الخميس 2017/08/03

آخر تحديث: 12:37 (بيروت)

عفرين مقابل ضواحي حلب الشمالية:لا صحة ل"المقايضة"

الخميس 2017/08/03
عفرين مقابل ضواحي حلب الشمالية:لا صحة ل"المقايضة"
احتمال وجود تفاهم روسي-تركي حول ضواحي حلب الشمالية غير واقعي (Getty)
increase حجم الخط decrease
تسلل مقاتلون من "قوات النخبة" التابعة لـ"هيئة تحرير الشام" برفقة مقاتلين تابعين للمعارضة، بعد منتصف ليل الثلاثاء/الأربعاء، نحو مواقع النظام والمليشيات في منطقة الملاح جنوب شرقي مدينة حريتان في ضواحي حلب الشمالية، وجرت اشتباكات عنيفة بين الطرفين. وقصفت مليشيات النظام بالمدفعية الثقيلة المدن والبلدات القريبة؛ حريتان وعندان وحيان وبيانون وكفر حمرة. وقتل في عملية التسلل ما لا يقل عن 10 عناصر وجرح آخرين من النظام والمليشيات، ومعظم القتلى من "لواء القدس" ولواء الباقر".

لم تكن غاية تسلل المعارضة نحو مواقع قوات النظام شمالي حلب السيطرة على مواقع، أو تكبيدها خسائر في صفوفها واغتنام أسلحة وحرق مواقع ونقاط متقدمة تتمركز فيها المليشيات انما كان بهدف الاستطلاع، ورصد الإمكانات العسكرية الحالية للنظام في المنطقة بعد أيام قليلة من إلقاء مروحية تابعة للنظام منشورات ورقية تدعو أهالي مناطق الضواحي الشمالية للمغادرة، وتحذر مقاتلي المعارضة من خيار المقاومة، فالمعركة بحسب ما أشارت الورقيات الملقاة باتت وشيكة.

مدير المكتب الإعلامي في مدينة حيان شمالي حلب، عبيدة حياني، قال لـ"المدن"، إن منطقة الضواحي الشمالية لحلب والتي تضم خمس مدن وبلدات، شهدت عودة نسبة كبيرة من سكانها خلال الشهور الثلاثة الماضية، بعد أكثر من عام على إفراغها بشكل شبه كامل منذ بداية العام 2016 تزامناً مع عملية عسكرية واسعة للنظام وحلفائه، أدت إلى حصار مدينة حلب ومن ثم السيطرة عليها. وقد كانت منطقة الضواحي الشمالية الهدف الأبرز للمقاتلات الحربية الروسية التي مهدت لقطع شريان حلب، الذي كان يمر في المنطقة، على مراحل.

وأضاف حياني: "يسود تخوف كبير بين السكان في الضواحي الشمالية في الآونة الأخيرة بسبب الشائعات التي تتحدث عن احتمال تقدم مليشيات النظام والسيطرة على المناطق المحررة الواقعة بين بلدتي نبل والزهراء شمالاً ومدينة حلب جنوباً. وزادت المنشورات التي ألقاها طيران النظام المروحي من مخاوف السكان". ويسكن المنطقة قرابة 100 ألف مدني، تنتشر بينهم اشاعات عن تفاهم روسي-تركي حول المنطقة "قد يتم بموجبه تسليم ضواحي حلب الشمالية للنظام، مقابل إطلاق يد تركيا والجيش الحر في منطقة عفرين والريف المحيط بها في ريف حلب الشمالي"، بحسب حياني.

وتداول ناشطون سوريون أخباراً غير مؤكدة عن اجتماعات جرت في تركيا خلال الأيام القليلة الماضية، ضمت مندوبين عن فصائل تابعة للمعارضة المسلحة مع مسؤولين أتراك وروس. ومن بين الملفات التي تم طرحها، بحسب الأنباء، الوضع في ريف حلب الشمالي، والتطورات الميدانية في محيط عفرين، وتم التلميح لإمكان سماح روسيا بشن معركة ضد "وحدات حماية الشعب" الكردية في عفرين والمناطق التي تسيطر عليها في ريف حلب، مقابل تقدم النظام باتجاه الضواحي الشمالية. معلومات لم تؤكدها أي جهة معنية باللقاء حتى الآن.

مصدر عسكري معارض، أكد لـ"المدن"، أن احتمال وجود تفاهم روسي-تركي حول ضواحي حلب الشمالية، غير واقعي، في هذا الوقت تحديداً؛ فقوات النظام والمليشيات مشغولة جداً في معارك البادية السورية، ولديها طموح للوصول إلى ديرالزور، ولذلك تم سحب قطعات عسكرية كاملة من حلب ومنطقة الضواحي خاصة الضواحي الشمالية، وما تبقى هناك هو بقايا من مليشيات محلية من نبل والزهراء الشيعيتين، ومجموعات عسكرية تابعة لـ"اللجان الشعبية" و"لواء القدس" و"لواء الباقر".

وأضاف المصدر أن التكتيكات التي يتبعها النظام في ضواحي حلب الشمالية، لا توحي باقتراب معركة للسيطرة على المنطقة، فهو يعتمد فقط على صدّ الهجمات التي تشنها في العادة "هيئة تحرير الشام" مستعيناً بشكل كبير بالقصف المدفعي والصاروخي. أما المنشورات التي ألقاها الطيران المروحي على المدن والبلدات شمالي حلب، فهي بحسب المصدر، لتخويف الناس ومنعهم من الاستقرار في المنطقة وإيقاف عودة آلاف النازحين إلى المنطقة، ممن لا زالوا في ادلب وريف حلب الغربي.

وأوضح المصدر أن تفاهماً روسياً تركياً من هذا النوع حول مصير المنطقة لا يمكن أن يكون مجدياً، فتركيا لا تسيطر فيها على قرار الفصائل. وإذا ما حدث مثل هذا التفاهم مع روسيا، بخصوص معركة لطرد "وحدات الحماية" من عفرين، فلا بد أن يشمل طرد "هيئة تحرير الشام" من ريف حلب وإدلب، وهو أمر معقد لا يمكن للطرفين البت فيه من دون الولايات المتحدة.

في عفرين وريف حلب الشمالي، لا يبدو أن هناك تغييرات جوهرية قد طرأت على الوضع الميداني. وتستمر الاشتباكات المتقطعة، هنا وهناك، بين المعارضة و"وحدات الحماية" وقصف متبادل بالمدفعية والهاون، يتخلله أحياناً قصف تركي يستهدف الثكنات العسكرية التابعة لـ"الوحدات" بالقرب من تل رفعت، وترد "الوحدات" دائماً باستهداف المدن والقرى القريبة من جبهات القتال بالمدفعية، كما حصل خلال اليومين الماضيين في بلدة كلجبرين التي تعرضت لقصف متواصل تسبب بمقتل وجرح أكثر من 10 مدنيين.

وعاد الحديث مجدداً عن اقتراب معركة ضد "وحدات الحماية" في عفرين، بعد أن هدأ لفترة قصيرة. والأخبار الجديدة حول المعركة، وفق تصريحات صحافية متوالية للقائد العسكري لـ"ثوار الجزيرة السورية" محمد الجوعاني، خلال الأسبوع الماضي. الجوعاني قال لـ"المدن": "الجيش السوري الحر في ريف حلب الآن يقوم بتجهيز نفسه لمعركة حاسمة ضد وحدات حماية الشعب الكردية في المنطقة باعتبارها قوة محتلة"، وأشار إلى أن الهدف سيكون كامل المناطق التي تسيطر عليها الوحدات في منطقة عفرين، لا لاستعادة السيطرة على المناطق التي احتلتها الوحدات مثل تل رفعت وما حولها، فقط. واستبعد الجوعاني أن يكون هناك تفاهم روسي-تركي، أو مقايضة كما يسميها البعض، في ما يخص المعركة ضد "الوحدات"، وأكد أن المعركة ضد "وحدات الحماية" لا علاقة لها بمناطق الضواحي الشمالية لحلب.

وفي مقابل عودة الحديث عن اقتراب المعركة ضد "الوحدات" في عفرين، لا وجود لمؤشرات على الأرض تدل على ذلك، حتى الآن. فلا مزيد من التعزيزات التركية نحو القواعد العسكرية في ريف حلب الشمالي، ولا حشود عسكرية للمعارضة لافتة للنظر تنذر بتغير طارئ قد يحدث في أي لحظة. الوضع في الشمال السوري معلق بالكامل، ولن يتم التعامل هنا إلا بكلية المنطقة، ولا وجود لتصورات واقعية لما ستؤول إليه الأمور في المستقبل المنظور.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها