الخميس 2024/03/28

آخر تحديث: 22:32 (بيروت)

حكومة فلسطينية جديدة تبصر النور..بلا سند سياسي

الخميس 2024/03/28
حكومة فلسطينية جديدة تبصر النور..بلا سند سياسي
increase حجم الخط decrease
أبصرت الحكومة الفلسطينية ال19 النور بسرعة لافتة، إذ قدم رئيسها المكلف محمد مصطفى قائمة تشكيلته الوزراية، وبرنامج عملها، إلى الرئيس محمود عباس الذي منحها الثقة.
وأكد برنامج الحكومة الجديدة أن مرجعيتها السياسية هي منظمة التحرير الفلسطينية، وبرنامجها السياسي، والتزاماتها الدولية، وكتاب التكليف الموجه من عباس للحكومة.
وتضم الحكومة 23 وزيراً، بينهم وزراء من غزة، أشهرهم شرحبيل الزعيم الذي يتولى حقيبة العدل. 
وفيما احتفظ مصطفى لنفسه بوزارة الخارجية، استحدث وزارة دولة لشؤون وزارة الخارجية والمغتربين عهد بها إلى فارسين أغابكيان. وذهبت وزارة الداخلية لزياد هب الريح، ووزارة المالية لعمر البيطار، وجاء أشرف الأعور وزيراً لشؤون القدس.
كذلك استحدث مصطفى وزارة الصناعة وتولاها عرفات عصفور، وأيضاً وزارة التخطيط بعد أن كانت مُدمجة بوزارة المالية، وتولاها وائل زقزت، وأيضاً وزارة دولة لشؤون الإغاثة وسيكون قطاع غزة أولوية عملها وتولاها باسل ناصر.
وأفادت مصادر مقربة من مصطفى ل"المدن"، بأن استحداث الوزارات الجديدة ليست بطلب دولي، وإنما تماشياً مع رؤية رئيس الوزراء بشأن الملفات التي سيركز عليها في سياق برنامج عمل حكومته.
"فتح" غير راضية؟
وقال مسؤول بالسلطة الفلسطينية ل"المدن"، إن التشكيلة الوزارية لحكومة محمد مصطفى لاقت قبولاً إقليمياً وأميركياً وأوروبياً، ما يعني أن التشكيلة نهائية وغير قابلة للتعديل.
وبالتعمق في تشكيلة الحكومة، فإن معظمها أسماء لم يسمع بها الشارع الفلسطيني من قبل، باستثناء وزير الداخلية زياد هب الريح. وفي حين، عبّرت فصائل فلسطينية عن رفضها لها، ظهر أن جهات مسؤولة في السلطة وحركة "فتح" غير راضية أيضاً عن حكومة مصطفى المعروف كرجل اقتصاد، وإن التزمت الصمت.
ويعود ذلك إلى توجس الأحزاب الفلسطينية بكل مرجعياتها وألوانها من هذا النوع من الحكومات التي توصف ب"تكنوقراط"؛ لخشيتها من سحب البساط من تحت أقدامها، وتجاوز موروثها الممتد لعقود. وجاء تشكيل حكومة "الكفاءات" على وقع ضغوط مارستها أميركا وأوروبا وأطراف عربية على السلطة.
ويُستشف من المزاج الفتحاوي أن الحركة غير راضية عن الحكومة الجديدة، رغم أن بعض الوزراء فتحاويون مثل وزير الداخلية زياد هب الريح.

تنبؤ بفشلها.. قبل أن تبدأ!
وأبدى قيادي بالسلطة الفلسطينية في حديثه ل"المدن"، عدم حماسته لحكومة مصطفى، بل وشكك بإمكانية نجاحها، مؤكدا أن غالبية الوزراء قادمون من القطاع الخاص أو أكاديميون.
واعتبر القيادي أن بعض الوزراء الجدد لا علاقة لهم بالعمل العام، وأن جزءاً منهم "ليسوا كفاءات، وبلا تأهيل علمي لافت، ولا خبرة عملية كافية"، ما دفع أوساطاً فتحاوية وسلطوية إلى التنبؤ  مسبقاً بإشكالية كبيرة بخصوص قدرة عدد من الوزراء على الإدارة. وتابع: "الحكومة الجديدة ستواجه تحديات كبيرة، أهمها أنها ليست حزبية، ولا غطاء سياسياً لها من القوى والأحزاب".
وقال المسؤول بالسلطة إن عدم تمتعها بغطاء فصائلي يُعد عنصر ضعف، وأن قبولها إقليمياً ودولياً لا يمنحها قوة، وإنما "الغطاء الفصائلي وحده الكفيل بمنحها حاضنة شعبية"، على حد تعبيره.
وأفادت مصادر سياسية "المدن"، بأن أجندات وعوامل متعددة أفرزت أسماء وزراء الحكومة الجديدة، وهو أمر يثير تساؤلات بشأن ما إذا كان الدفع نحو اختيار "وزراء ضعفاء" بمثابة أمر مقصود لغايات محددة.
لكن الواضح أن حركة "فتح"، أسوة ببقية فصائل المعارضة، تبدو سعيدة بضعف وزراء حكومة الكفاءات، علّها تُثبت للإقليم والمجتمع الدولي أن الحكومات القوية فقط تلك التي تحظى بغطاء الفصائل، والمنظومة السياسية، لا استبعادها.

تحديات عديدة
ثمة تحدٍ آخر تواجهه حكومة مصطفى، ويتمثل بالحصار المالي المفروض على السلطة منذ سنوات، إذ أنه لا يُعرف إن كان سيُرفع لمجرد تشكيلها، كما أنه من غير الواضح أن حجز إسرائيل لأموال المقاصة الفلسطينية سيتوقف، وهذا ما عدّته مصادر "المدن" تحدياً أصعب أمام الحكومة الجديدة إذا لم يكن لديها موارد مالية كافية.
كما تواجه حكومة مصطفى تحدياً متمثلاً بانعدام الأفق والمسار السياسي، باعتباره ضروريا للنجاح، بجانب عدم وضوح مستقبل غزة مع استمرار العدوان الإسرائيلي.

"المشكلة ليست بالأسماء"
بدوره، قال أمين عام المبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي ل"المدن"، إن موقفه من الحكومة الجديدة ليس له علاقة بأسماء الوزراء، وإنما تكمن الإشكالية بمنظوره من منطلق تشكيلها من دون توافق ومشاورة مختلف الأحزاب والقوى السياسية. واعتبر أن تشكيل حكومة من دون تشاور داخلي سيعقد عملها، خاصة أنها تواجه أصعب المراحل في تاريخ الشعب الفلسطيني.
وشدد البرغوثي على أن تشكيل قيادة وطنية موحدة تشكّل مرجعية للحكومة هو الوصفة الوحيدة لنجاح أي حكومة فلسطينية في هذه المرحلة المعقدة، مؤكداً أنه أمر طالب به، إلى جانب فصائل أخرى، لكن النتيجة أن تكليف مصطفى جاء من طرف واحد.
وأكد أن حكومة مصطفى تواجه مهمات وصعوبات هائلة، فضلاً عن مواجهتها ديوناً تُقدر ب7 مليارات دولار. كما تساءل البرغوثي عن إمكانية نجاح الحكومة في التعامل مع مشكلة غزة ، وسط محاولات الاحتلال فرض "حفنة عملاء" بعيداً عن السلطة وحماس وأي فصيل. وشدد على أن الأهم في أن تكون الحكومة مقبولة داخليا، وليس ضمن أجندات وضغوط خارجية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها