك".‏ إلى جانب مدرسة الحروفية الخاصة به، هناك مدرسة "الحركة واللون" يقول: "أردت الوصول إلى مستوى رفيع من التقنية التشكيلية والى حالة من الصوفية النورانية وشفافية اللون غير المسبوقة".‏ وهو يرى أن "هناك علاقة وطيدة بين الألوان والنفس البشرية: كلما ازداد احساس الفنان باللون كلما أصبحت لوحاته تحمل لمسات صافية ونورانية، لأنه اولاً وأخيراً يعبّر عما بداخله من تآلف وصراع في المشاعر والأحاسيس".‏

وفي التسعينيات، طبع اللون الأزرق ومشتقاته أكثر لوحاته، لكنّه لم يتخل عن الحرف. صارت لوحاته مهرجانات من  ألوان متوهجة، نورانية.



على مدى 60 سنة، رسم آلاف اللّوحات التي تنتمي إلى مدارس ومذاهب وأنواع تشكيلية عديدة، وحضرت لوحاته بقوة في بعض القصور الملكية العربية، وكانت اعماله تباع بأثمان باهظة قبل ان تدخل اللوحات العربية في المزادات...

وجيه نحلة حاصل على العديد من الجوائز مثل جائزة وزارة التربية الوطنية عام 1965 وجائزة الغران باليه في باريس وجائزة متحف متروبو لبنان في نيويورك، إضافة إلى وسام الاستحقاق اللبناني للآداب والفنون وغيرها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها