الإثنين 2015/12/28

آخر تحديث: 13:51 (بيروت)

12 فيلماً صنعت 2015

الإثنين 2015/12/28
12 فيلماً صنعت 2015
عامٌ آخر يمضي تاركاً خلفه يماً وفيراً من الأفلام والصور والمَشاهد التي ستفرزها الذاكرة لاحقاً بين آني وأبدي.
increase حجم الخط decrease
عامٌ آخر يمضي تاركاً خلفه يمّاً وفيراً من الأفلام والصور والمَشاهد التي ستفرزها الذاكرة لاحقاً بين آني وأبدي. ما هي الأفلام التي ستبقى ماثلة في السنين المقبلة وتدخل معبد السينما؟ نحتاج من الوقت الكثير للإجابة على هذا السؤال، إلا أنّ بعض الأفلام لها، منذ الآن، تأثيرٌ بالغ في النفوس، ولعلّها لم تفارقنا منذ لحظة اكتشافنا لها، بل فرضت نفسها باصرار، وخطفت القلوب والعقول والأحاسيس بلا جهد يُذكر. عبر جولاتنا في المهرجانات الدولية (كانّ، فينيسيا، برلين، إلخ) ومشاهداتنا في الصالات التجارية، وعبر اكتشافات سينمائية كثيرة طوال الأشهر الماضية، تأكّد لنا من جملة ما تأكّد، أنّ السينما لا تزال وسيطاً حيّاً، وهي جامعة الفنون وأكثرها نشاطاً وتعبيراً عن العالم الذي نصارع فيه، سواء بجماله أو بشاعته، بعظمته أو انحطاطه. لا تدّعي القائمة الآتية أنّ الأفلام المختارة وحدها هي الأفلام الجيدة في عام كان ثرياً سينمائياً، فالقائمة مفتوحة على المزيد من العناوين بل وتعي ذاتية اللعبة. كلّ ما في الأمر أنّ هذه لائحة بأفلام لم يكن ليستقيم عامنا السينمائي من دونها. يبقى أنّ الأهم من هذا كلّه، هو حبّ الاكتشاف والفضول والمعرفة ليغدو الحلم من خلال الشاشة ملكنا جميعاً.  


”ابن شاوول” للازلو نَمَس:
إذا أخذنا في الحسبان كلّ الاعتبارات الفنية والجمالية والفكرية، يمكن اعتبار “ابن شاوول”، فيلم العام بلا منافس. عندما عُرض في مسابقة مهرجان كانّ الماضي، حيث فاز بـ”الجائزة الكبرى”، لا أحد سوى مديره الفني تييري فريمو كان يتوقّع أن يغزو هذا الفيلم العالم، وصولاً الى دخوله “قائمة التسعة” لجائزة “أوسكار” أفضل فيلم أجنبي. المجري نَمَس، البالغ من العمر ٣٨ سنة، تعلّم الإخراج تحت يد بيلا تار، بيد أنّ “تعال وشاهد” لاليم كليموف هو الذي ألهمه في تحفته الصاعقة التي تحملنا الى أوشفيتز العام ١٩٤٤، ليضعنا داخل محرقة نازية حيث سنقتفي طوال مدة الفيلم أثر شاوول (غيزا روريغ)، أحد أفراد فرقة الـ”سوندركوماندو” اليهودية المكلفة التخلص من جثث الضحايا المحروقة. شاوول في كلّ الكادرات، الكاميرا لا تفارقه في بحثه غير المجدي عن حاخام يصلي على جثة ابنه الذي يريد له مصيراً أكثر عدلاً. الأجواء “كلوستروفوبية” والشريط الصوتي مشبع بالتفاصيل القاسية التي تشغل المخيلة وتزجنا في جحيم قيل طويلاً أنها غير قابلة للتجسيد. يتبنى “ابن شاوول” موقفاً سجالياً مغايراً من المحرقة، رافضاً الاتيان بصورة سينمائية جميلة عن فاجعة إنسانية، وطاوياً صفحة التاريخ الطويل من أفلام الهولوكوست التي تعاملت مع الناجين بدلاً من الضحايا.

”الزرّ اللؤلؤة” لباتريسيو غوزمان:
الانقلاب العسكري في التشيلي لا يزال يطارد المخرج التشيلياني الكبير باتريسيو غوزمان الذي قدّم هذه السنة واحداً من أروع الأعمال الوثائقية، “الزرّ اللؤلؤة”، الفائز في مهرجان برلين بجائزة أفضل سيناريو. مرافعة ضد النسيان يأتينا بها صاحب “معركة التشيلي”، يوظف فيها خياله النابض بالتاريخ والثقافة والفكر، فلا عجب والحال هذه إن وجدنا أنفسنا نتقلب بين الأمكنة والأزمنة، بدءاً من الفضاء والنجوم وصولاً إلى المياه، ضمن توليفة “غوزمانية” بامتياز. هذا كله بلا أي رابط “منطقي” بينها، سوى “منطق” المخرج الذي يفرض فكره الإخراجي ببراعة. ينطلق غوزمان من نظرية العالِم الألماني تيودور شفينك عن كون المياه تمتلك ذاكرة. فماذا لو يختبئ تاريخ التشيلي في مياهها؟ من قعر المحيط، ينتشل فريق غوزمان ما تبقى من ضحايا الانقلاب، طارحاً التاريخ من وجهة نظر الخاسرين المنبوذين، أولئك الذين لا صدى لصوتهم. 
 

”أنوماليزا” لتشارلي كوفمان ودوك جونسون:
أحد أكثر الأفلام غرابة هذه السنة، هو عمل تحريكي للراشدين، أنجزه تشارلي كوفمان ودوك جونسون بتقنية الـ"ستوب موشن”، وعملا عليه مدة ثلاث سنوات، ليفوز في النهاية بجائزة "لجنة التحكيم الكبرى” في مهرجان البندقية السينمائي الأخير. ولكن رغم هذه الجائزة، سيُطرح الفيلم في عدد محدود من الصالات. يوفر “أنوماليزا” تجربة مشاهدة ممتعة، ذلك أنّ مشهديته تتبنّى صحّة المشاعر وواقعية السلوك الآدمي. قد يسأل المُشاهد لِمَ لجأ مخرج “سينيكدوك، نيويورك” إلى التحريك، إلا أنّ الجواب على هذا السؤال في داخل الفيلم نفسه. هذا عمل يزعزع العقل ويسحق القلب، جراء الحساسية التي يتسلح بها ليروي أزمة رجل خمسيني (صوت ديفيد ثيوليس) في تعاطيه مع الحبّ والجنس وكلّ ما يتراكم يومياً فوق الصليب الذي يحمله على ظهره. نصّ بديع عن الأقنعة ومكننة الإنسان في الزمن الراهن. 

”فيكتوريا” لسيباستيان شيبر:
مخطئ مَن يعتقد أنّ قيمة فيلم سيباستيان شيبر تستند إلى كونه مصوّراً فعلاً بلقطة واحدة (بعد تكرارها مرتين، كانت الثالثة النسخة التي اعتمدها المخرج). فنحن هنا أمام نصّ رصين، متماسك، ولا شكّ مستفزّ قليلاً، يصوّر التحركات الليلية لزمرة شباب يورّطون شابة اسبانية في مغامرتهم الليلة، فتنتهي الجولة كلها بنحو ندعكم تتلذذون بكل شذراته. فالأمر، مرة أخرى، يتعلق باللذة، وإنما نوع نادر من اللذة الذي تتوافر فيه كلّ شروط السينما الكبيرة، من التشويق المحكم فالتوتر والخيبة، إلى الترقب المتصاعد الذي يصل الى ذروته في المَشاهد الأخيرة. طبعاً، لا يمكن عزل المشروع الجبار بأكلمه عن النحو الذي صُوِّر به، فالاستمرارية في التقاط المَشاهد تضمن أيضاً بطريقة أو بأخرى وحدة المشاعر، تماسك الحجة، ربط الإيقاع. ما يبدأ بتسكّع وصعلكة في شوارع برلين ضمن فيلم يبدو لوهلة بلا هدف واضح، يتحوّل شيئاً فشيئاً الى فيلم “جانر” عند بزوغ الفجر. بنصّه المائل إلى الواقعية الفجة، يصوّر شيبر النزول التدريجي الى الحجيم، مقارباً موضوعاً هو الأشد كلاسيكية في السينما: انزلاق الخير في أحضان الشر. 
 


"موستانغ” لدنيز غمزة ايرغوفان:
فيلم آخر شكل مفاجأة كبيرة هذه السنة، حدّ أنّ فرنسا رشّحته لـ”أوسكار” أفضل فيلم أجنبي، متجاهلة أفلاماً فرنسية مهمة، علماً أنّ مخرجته تركية الأصل. نتعرّف إلى خمس مراهقات، تراوح أعمارهن ما بين الـ١٢ والـ١٦، يعشن ويتلقين تربيتهن في احد الأرياف التركية. تبدأ الحوادث مع آخر يوم للعام الدراسي واكتشاف جدتهن بأنهن أمضين بعد الظهر مع رفاقهن على شاطئ البحر. منذ تلك اللحظة، سنرافق البنات في يومياتهن التي تكشف النقاب عن لعنة أن يولد المرء أنثى في بقعة جغرافية لا تزال ترزح تحت المفاهيم السلطوية الذكورية المغلوطة. في هذه البيئة الظالمة والقمعية، نشأت المخرجة ايرغوفان قبل أن تحوّل تجربتها الشخصية إلى فيلم رشيق وجذاب، أقل ما يقال فيه أنّ القلب يهتف له من خلال معالجته الذكية للطفولة المسروقة. عمل جريء وحسيّ بالفطرة، يفتح ملفاً نائماً في جوارير السينما الشرق الأوسطية، ويجدّد أسئلة معلقة حول الشرف والحرية والكرامة البشرية.

”سيكاريو” لدوني فيلنوف:
فيلم بديع بكلّ تفاصيله الدرامية والإخراجية والبصرية (تصوير روجر ديكنز). إنه ثالث عمل ينفّذه المخرج الكندي دوني فيلنوف، صاحب “حرائق”، في الولايات المتحدة. عُرض “سيكاريو” في مسابقة مهرجان كانّ، وخرج منها بلا جائزة. في رأينا، كان يستحقّ جائزة الإخراج. يقارب نصّ فيلنوف مسألة كارتيلات المخدرات في المكسيك، بثقة عالية في الذات وبرؤية شخصية لم يتراجع عنها المخرج على الرغم من الموازنة الكبيرة والضغوط الإنتاجية التي طالبته في فترة من الفترات بالاستغناء عن البطلة المشككة بأخلاقيات المهمة الموكلة إليها، لمصلحة بطل تقليدي. يقدم فيلنوف عملاً مرجعياً عن المخدرات والمتاجرة بها، فاضحاً التورّط المنظّم فيها لمن يُفترض أنّهم يحمون الناس منها. يُذكّر الفيلم بعض الشيء بـ"ترافيك" لستيفن سادربرغ. هناك إيقاع ممسوك، تشويق يخطف الأنفاس ولحظات باهرة تخرجنا من السياق التقليدي للفيلم الهوليوودي. 
 
 

“جسر الجواسيس” لستيفن سبيلبرغ:
عودة سبيلبرغ بعد “لينكولن” جدّ موفقة. “جسر الجواسيس”، عملٌ ممتع ومفيد في آن، يفتح فيه صاحب “لائحة شندلر” صفحة الحرب الباردة والتجسّس وتبادل الأسرى بين روسيا والولايات المتحدة وعدد من الروايات المرتبطة بتلك الحقبة. إذا كان مجمل الفيلم “فوردياً” (نسبة الى جون فورد)، في كيفية خلق مَشاهد تكفي في ذاتها لقول الكثير، فيمكن القول عن السيناريو الذي وضعه الأخوان كووين بأنّه يحذو حذو فرانك كابرا. نحن هنا، في عمق أميركا، أميركا الوطنية التي تعاقب، أميركا العائلة النموذجية والمنازل مع باحة خارجية. يختزل الفيلم بلداً كاملاً بنصوصه التأسيسية وألاعيبه وأحاديته من خلال شخصية المحامي المختلف الذي يرفض الحلول السهلة ويفاوض الروس في عملية استبدال طيار أميركي مختطف بجاسوس روسيّ (الرائع مارك رايلانس). مختفياً قدر الإمكان خلف توم هانكس الذي تسلّق مرة أخرى الى ذروة فنّه بصوته “الكرتوني” ونظرته التائهة القلقة وهذا التظاهر الأبدي الذي لديه بأنّه ينفذ المهمة رغماً عنه، قدّم سبيلبرغ فيلماً يُعتبر رحلة الى حقبة ولّت، ولكن تبقى دلالاتها السياسية والاجتماعية قائمة. وتتجلى بصمة الأخوين كووين عبر الحوارات الطريفة الخفيفة، فيما ضوء يانوش كامينسكي منح الفيلم دفئاً في زمن الحرب الباردة.

”ثلاث ذكريات من شبابي” لآرنو دبلشان:
أحدث الفيلم مهاترات في فرنسا بعدما تجاهلته المسابقة الرسمية لمهرجان كانّ، فعُرض في “أسبوعا المخرجين”، القسم الموازي للتشكيلة الرسمية. دبلشان، أحد أهم السينمائيين الفرنسيين، قدم فيلماً ملحمياً عن الحبّ والصداقات والطموح والفناء، مختاراً سبعينات القرن الماضي مسرحاً للحوادث. بول ديدالوس الذي تعرّفنا إليه في “كيف تعاركتُ” لدبلشان نفسه، يعود ويطلّ هذه المرة وهو يرى حياته تبتعد وذكرياته تتبدد وأصحابه يتخلون عنه. إنها المراهقة بنبرة تراجيدية حيث القلق يطغى على سائر الأحاسيس الإنسانية. يأتي الفيلم بصيغة على شكل “لو”، مواجهاً فكرة الحيوات العديدة التي لم تُعش. لا فارق كبيراً ما بين المخرج وشخصيته التي يتماهى معها تماماً، فتتولد من هذا كله توليفة ممتعة نتنقل فيها من الاتحاد السوفياتي الى إسرائيل فجدار برلين، ودائماً مع هذا البحث القدري عن السعادة. 

 

”فرنكوفونيا” لألكسندر سوكوروف:
سوكوروف يحلم بأوروبا محولاً سفينة محملة بالتحف والآثار استعارة للقارة العجوز. لا مشكلة في هذه الاستعارة لولا أنّ السفينة المذكورة تصارع أمواجاً ضخمة تتلاطم عليها. طبعاً، “اللبيب من الإشارة يفهم” معنى الصورة، إلا أنّ صاحب “فاوست” لا يكتفي بالإشارة، بل يأخذنا إلى الحرب العالمية الثانية، أيام الاحتلال النازي لباريس، لنخترق جدران متحف اللوفر الفرنسي بحركات كاميرا شاعرية، ونجد أنفسنا أمام كوكتيل من الأفكار الفذّة والخواطر التاريخية. بحنين مقترن بواقعية، يصور سوكوروف المفاوضات التي تجري بين مدير المتحف الفرنسي والضابط النازي، لإنقاذ مقتنيات اللوفر. ينتهي الفيلم البديع هذا باستنتاج سياسي فلسفي ثقافي عن الفنّ والإنسان والسلطة في أوروبا المترنّحة ما بين خطايا ماضيها واستقرار حاضرها. بإطلالة على التاريخ وقراءة للواقع الأوروبي، يؤكد سوكوروف بأنه أحد المفكرين المتنوّرين في روسيا، الملمّين بالموضوع الذي يغورون في تفاصيله. في حين تذكّرنا ماريان، رمز الثورة الفرنسية، بشعار الجمهورية "حرية، مساواة، أخوة”، يلقي المعلم نفسه في عصر النهضة، حيث صعودٌ وهبوطٌ مستمران، عظمة وانحطاط بلا توقف. 
منذ أفلامه الأولى، كانت ثمة كيمياء بيننا وبين تود هاينز. هذه العلاقة الإيجابية تعمّقت عبر السنين، مثلما تعمّق الإعجاب بمخرج "فلفَت غولدماين”، الذي قال في درس سينمائي أخير في روما إنّ الاستقلالية عنده نمط تفكير أكثر من كونها ظروف إنتاج. “متمهلٌ في العمل، دقيق، قنّاص عواطف”، هذا ما كتبتُ عن فيلمه “كارول” بعد خروجي من عرضه الأول في مهرجان كانّ حيث شارك في المسابقة الرسمية. من خلال نصّ بسيط المضمون وطَموح المعالجة، يفكك هاينز أخلاقيات المجتمع الأميركي في خمسينات القرن الفائت. علاقة سحاقية بين المرأة الغنية كارول (كايت بلانشيت) وتيريز (روني مارا التي نالت عن دورها هذا جائزة التمثيل في كانّ)، تفضي إلى فيلم رومنطيقي يتسلّق به هاينز إلى قمة الكلاسيكية الهوليوودية، ولا يغيب عنه الانفعال ولا الجمال، لا بل يولد من تلقاء ذاته أمام كاميرا فنان استثنائي يعرف كيف يصوّر المرأة. 


 
”القاتلة” لهو شياو شيين:
ورد الفيلم في أغلب قوائم النقّاد كواحد من أفضل أفلام العام ٢٠١٥، وهو بالفعل يستحقّ مكانة مرموقة في قلوب السينيفيليين. هو شياو شيين، أحد معلمي السينما الصينية، لم يعد له ما يثبته بعد أفلام مثل “ثلاثة أزمنة” أو “أزهار شانغهاي”، و”المقاتلة” يشكّل عودته بعد ثماني سنوات غياب أمضى خمساً منها وهو يحضّر جديده هذا. يترفع الفيلم عن الفنون القتالية التي سادت في أفلام شرق آسيا لمصلحة تيمات أكثر “رقياً” تتجسّد من خلال حكاية تدور حوادثها في القرن التاسع ومطعّمة بمعضلة أخلاقية بطلها ني (شو كي). على رغم التعقيدات السردية التي تحاول ني انتشالنا منها مراراً وتوجيه البوصلة في اتجاه ما هو أهمّ (تبنّي الخير مهما يكن)، نفهم جيداً أنّ هو شياو شيين يطرح نفسه هنا فنان أسلوب وجماليات سينمائية مركز ثقلها لقطات الغبار وأشعة الشمس واحتراق الحطب في النار، على غرار قلوب الشخصيات. كما يقول الناقد جاك موريس، “كاميرا شيين، حيناً ريشة وحيناً خنجر، تداعب وتقطع في آن معاً”. إنّه التعبير الأكثر دقّة لوصف “القاتلة”. 

”تاكسي” لجعفر بناهي: 
جعفر بناهي يجوب شوارع طهران بحثاً عن ركاب يقلهم في سيارة الأجرة التي يقودها. هذه ليست مزحة، إنّه الفيلم الذي أنجزه المخرج الإيراني “الممنوع من العمل”، فوصل إلى مهرجان برلين حيث خطف “دبّه” الذهب. في الاستبعاد الذي يعاني منه، وجد بناهي الذريعة المناسبة (أو “الوقحة” إذا أردتم) التي تتيح له الاقتراب من الرأي العام الإيراني والتقاط الأفكار والهواجس والتطلّعات التي تؤججه. لم يكن سائق سيارة يوماً على هذا القدر من الفضول. بكاميراته الصغيرة المثبتة قرب مقود السيارة، يستعيد بناهي رغماً عن أنف السلطات القامعة حقّه في الوجود داخل ضوضاء المدينة، بعد فيلمين صوّرهما في شقته. التجربة هذه خير دليل إلى أنّ الخيال الإنساني تصعب مصادرته والحاجة أمّ الحيل الفنية. “تاكسي” سينما مقاوِمة بلا شك، ولكن بلا قبضات مرفوعة وشعارات ورصاص حيّ.
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها