الأحد 2017/10/15

آخر تحديث: 12:27 (بيروت)

شعراء داخل أسوار الكنيسة

الأحد 2017/10/15
شعراء داخل أسوار الكنيسة
الشعر أكبر من أن يحدد فهو لحظات انفعالية
increase حجم الخط decrease

داخل كل مجتمع فنونه، والكنيسة مجتمع يضم عدة فنون وبعض الموهوبين، وأيضا للكنيسة القبطية عدد من الشعراء، لكن موهبتهم هي "الشعر المسيحي" ولا يستهويهم غيره، فمشاعرهم وكلماتهم تخص الكنيسة والله ومدائح القديسين، ودائما تهتم الكنيسة بتطوير الشعر القبطي بين أتباعها، فتنظم الكنائس عدة مهرجانات يتنافس فيها الشعراء الأقباط مثل مهرجان الكرازة المرقصية، ومهرجان الأسر الجامعية والذي يتنافس فيه طلاب الجامعات المسيحيين من مختلف الكليات، بالإضافة للمهرجانات والمسابقات التي تنظمها الكنائس التي تجمعها منطقة أو قرية واحدة ويتنافس بها كافة الأعمار. 

ومن أبرز شعراء الكنيسة الأرثوذكسية هو البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة المرقصية، وكان معروفاً بأنه يجيد فن إلقاء الشعر، حيث كانت من بواكير قصائده ما كتبه عن رحيل أمه، وكتبها في السادسة عشرة من عمره، اذ قال: "أحقًا كان لي أم فماتت أم أني خلقت بغير أم؟ رماني الله في الدنيا غريبًا أحلق في فضاءٍ مدلهم وأسأل يا زماني أين حظي بأخت أو بخال أو بعم؟".


وكتب البابا شنودة الثالث عن حياة الرهبنة قائلاً: "أنا في البيداء وحدي، ليس لي شأن بغيري، لي جحرُ في شقوق التل، قد أخفيت جحري وسأمضي منه يوماً ساكنا ما لست أدري سائحاً أجتاز في الصحراء من قفر لقفر ليس لي دير فكل البيد والآكام ديري" . وتوثق الكنيسة سير القديسين دائما في آبيات شعر تسمى مدائح، حيث ورثت الكنيسة مدائح لقديسين قدامى، وأيضا توثق الكنيسة سير شهدائها الذين قُتلوا في حوادث إرهابية مثل مديح شهداء كنيسة مار جرجس طنطا والتي تم تفجيرها، وتُوضع قصيدة المديح أمام قبورهم ليرددها الزوار..

وداخل الكنيسة هناك قائمة لأبرز الشعراء المعروفين، من بينهم الشاعر رمزي بشارة، وهو صاحب عدد من القصائد والتي تُرجم غالبيتها لترانيم روحية، يقول بشارة لــ"المدن": "أن الشبان المسيحيين لديهم بعض الاهتمام بالشعر وقواعده، وهناك كنائس تنظم دورات للشعر  وشاركت في هذه الدورات لتعليم الشباب قواعد كتابة الشعر في عدد من الكنائس مثل أكاديمية الموهوبين في المنيا، ونظمت مسابقة بحر التسبيح ليتنافس فيها الشعراء المسيحيين". ويضيف بشارة: "إن الشعر داخل الكنيسة له مكانة كبيرة، فالشعراء يشاركون في كتابة الترانيم المسيحية ومدائح القديسين، فمثلا شاركت في كتابة ترانيم ومدائح فيلم "نسر البرية" للقديس الراهب فلتاؤس البرموسي".

ويعتبر بشارة "أن الشعر الروحي يلزم صاحبه بأن يدرس اللاهوت، ويطلع بشكل دائم على الأمور الكنسية بجانب إجادته لقواعد الشعر، فهناك أديرة تطلب مني كتابة مدائح للقديسين، ويجب أن تكون تلك المدائح صحيحة من الناحية اللغوية والروحية وتتميز بالإبداع لأنها تتوارثها الأجيال ويرددها محبو القديس وزوار الدير". ويقول بشارة، "أن دور النشر المسيحية لا تهتم بطباعة كتب للشعراء وتتعامل مع الشعراء الأقباط دون تقدير مادي لهم". وبحسب بشارة فقد خرجت "كتابة الشعر الروحي والترانيم المسيحية من إطار الهوية إلى الاحتراف، فهناك مكاسب مادية للشاعر الموهوب من خلال استغلال الوسائل التكنولوجية في الترويج لأعماله".

ويتحدث إبرام لويس، مسؤول النشاط الفني والثقافي لمهرجان الأسر الجامعية عن مسابقة الشعر في الكنيسة، قائلا: "أن الكنيسة تربي أبناءها على حب الشعر وتشجعهم على تطوير تلك الموهبة من خلال مسابقات تنظمها بين الشعراء الأقباط، ففي مهرجان الأسر الجامعية يتنافس طلاب الجامعات في الشعر، ولا يشترط في تلك المسابقة أن يكون الشعر روحيا لأن اختيار موضوع القصيدة يجب أن يكون متروكا للمتسابق، وتكون لجان التحكيم من شعراء مسيحيين معروفين ودارسين لقواعد الكتابة والشعر واللغة، والفائز في مسابقة الشعر يحصل على كأس وإذا أوصت لجنة التحكيم بنشر شعره فنحاول أن ننشر القصائد الفائزة في الصحف".

ويكمل لويس "ان الكنيسة لا تكتفي بالمسابقات لكن تنظم دورات لتعليم قواعد الشعر وهناك إقبال عليها، وهذه الدورات نجحت في إعداد أجيال موهوبة في الشعر، وكثيرون منهم صدرت  قصائدهم ضمن دواوين، وهناك محاولات للتعاون مع وزارة الثقافة لرعاية تلك الدورات والاهتمام بالشعراء الموهوبين داخل الكنيسة".

ويقول مكاريوس أيمن، الفائز بالمركز الأول في مسابقة الشعر في مهرجان الأسر الجامعية عام 2016: "إن دورات الشعر التي تنظمها الكنيسة، كانت بداية اهتمامي بالشعر، لكن تطوير الموهبة يحتاج إلى دورات أكثر احترافية خارج الكنيسة". ويضيف "انه فاز بالمركز الأول في العام الماضي بقصائد شعر غير روحية، فالشعر أكبر من أن يحدد فهو لحظات انفعالية تترجم بكلمات معبرة عن صاحبها". ويوضح "أن المشكلة التي تواجه الشعراء داخل الكنيسة، هي عدم الترويج لقصائدهم، فهم ينافسون بعضهم بعضاً دون أن تنشر أعمالهم على نطاق واسع".

ومن القصائد الروحية التي كتبها مكاريوس أيمن، وفاز بها في إحدى المسابقات الكنسية هي  قصيدة "كنت أرى الله": كنت أرى في وجهٍ جافْ طرحَ زهرةً خضراءَ... خضراءْ..

من رمادِ السحبْ كم كنت عاشقًا!.. كنت أرى الله في هواجسِ شاعرٍ لونَ بالكناياتِ البكاءْ فخطَ الكتبْ كم كنت مراهقا!... كنت أرى الله.. في جهنمِ القنديل.. سربَ الحمامِ الذي جاء في  بعض الخطبْ كم كنت مدققا!.. كنت أرى الله رحلةً من الروتينِ إلى العلا.. فعشقت كثيرًا الطائرةْ ولم أصدق أنه.. رحلة منيّ إليّ كم كنت عائقًا!".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها