الجمعة 2024/03/08

آخر تحديث: 10:45 (بيروت)

"ميناء غزة" الأميركي: خطوة استباقية لاجتياح رفح؟

الجمعة 2024/03/08
"ميناء غزة" الأميركي: خطوة استباقية لاجتياح رفح؟
increase حجم الخط decrease
قال مصدر من السفارة الأميركية في القدس ل"المدن" إن إقامة الجيش الأميركي ميناءً عائماً على سواحل مدينة غزة بأمر من الرئيس جو بايدن تأتي في سياق جهود عملية وسريعة لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، وأيضاً لمواجهة احتمالية تعاظم وطأة الأزمة على إثر اجتياح محتمل لمدينة رفح، سواء خلال شهر رمضان أو بعده.

سياق الخطوة
ويُفهم من إجابة المصدر أن الخطوة الأميركية جاءت استباقية لهجوم رفح المحتمل، وأن الأخير يُعدّ أحد أهدافها الرئيسية، وقد أشار المصدر كذلك إلى أن الخطوة جاءت بالتشاور مع دول إقليمية، لكنها لم تُنسق مسبقاً مع إسرائيل، وهو أمر أثار غضباً رسمياً غير معلن في تل أبيب التي تحاول الخروج من الحرج الناتج عن إعلان أميركي أحادي.

وبهذا المعنى، أكد المصدر الأميركي أن قرار إنشاء الميناء "المؤقت" هو أميركي وليس مشتركاً مع إسرائيل، وإن كان تأمين الميناء وأمور أخرى تستدعي تنسيقها لاحقاً مع تل أبيب بطريقة أو بأخرى.

ولم يستبعد المصدر ارتباط خطوة الميناء باليوم التالي للحرب بطريقة أو بأخرى، على وقع تباين أميركي- إسرائيلي بشأن ذلك، وهو ما دفع أيضاً واشنطن إلى اتخاذ قرارها بهذا الخصوص. وكانت صحف عبرية قد نوهت أخيراً بأن إشكالية المساعدات في شمالي القطاع مرتبطة في جوهرها بمحاولات الحكومة الإسرائيلية تمرير رؤية محددة لمستقبل غزة، وماهية الجهات التي ستدير القطاع. 

السلطة علمت الخميس
من جانبه، كشف مسؤول في السلطة الفلسطينية ل"المدن" أن الإدارة الأميركية أبلغت السلطة في رام الله بمسألة الميناء الخميس فقط، موضحاً أن القيادة الفلسطينية فضلت التزام الصمت حتى اللحظة، في ظل عجز السلطة عن القيام بإغاثة سكان القطاع.

وبشأن موقف السلطة من الميناء، قال المسؤول: "شعبنا في غزة بحاجة إلى إغاثة ماسة، ولا أحد يُمكن له الوقوف في وجه إغاثته وتقديم الغذاء والدواء له في ظل حالة تجويع في شمالي القطاع، وإسرائيل من الصعب أن تقول لأميركا ممنوع".

ووفق المسؤول الفلسطيني، ستشرف قوات المارينز الأميركية على الميناء العائم على سواحل مدينة غزة، وسيتم نقل المساعدات عبر برنامج الأغذية العالمي.

ويبدو دور وكالة الأونروا غير واضح في ما يتعلق بتوزيع المساعدات وفق آلية الميناء المرتقب، خاصة أن الولايات المتحدة شددت على أن نقل المساعدات وتوزيعها سيكون بالتعاون مع مؤسسات إنسانية دولية؛ ما يعني أن الأونروا لن تكون صاحبة الدور المركزي بخصوص المساعدات المقدمة لسكان القطاع. 

ضبابية بشأن آلية العمل
واللافت أيضاً أن حركة حماس رحبت بالخطوة الأميركية على لسان القيادي فيها محمد نزال، في حين، تباينت تقديرات مصادر "المدن" بشأن المدة الزمنية اللازمة لإنجاز الميناء، فبعض المصادر تحدثت عن أسابيع، وأخرى قالت إنه سيكون جاهزاً خلال فترة تتراوح بين أسبوعين وثلاثة.

بيدَ أن مصادر "المدن" قالت إن مكان إنشاء الميناء الأميركي والمتطلبات اللوجستية اللازمة لذلك، كلها أمور ليست معضلة، بل أن الإشكالية تكمن في ضبابية تحوم حول كيفية عمل هذا الميناء، وآلية توزيع المساعدات في مدينة غزة وشمالها، في ظل حالة الجوع الكبيرة التي يعاني منها السكان، وسبل تأمين وتوزيع المساعدات وسط حالة الفوضى العارمة نتيجة الكارثة التي أحدثها الاحتلال الإسرائيلي إثر حربه المستمرة منذ نحو خمسة أشهر.

بدوره، قال الصحافي المتخصص بالشأن الأميركي محمد القاسم ل"المدن"، إن إقامة الميناء "المؤقت" بمثابة محاولة من الإدارة الأميركية لتخفيف الضغط الشعبي عليها بخصوص الوضع الإنساني المعقد في القطاع، فضلاً عن كون الخطوة مؤشراً لعدم قدرة واشنطن على الضغط على إسرائيل لفتح المعابر مع غزة، إضافة إلى عدم نجاعة إنزال المساعدات جواً.

وأضاف القاسم أن واشنطن ستتعاون مع منظمات إنسانية عديدة، وليس فقط مع الأونروا، لإدخال المساعدات عبر الممر البحري وصولاً إلى القطاع، وهو أمر عدّه مقلقاً بشأن دور الوكالة الأممية مستقبلاً، رغم أنها الأقدر على توزيع المساعدات في القطاع.

لكن الإشكالية الأكبر، بحسب القاسم، تتمحور حول "مَن سيحمي المساعدات؟.. شرطة حماس؟ أم الجيش الإسرائيلي، أم ستكون حماية أمنية تابعة للولايات المتحدة؟

التفاف على التحكّم الإسرائيلي؟
مع ذلك، اعتبرت أطراف إقليمية ودولية أن خطوة الميناء الأميركي "جيدة" طالما تشكل التفافاً على التحكم الإسرائيلي بكل شيء في ما يتعلق بالمشهد الإنساني في غزة، لكن كثيراً من التفاصيل العملية بحاجة إلى معالجة، والجهات الأميركية المتخصصة تعمل في هذه الأثناء على إنجازها، بحسب مصادر "المدن".

وأوضح مسؤولون أميركيون أن الميناء سيشمل رصيفاً مؤقتاً، وسيوفر إمكانية استيعاب مئات الشحنات الإضافية من المساعدات يومياً، ليتم تنسيقها مع إسرائيل والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الإنسانية. وستأتي شحنات المساعدات الأولية عبر قبرص.

في غضون ذلك، يواصل الاحتلال الإسرائيلي عملية تهجير سكان شمالي القطاع بطرق متعددة، ومنها المساعدات؛ إذ أفادت مصادر محلية ل"المدن" أن قوات الاحتلال حاصرت في الساعات الماضية نحو 300 فلسطيني من سكان شمال القطاع، بعد تجمعهم لانتظار مساعدات عند دوار النابلسي على شارع البحر غرب مدينة غزة، وأجبرت بعضهم على النزوح تحت الرصاص والنار باتجاه جنوب القطاع.

واعتبرت المصادر أن الاحتلال استخدم المساعدات ك"فخ" لإجبار فلسطينيين على النزوح، وكي يقول للأطراف الإقليمية والدولية إنه "المقرر الوحيد لمجريات الأمور على الأرض في غزة".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها