الخميس 2017/09/21

آخر تحديث: 13:18 (بيروت)

مصر:صراع مفتوح بين السلطة وعمّال المحلة الكبرى

الخميس 2017/09/21
مصر:صراع مفتوح بين السلطة وعمّال المحلة الكبرى
عمال معمل الغزل والنسيج أثناء انصرافهم (أ ف ب - أرشيف)
increase حجم الخط decrease
هجمة أمنية شرسة على العمال والنقابات المستقلة والاتحادات العمالية، بدأتها السلطات في مصر، قبل يومين، بالقبض على عمال وإحالة آخرين للنيابة العامة، ومنع دخول لمقرات العمل، ومداهمات للمنازل، وهي هجمة مرشحة للتصاعد خلال الأيام القليلة المقبلة.

وبلغت حصيلة الإجراءات الامنية حتى الآن، القبض على نحو عشرين عاملا وقياديا عماليا، ومداهمة منازل لعدد آخر من زملائهم، وإلغاء ورشة تدريبية للعاملين بالضرائب العامة، ورفض تنظيم وقفة احتجاجية للعاملين بالضرائب، للمطالبة بحقوقهم.

بعض المقبوض عليهم، أحيلوا إلى النيابة العامة التي قررت حبسهم 4 أيام على ذمة التحقيقات بناء على تهم التحريض على الإضراب والتحريض على التظاهر، والإنضمام إلى جماعات مخالفة للقانون والدستور، ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة عملها، فيما خضع آخرون لتحقيق في مقرات الأمن الوطني، أمن الدولة سابقاً، كما في حالة رئيسة نقابة العاملين بالضرائب على المبيعات فاطمة فؤاد.

غرب العاصمة، وبالتحديد في مدينة المحلة الكبرى، التي أنهى عمالها إضراباً استمر أسبوعين، حصل العمال على وعود حكومية بصرف بعض العلاوات المادية والأرباح السنوية ومكتسبات مالية أخرى، مشروطة بفض الإضراب أولا قبل تحقيق أي مطلب، وهو ما استجاب له العمال.

استجابة العمال بفض الاعتصام على ما يبدو حتى الآن كانت فخاً حكومياً نصب لهم ووقعوا فيه، فقرارات الخصم من رواتبهم ومستحقاتهم المالية، أصابت جميع العمال، الذين فوجئوا بها بعد عودتهم للعمل مرة أخرى، وفك الإضراب، لتنزل عليهم العقوبات في توقيت أصبح من الصعب معه الحشد لإعادة الاعتصام والإضراب مرة أخرى، بالتوازي مع حملة إعلامية شرسة شنتها السلطة عبر وسائل إعلامها لشيطنة العمال وتشويه صورتهم وحراكهم.

قرارات الخصم أعقبها منع عدد من العاملين في مصنع الغزل والنسيج من الالتحاق بعملهم، بعد تحرير محضر رسمي من إدارة المصنع ضدهم، لتستدعيهم النيابة العامة للتحقيق بتهم التحريض على الإضراب، وخرق قانون التظاهر، وهي تهم تجلب لصاحبها حكماً قضائياً بالحبس حال إدانته بشكل نهائي.

الاعتصام الذي بدأ في 6 أغسطس/آب الماضي، وانتهى في 20 من الشهر ذاته، سبب أزمة كبرى للحكومة في التعامل معه، فسياسة العصا الغليظة التي يتبعها النظام منذ 3 يوليو/تموز 2013 لمواجهة الاعتصامات والاضرابات والاحتجاجات، غير قادرة على تحقيق نتائج في حالة عمال المحلة، نظراً للتشابك والتداخل المعقد بين أهالي المدينة وعمال المصنع الذين يبلغ عددهم حوالى 10 آلاف شخص، ما يجعل قمعهم مواجهة غير محسوبة مع جميع سكان المحلة الكبرى، التي يعتمد أهلها على المصنع اعتماداً كليا في تجاراتهم ومعايشهم.

كما أن استجابة الحكومة لمطالب المحتجين ستفتح باباً واسعاً للاحتجاجات والمطالبات على وقع القرارات الاقتصادية بتحرير العملة، وتقليص الدعم على الكهرباء والغاز، ورفع أسعار البنزين، والتي تسببت في زيادات للأسعار بنسب وصلت إلى 100-150 في المئة لبعض المنتجات والسلع في الأسواق المصرية.

من بين المقبوض عليهم، تبرز حالة رئيس النقابة المستقلة للعاملين بالضرائب العقارية طارق كعيب، الذي ألقي القبض عليه أثناء دخوله مستشفى لمتابعة حالته الصحية وإجراء بعض الفحوص الطبية، لتنطلق حملة بعنوان "أنقذوا طارق كعيب"، وسط تنديد حقوقي وعمالي.

حصل العمال على تضامن ما يقرب من 35 حزباً وحركة سياسية، وعدداً كبيراً من الشخصيات العامة والعمالية العربية والدولية، الذين أصدروا بياناً أدانوا فيه "الإجراءات التعسفية، التي تنتهك حق عمال المحلة في الاحتجاج السلمي، بالمخالفة لكافة القوانين والمواثيق الدولية والدستور".

كما دان الموقعون على البيان "الهجمة الشرسة التي تشنها الدولة ضد العاملين بأجر المطالبين بتحسين أوضاعهم المالية، بعد ان تلقت ضربات موجعة نتيجة لتطبيق روشتة صندوق النقد الدولي، وهي هجمات ليست أقل ضراوة من التعذيب في السجون وأقسام الشرطة، بل تعتبر إجراءات تعسفية ممنهجة".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها