الجمعة 2015/04/17

آخر تحديث: 13:53 (بيروت)

إرفع رأسك ايها الشاعر المصري

الجمعة 2015/04/17
إرفع رأسك ايها الشاعر المصري
بورتريـه الشاعـر الفقيـر.. للفنان الألمـاني كـارل شبـيتــزوغ
increase حجم الخط decrease
طالعت وبكثير من الأسف، خبراً صحافياً قبل أيام يعلن عن مشاركة الشاعرين المصريين فلان الفلاني وفلانة الفلانية، في المهرجان الفلاني الذي سيقام قريباً في الدولة العربية الفلانية، اندهشت وأسفت لأن المشاركة السابقة للشاعرين الفلانيين نفسيهما قبل أشهر في أحد المهرجانات الشعرية بالولايات المتحدة الأميركية، أثارت كثيراً من الجدل وقتها بين الشعراء المصريين، حيث تساءل البعض عن المبررات التي تم على أساسها اختيار هذين "الفلانيين" دون غيرهما للمشاركة في هذه الفعالية الشعرية، وحين جاء الرد  كان مفاده أن: "لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة في مصر هي التي اختارت هذين الفلانيين للمشاركة"، وبالطبع ليس هناك أية تفاصيل زائدة عن هذا "الإعلان"، و.. "اضربوا راسكم في الحيط".


ولأني - ولله الحمد - لست عضواً في اتحاد كتاب مصر.. ولن أكون، ولست ممن يُحسبون عند "لجنة الشِّعر" المبجلة من الشعراء.. ولن أكون - اللجنة التي تملك التفويض المطلق في اختيار فلان الفلاني ذاته وفلانة الفلانية ذاتها للمشاركة في فعالية شعرية أجنبية أو عربية مرتين متتاليتين – وبالتالي فليس لي في ما سأقوله هنا سوى منفعة قول الحق، والحق أحق أن يتبع - والحمد لله أنني أشارك في المهرجانات الشعرية العربية والعالمية بطريقة أكثر احتراماً من طريقة تزكية اسمي من قبل "لجنة الشِّعر" بالمجلس الأعلى للثقافة - ما أريد قوله هو أنه: يتم اليوم دعوة الشاعرين الفلانيين نفسيهما للمشاركة في فعالية شعرية عربية هذه المرة بعدما كانت أميركية المرة الماضية، وأعرف أن الضجة ستثار من جديد، ومن جديد سيثار غبار المناقشات والاعتراضات، ومن جديد ستثار الاتهامات بالحقد والحسد والغيرة و: "انت قارش ملحتي".. و:"انت سمّاوي" و:"يا بااااي عليه.. قال وبيقول عن نفسه شاعر؟!".

عزيزي الشاعر المصري الطامح إلى تمثيل بلادك في مهرجانات الشعر العالمية، عزيزتي الشاعرة المصرية الطامحة إلى رفع اسم وطنك في المحافل الدولية، الأمر أبسط من ذلك بكثير، لا تهتم بالعداءات ولا تخلقها لنفسك، كن طيباً مع الجميع، دمثاً ومؤدباً وطرياً وليناً ومطواعاً، جامل جميع الأطراف تكسب، ويا حبذا لو كنت في موقع سلطة ثقافية لها تأثيرها لتتمكن من الإحاطة بالأمر من أطرافه المختلفة، الإعلامية والفوتوغرافية والسينمائية، بين يديك، احتكر   ما يمكن لك احتكاره من مهرجانات على حساب أقرانك، مجايليك، ألم يصل إليك نبأ الشاعر المصري الظاهرة الذي لا يفوِّت سنة إلا ويشارك في أحد مهرجانات بلدان أميركا اللاتينية؟ وعلى نفقته الخاصة؟! ولأني أعرف القليل عن العوالم السفلية لبعض هذه المهرجانات أحب أن أقول لك عزيزي الشاعر المصري الطامح إلى تمثيل بلادك في مهرجانات الشعر العالمية، عزيزتي الشاعرة المصرية الطامحة إلى رفع اسم وطنك في المحافل الدولية، أنه: أغلب مهرجانات الشعر العالمية في أميركا اللاتينية لا تدفع نفقات السفر، يعني "معاك.. هتسافر، ما معكش.. ما يلزمكش"، وبالتالي لا عزاء للحقيقيين الذين لا يقدرون، هؤلاء المبعدين أصلاً عن الصورة، ولذلك أحب أن أهمس في أذن لجنة الشِّعر الموقرة بالمجلس الأعلى للثقافة بكلمتين: "ألم تجدوا - رحمكم الله - غير فلان الفلاني نفسه وفلانة الفلانية ذاتها ليسافرا من جديد إلى مهرجان شعري؟ يا أخي بُص حواليك، ستجد أسماء أخرى ربما أحق والله، أسماء ربما بعد مشوارها الطويل مع الكتابة تحتاج إلى لفتة تقدير، ربتة امتنان لجهد أصحابها ودأبهم كل هذه السنوات التي قضوها يحفرون خلف أحلامهم، هناك عشرات الأسماء التي تستحق مثل هذه المشاركة في أجيال السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات وما تلاها من جيل بدأ يتشكل وتتضح أصواته، لماذا يتم تكرار الاسمين ذاتهما؟ هل خلت مصر من الشعراء؟ ألم ترَ "لجنة الشِّعر" الموقرة غير هذين الاسمين؟!

وللحقيقة أقول: أغلب المهرجانات الشعرية التي شاركت بها تمت باقتراح اسمي من قبل شعراء آخرين، باستثناء مشاركتي الأولى في مهرجان الشعر العالمي في روتردام 2005، والذي تمت دعوتي إليه بعد إطلاع إدارة المهرجان على عدة قصائد لي ترجمت إلى الإنكليزية ونشرت في مجلة بانيبال في العام 2004، لكنني اكتشفت مع الوقت أن أغلب المهرجانات الشعرية العالمية  - وخاصة في أميركا اللاتينية - تتوجه بالسؤال إلى الشعراء المشاركين لاقتراح أسماء شعراء آخرين للمشاركة في الدورات المقبلة للمهرجان ذاته، من هنا مثلاً فوجئت في العام 2010 بدعوة من مهرجان الشعر العالمي في نيكاراغوا للمشاركة في دورته الـتي أقيمت في فبراير 2011، وتحيَّرت كثيراً وقتها في كيفية توجيه مثل هذه الدعوة لي، وبدأت حينها تراودني أفكار مغرورة من قبيل "والله وبقينا شعراء عالميين يا جدع".. و"هأوو.. أمال ياااابا.. هو انت فاكرنا بنلعب والا إيه؟!"، حتى عرفت أن الشاعر السوري الكردي الصديق حسين حبش هو من اقترح اسمي على إدارة المهرجان ومن ثم وجهوا الدعوة لي - وأنا الذي لم أكن وقتها رأيت حسين حبش من قبل - الأمر ذاته حين شاركت في مهرجان الشعر العالمي في رومانيا وحينها عرفت أن الصديق الشاعر والروائي المصري السوداني طارق الطيب هو من اقترح اسمي على إدارة المهرجان، ومن ثم وجهت لي الدعوة للحضور، كذلك جاءت مشاركتي في مهرجان الشعر العالمي في لاتفيا سنة 2009، حين دعاني إليه أحد الشعراء اللاتفيين الذين شاركوني مهرجان الشعر العالمي في روتردام 2005، إذن وبحسبة بسيطة، خذها مني حكمة: "مهرجان واحد تشارك فيه.. وهتنفتح قدامك الليلة يا عم".

في الوقت ذاته، كنت حينما أشارك في واحد من هذه المهرجانات الشعرية العالمية، أُسأل بعدها من إدارة المهرجان لاقتراح أسماء أراها أحق بالمشاركة في المهرجان ذاته في سنواته المقبلة، وكنت أقترح أسماء من أراهم الأحق بالمشاركة من وجهة نظري الشخصية، وعادة ما كانت الأسماء التي أقترحها سبعة أو ثمانية أسماء، سواء مصريين أو عرباً، وكنت أفرح حين أجد إسماً ما من هذه الأسماء التي اقترحتها استطاع أن يلبي الدعوة وأن يشارك في المهرجان، فرحة أن هذا الشخص يملك موهبة تميزّه عن الآخرين، وله أن يخرج بصوته إلى لغات أخرى، محبّة في الشِّعر الحقيقي ومحبّة للكلمة في مطلقها، وليس تزكية لهذا أو تفضيلاً لذاك، كنت أحكّم ضميري وقناعاتي الأدبية والشعرية والإنسانية، ولا أترك نفسي لمحاباة صديق أو مجاملة صديقة.

ما أريد أن أخلص إليه هنا، شيء صغير، شيء بسيط، شيء إنساني، على الشاعر الحقيقي ألا يدوس الآخرين في طريقه إلى سلم المجد – وأي مجد؟! - ترفّق بنا يا شاعر، فلكي تكون شاعراً حقيقياً عليك أولاً أن تكون إنساناً حقيقياً، قل بينك وبين نفسك: أنا إنسان، ولست حيواناً، كي أنهش كل اللحم لي، وأترك الآخرين جياعاً! كن إنساناً و"انكسف على دمك يا أخي".. عيب!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها