الخميس 2024/03/21

آخر تحديث: 17:13 (بيروت)

الإعلام الإسرائيلي سبق "لوفيغارو"..بنشر التلفيقات عن عزمي بشارة

الخميس 2024/03/21
الإعلام الإسرائيلي سبق "لوفيغارو"..بنشر التلفيقات عن عزمي بشارة
increase حجم الخط decrease
ليس صدفة أن تستبق صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية الجولة الجديدة لمفاوضات الدوحة الرامية إلى وقف إطلاق النار في غزة، عبر نشر تقرير يتضمن مزاعم عن دور رئيس المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدكتور عزمي بشارة في المفاوضات، وتحديداً بلورة إطار باريس، ثم يسارع الإعلام العبري إلى إعادة النشر حدّ التأويل.
إذ أن اسم الدكتور بشارة ذكره الإعلام الإسرائيلي قبل تقرير الصحيفة الفرنسية، وذلك حينما ادعت منشورات عبرية أنه كان مهندساً لبيان حماس عن هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، وهو أمر يؤشر إلى أن حكاية التأويل الإسرائيلي بدأت قبل تقرير "لوفيغارو"، كما أنه يثير تساؤلات بشأن ماهية المصدر الذي اعتمدته "لوفيغارو"، ودوافع نشرها المزعوم عن بشارة، خاصة أنه جاء في توقيت "حساس" تخلله حديث إعلامي عبري عن ضغوط أميركية على إسرائيل لإنجاز المرحلة الأولى لصفقة التبادل، وشكل عملية رفح المرتقبة.

الإعلام الإسرائيلي يضخم
وبينما تولت "لوفيغارو" مهمة المبادرة في النشر، نقل الإعلام العبري مزاعم التقرير بلغات عربية وعبرية وإنجليزية، وبشكل لا يخلو من التضخيم، حيث أبرز موقع صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" ما جاء في تقرير الصحيفة الفرنسية عما وصفته ب"تأثير بشارة القوي" على صياغة خطة باريس.
في حين، اعتبرت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن دوره كان "مساعداً" في صياغة "صفقة الرهائن"، مكررة نشر التفاصيل نفسها الواردة في التقرير.
أما التلفزيون الإسرائيلي "I24" الناطق باللغة العربية، فقد استند إلى صحيفة "لوفيغارو" في اعتبار أن بشارة "يلعب دوراً فعالاً في مفاوضات إسرائيل مع حماس عبر الوسطاء بخصوص صفقة المختطفين". 

استهدافات غير بريئة
الحال أن الصحافة العبرية ركزت على أمرين في تقرير "لوفيغارو"؛ الأول الادعاء بخصوص علاقة بشارة بصياغة إطار باريس لتبادل الأسرى، وثانياً أنه "مستشار كبير" لأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وهو تركيز غير بريء أيضاً؛ ذلك أنه غير مستبعد أن الهدف منه تشويش مستويات مقربة من نتنياهو على مجريات المفاوضات، ومحاولتها بث مزاعم من شأنها أن تجهض جهوداً قطرية لإقناع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بوقف الحرب في غزة، ومنع اجتياح رفح.
وراحت صحف عبرية، ومنها "إسرائيل اليوم" المقربة من نتنياهو إلى استدعاء اتهامات أمنية إسرائيلية مزعومة ضد بشارة تعود إلى ما قبل 17 سنة؛ بسبب مواقفه الرافضة للاحتلال وغطرسته.
 وقالت "إسرائيل اليوم" إن بشارة "يتمتع حالياً بموقع مؤثر جداً في قطر"، وأنه أدى "دوراً هاماً من وراء الكواليس في المفاوضات الجارية للتوصل إلى صفقة الرهائن". كما وجدت الصحيفة العبرية ضالتها في تقرير "لوفيغارو"، كي تصف الدكتور عزمي ب"الشخصية المهمة" طيلة المفاوضات الجارية بوساطة قطر ومصر وأميركا.. إلى جانب زعمها أن بشارة "أثّر أيضاً" على حماس من خلال مسودة باريس، باعتبارها أساسا لمفاوضات التبادل.
ولعلّ إشكالية إسرائيل مع عزمي بشارة تتمثل في كونه مثقفاً ومفكراً على دراية قوية بالنظام الإسرائيلي ونقاط ضعفه، وهو أمر أقرت به صحف عبرية، بل عدته عاملاً مهماً جعله "مستشاراً مؤثراً لأمير قطر"، وفق ادعائها.
وفي سياق ما بدت حملة دعائية مقصودة، راحت "إسرائيل اليوم" إلى التعريف ببشارة بطريقة لا تخلو من التحريض عليه، بالقول إنه "كان عضواً في الكنيست عن حزب التجمع من الدورة الرابعة عشرة وحتى السابعة عشرة، وأصبح معروفاً بمسيرته السياسية المثيرة للجدل لدعمه أعداء إسرائيل"، وصولا إلى استقراره في قطر بعد الملاحقة الإسرائيلية له عام 2007.
أما صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فوصفت بشارة ب"الوسيط المفاجئ" "والشخصية الرئيسية" في صياغة الخطوط العريضة لإطار باريس. وزعمت الصحيفة العبرية أن بشارة شارك بشكل كبير في صياغة رد حماس الذي تضمن "مطالب غير معقولة".
وراحت الصحيفة العبرية إلى وصف بشارة ب"المقرب من صناع القرار في الدوحة، وهو شخصية إعلامية معروفة"، منوهة بأن أكثر من مليون شخص يتابعه على منصة "إكس".
وقد رصدت "المدن" أن بعض محطات التلفزة العبرية بثت مقتطفات من قراءات للمفكر بشارة على التلفزيون العربي في ما يتعلق بتطورات العدوان على غزة.
فيما كتب موقع "إيبوتش" الإسرائيلي، قائلا: "بشارة يعود إلى الحلبة.. يقدم المشورة لحاكم قطر بشأن صفقة الرهائن"، وأضاف أن دوره الفعال مستمد أيضا من اطلاعه على النظام السياسي الإسرائيلي ونقاط ضعفه.

غضب إسرائيلي من قطر
لكنّ الغاية الكاملة من نشر المزاعم المذكورة عن بشارة في "لوفيغارو" الفرنسية، والإعلام العبري، يمكن فهمها أكثر بمجرد التوقف عند منشورين كتبهما المحلل السياسي الإسرائيلي يوني بن مناحيم؛ الأول أشار إلى دور بشارة في صفقة الرهائن، والثاني تحدث فيه عن عمل الرئيس الأميركي بشكل وثيق مع أمير قطر، وعزمه منح الدوحة ما وصفها "هدية" بتمويل ميناء غزة الجديد، خلافاً لموقف إسرائيل.
ويُمكن ملاحظة قاسم مشترك بين المنشورين، يكمن بوجود غضب إسرائيلي من دور قطر في مفاوضات التبادل، لدرجة أن أوساطاً سياسية في تل أبيب اعتبرت أن الدوحة لا تقوم فقط بدور وسيط، بل أنها تتصدى لمحاولات إسرائيل فرض مطالب محددة، وهو غضب عكسته تسريبات سابقة لنتنياهو، هاجم فيها الدوحة. كما ترى أوساط مقربة من نتنياهو أن قطر تعد عاملاً إضافياً شدد ضغط الولايات المتحدة على إسرائيل لمنعها من محاولات التغيير في إطار باريس.
وهي مؤشرات تفسر النشر المزعوم عن بشارة في هذا التوقيت، لكونه يندرج ضمن محاولة جهات إسرائيلية أن تخلط الأوراق وتحرض واشنطن على قطر من ناحية، ثم تقدم مبررا استباقيا أمام الشارع الإسرائيلي لأي رفض إسرائيلي للصفقة، بحجة أن محددات إطار باريس شارك في صياغتها "عدو لإسرائيل".
ولم ينسَ بن مناحيم أن يشير أيضاً الى أن الأطراف السياسية في إسرائيل غاضبة من أنشطة بشارة، لكنه قال إن الأروقة السياسية في تل أبيب تعترف بأن إسرائيل لا تنوي اغتياله.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها