الإثنين 2015/09/14

آخر تحديث: 21:05 (بيروت)

روسيا تبدأ التقسيم في سوريا

الإثنين 2015/09/14
روسيا تبدأ التقسيم في سوريا
مساعدة موسكو العسكرية المفتوحة للأسد تظهر أن الحل السياسي الذي تتحدث عنه موسكو لا يقنع أحداً بما فيهم الروس
increase حجم الخط decrease
قال مسؤولون أميركيون، إن سفينتي إنزال دبابات، وصلتا إلى مرفأ طرطوس السوري، كما رُصدت في منطقة اللاذقية نحو عشر آليات لنقل الجنود وعشرات الجنود الروس. ويعتقد بأن الروس يقومون ببناء قاعدة جوية متقدمة، لكن ليست لديهم أسلحة حالياً، بحسب الأميركيين.

ويُعتقد أن وجود قوات من مشاة البحرية الروسية، أقرب حالياً إلى نشر قوة لحماية معدات موجودة، إلى أن يتم تشكيل مجموعة قتالية. وقال مسؤول أميركي: "لكننا نحكم على روسيا من خلال أفعالها وليس أقوالها"، مذكراً بنفي موسكو لتورط قوات روسية في المعارك في أوكرانيا، وهو أمر- تورط موسكو- لا تشكك فيه الولايات المتحدة إطلاقاً. وأكد الناطق باسم "البيت الأبيض" ايريك شولتز، أن الولايات المتحدة "قلقة جداً" من الوضع، وأضاف: "سننظر بتقدير إلى مساهمات روسية ايجابية، في الفوضى السورية، لكن لن يكون أمراً صائباً للجميع بما في ذلك الروس، تقديم دعم إلى نظام الأسد".

وكالة "السورية نت"، أشارت إلى معلومات عن وصول وفد روسي يتألف من ضباط وخبراء برفقة وزير الدفاع السوري فهد جاسم الفريج، الأحد، إلى فندق النواعير في مدينة حماة، الذي يشهد محيطه تواجداً أمنياً مكثفاً من قبل قوات النظام التي قامت بتطويق مبنى المصالح العقارية وإغلاق الشارع المؤدي إلى الفندق. كما عمدت قوات النظام إلى قطع كافة الطرق المؤدية إلى ساحة العاصي وسط مدينة حماة، مع انتشار أمني مكثف وزيادة عدد الحواجز المتنقلة في المدينة، إضافة إلى تفتيش سيارات المارة والتدقيق في بطاقاتهم الشخصية. وأكد "المرصد 80" التابع للمعارضة السورية، أنه تم رصد خروج رتل عسكري كبير من مطار حماة العسكري الساعة التاسعة مساء الأحد، وهو الرتل الرابع الذي يخرج من المطار خلال 48 ساعة باتجاه سهل الغاب. وصل الرتل إلى مدينة سلحب بريف حماة الغربي، وهو مؤلف من 10 دبابات محملة على آليات "لوادر" و20 عربة "بي إم بي" وراجمة صواريخ "أربعينية" عدد إثنين، وخمس راجمات "كاتيوشا"، و70 سيارة من مختلف الأنواع تنقل عناصر قوات النظام والمليشيات المساندة له.

وأشار "المرصد 80" إلى تسريبات من داخل النظام، تفيد بأنه يتم التحضير لعمل عسكري ضخم بقيادة روسية-إيرانية مشتركة، وعناصر "الفرقة الرابعة" و"الفرقة 18" و"الفرقة 11" و"الدفاع الوطني"، لاسترجاع مناطق في سهل الغاب خسرتها قوات النظام في الأونة الأخيرة أمام "جيش الفتح".

موقع الدراسات "Middle East Briefing"، نشر مقالاً بعنوان "أوكرانيا أم أفغانستان: أسباب وعواقب حركة بوتين في سوريا". وجاء في المقال أن قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ببناء قاعدة عسكرية جديدة في اللاذقية وزيادة المساعدات للأسد، بما في ذلك مشاركة محتملة لخبراء عسكريين روس في معركة الزبداني، جاء نتيجة احتمال جدي حول سقوط النظام السوري بشكل مفاجئ، إما لأسباب داخلية، أو نتيجة هجوم من "الجبهة الجنوبية" المعارضة.

ولا يُرجح أن يكون التورط الروسي المتزايد في سوريا قد تمّ بتنسيق مع واشنطن، ولكن هناك مؤشرات على أن إيصال روسيا لقواتها يتم إلى ما خلف خطوط تعتبر مناطق منفصلة ذات أهمية استراتيجية لإيران ولنظام الأسد –منطقة الساحل. هذه المناطق كانت قد اقترحت لإيصال قوات من "الأمم المتحدة" إليها في المستقبل.

موقع الدراسات يعتقد بأن هناك أربعة تطورات ساهمت في تغيير سياسة بوتين تجاه سوريا، بعدما كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد قال في أعقاب لقاء جمعه ببوتين في حزيران/يونيو، إنه لمس تغييراً تجاه تمسك روسيا بالأسد. العوامل الأربعة تتضمن: أولاً؛ أن الروس فهموا خلال هذا الصيف، أن التمثيل الخجول للمعارضة السورية البديلة، ليس مقنعاً في النهاية، بحيث أن قوة الدفع الفعلية هي في المجموعات المسلحة التي عزمت على انهاء حكم الأسد، ولديها مفاتيح سوريا المستقبل. كما أن داعمي المعارضة الإقليميين عزموا على طرد الأسد والنفوذ الإيراني من سوريا، في حين أن المقاربة الروسية والإيرانية، لإبقاء دور للأسد، اصطدم برفض سعودي، بعد ما اقترفه الأسد من جرائم.

وما يلفت الإنتباه، أن مساعدة موسكو العسكرية المفتوحة للأسد تظهر أن الحل السياسي الذي تتحدث عنه روسيا لا يقنع أحداً، بمن فيهم الروس. وفهم الروس بالتالي، أن الحل السياسي الذي يسوقون له، لن يضمن لهم مصالحهم. كما أن وضع جبهات القتال أصبح ضاغطاً، وتعدى النقطة التي يمكن للمعارضة المدنية أن تحدث فيها أي فرق.

التطور الثاني، يتعلق بتوقيع الاتفاق النووي مع إيران، حيث استفاد التحرك الروسي مباشرة من العزم الذي أحرزه النجاح في المفاوضات النووية. فالروس لعبوا دوراً مهماً في إنجاز الاتفاق، ما يوضح أن موسكو كانت لها خططها في الشرق الأوسط، وأن كسر عزلة إيران لم تكن سوى جزء منها.

أجندة موسكو تتضمن عنصرين: مصالحها في سوريا وإيران. الهدف الروسي كان يتعلق دوماً بالحصول على نظام صديق في دمشق يضمن لروسيا منفذاً على الساحل، ويضمن في الوقت ذاته مصالح إيران جنوبي لبنان وسوريا. وإيران المتحررة من عقوباتها، لديها الكثير لتعرضه على موسكو. ومصالح الجانبين، تتلاقى في سوريا بشكل تام. وهذا هو الوقت المناسب لروسيا، كي تحصد ما زرعته العقوبات الغربية، طويلاً، والتي انتهت برفعها، لتجعل إيران ذات قيمة كبرى للروس.

التطور الرابع، يتعلق بالوضع على الأرض في سوريا، فخلال هذا الصيف، إتضح أن الأسد بات عاجزاً عن الوقوف بمفرده، ونهاية اللعبة باتت تلوح، بحيث أن الجميع بمن فيهم الأميركيون، لا يضمنون النتائج. وبينما يبدو أوباما عالقاً في منتصف الطريق، قرر بوتين المضي قدماً. فانتظار نتائج المباحثات بين النظام والمعارضة، يبدو بلا جدوى، في ظل تقدم المعارضة المسلحة على الأرض.

روسيا تفهم، أن مصالحها في سوريا لا يمكن أن تكون قائمة بحد ذاتها، بمعزل عن طبيعة نظام سوريا المستقبلي، والقوى الفاعلة في سوريا الجديدة. ومهما كانت التعهدات لحفظ المصالح الروسية، في مرحلة ما بعد الأسد، من قبل المعارضة المسلحة، فإنها لن تكون مرضية لموسكو. بالنسبة إلى بوتين، فإن اسقاط الأسد هو مسألة حساب استراتيجي. كما أن تقدم تنظيم "الدولة الإسلامية" وتمدده، في ظل ضربات جوية أميركية غير ذات جدوى، جعلت من بوتين يقرر أن يفعل ما يتوجب عليه فعله.

التطور الرابع، يتعلق بالشلل الأميركي في سوريا. فالإدارة الأميركية لم تفعل شيئاً في سوريا، أو ليس لديها نية لعرض ما يمكن فعله، إذ إن الاخفاق التام في "برنامج التجهيز والتدريب" الأميركي للمعارضة السورية المسلحة، أزاح الضباب أمام بوتين. فالولايات المتحدة، تبدو عالقة في متاهة الأزمة السورية. الإدارة الأميركية، أرادت جلب إيران لطاولة المحادثات، وأرادت هزيمة "داعش"، وأرادت انهياراً هادئاً للنظام في دمشق، ولإعداد قوة مقبولة للعمل في سوريا، وتعزيز المعارضة، والضغط على لاعبين إقليميين للتوصل إلى تسوية بخصوص مستقبل دمشق...

استراتيجيو الولايات المتحدة كانوا غير قادرين على تحقيق إطار مفاهيمي للعمل، بل إنهم افتقدوا القدرة على تطبيق أي استراتيجية ذات معنى، حتى عندما كانت ممكنة. مقاربة "فعل لا شيء" كانت مقنعة للإدارة الأميركية، طالما ساعدتها على تجنب إغضاب العرب أو إيران، وشكّلت خطاب أوباما السياسي المحلي. الولايات المتحدة فكرت أنها بنجاح المفاوضات النووية ستغطي على فشلها في كل ما يتعلق بالشرق الأوسط.

الموقع يقترح أربعة وجوه لتطور الأزمة السورية في ظل التدخل الروسي؛ وأولها نهاية المسار السياسي. وثانيهما تقسيم صار من غير الممكن تفاديه، فبوتين قرر التحرك بسرعة، في منطقة النفوذ الإيرانية في سوريا، لحفظ المصالح للبلدين. والمنطقة تتضمن الساحل السوري ومساحة محاذية للجنوب اللبناني، حيث مقرات حزب الله. التدخل الروسي قُدّم للعواصم الكبرى على أنه مقدمة لإيفاد القبعات الزرق، لحماية الحدود بين سوريا الخميني-بوتين-الأسد، وبقية سوريا.
والمسار الثالث يتعلق بتمدد "داعش"، والرابع يتعلق باستمرار النزاع إلى مدى غير منظور.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها