الأربعاء 2017/07/05

آخر تحديث: 06:53 (بيروت)

ماذا تتوقع روسيا من لقاء بوتين-ترامب؟

الأربعاء 2017/07/05
ماذا تتوقع روسيا من لقاء بوتين-ترامب؟
AFP ©
increase حجم الخط decrease

وأخيراً أُعلن عن لقاء بين بوتين وترامب، الذي كانت تتطلع إليه روسيا منذ أن انتخب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، متظاهرة في الوقت عينه بأنها غير متعجلة عليه. وكانت أجهزة الإعلام الروسية تتسابق، طيلة هذه الفترة، في التنبوء بالسيناريوهات المفترضة لمثل هذا اللقاء، وتحديد موعده ومكانه وموضوعاته. وكانت هذه الأجهزة تعكس، في الحقيقة، الأوهام التي رسمها الكرملين لنفسه مع وصول ترامب إلى سدة الرئاسة الأميركية، وافتراض مسارعته إلى العمل على رفع العقوبات عن روسيا، التي بلغت كلفتها حتى الآن حوالى 17 مليار دولار، بحسب تقديرات الكرملين.

لكن اللقاء، وبفضل روسيا بالدرجة الأولى، يأتي في مرحلة بلغت فيها المجابهة الأميركية الروسية درجة جعلت الخبراء الروس والأميركيين يشككون في إمكانية التوصل إلى أية توافقات ملموسة، ويعتبرون أن مجرد صدور بيان مشترك عن اللقاء سوف يعتبر إنجازاً، على ما ذكرت صحيفة "كومرسانت" الروسية المستقلة.


إلا أن وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، الذي زار موسكو في إطار منتدى " قراءات بريماكوف" الدولي، لا يشارك هؤلاء الخبراء تشاؤمهم، ويرى أن "التوترات، التي تبرز الآن في العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا ليست ظاهرة جديدة، بل كانت تحدث في السابق، وعرفنا أوقاتاً أكثر سوءاً، إلا أننا كنا نتمكن دائماً من تجاوز هذه الصعوبات". وتنقل الصحيفة عنه توقعه، بأن روسيا والولايات المتحدة الأميركية سوف تقتنعان بأن "عليهما أن تعملا سوية".


ويشارك وزير المالية الروسي السابق الكسي كودرين، هنري كيسنجر تفاؤله ويقول، إن الإتصال الشخصي بين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب كبير الأهميية، إذ "إننا نعرف، بأن الكثير من القناعات المسبقة قد تم تجاوزها، بعد التواصل الشخصي بين بوتين وجورج بوش". وذكّر كودرين، بأن من المعروف أن بوتين وترامب كانا يريدان استقرار العلاقات الروسية الأميركية، وهو يتوقع أن "يقدما لبعضهما حججاً كثيرة تساعد على ذلك"، بحسب الصحيفة.


أما المشارك الآخر في المنتدى، البروفسور في جامعة جورج تاون والمسؤول السابق عن العلاقات الأوروبية في مجلس الأمن القومي الأميركي تشارلز كوبتشان، فيقول إن من الصعب على ترامب وبوتين أن يتوصلا، ليس إلى أجواء جيدة، بل حتى إلى توافقات محددة، وذلك على الرغم مما بينهما من "الكثير مما هو مشترك، إذ أنهما من طينة واحدة، ويميل الإثنان إلى المُحافَظة والشعبوية والتعصب القومي". ويضيف أن الخلافات تستمر عميقة بين موسكو وواشنطن في ما يتعلق بسوريا وأوكرانيا والأمن الأوروبي ودور الناتو في المحافظة عليه. ويشير إلى أن على ترامب "أن يأخذ بالإعتبار الوضع السياسي الداخلي في الولايات المتحدة، وموقف الكونغرس، واستمرار التحقيق في تدخل روسيا في الإنتخابات الأميركية، ولذلك فإن مساحة المناورة لديه محدودة جداً".


ويراهن مدير معهد العلاقات الدولية الروسي ألكسندر دينكين على  كون ترامب "رجل المفاجآت"، وبأنه سيتمكن من "الإنعتاق من أصفاد محيطه واسر الصراع السياسي الداخلي". ويدعو دينكن الرئيسين الأميركي والروسي إلى نفض الأحجار عن رقعة الشطرنج و"فتح صفحة جديدة، حيث أن الجزء السليم من العالم ينتظر إحياء العلاقات الأميركية الروسية". إلا أنه اعترف بأنه من غير المحتمل أن يتمكن الرئيسان في لقائهما الأول من تحقيق انعطافة جذرية في هذه العلاقات. وجل ما هو متوقع أن يتفق الزعيمان على تفادي الصدامات غير المقصودة، سواء في سوريا، أو في منطقة البلطيق، أو في المناطق الأخرى، التي يمكن أن "تؤدي إلى مفاقمة الصراع".


وتنقل "كومرسانت" عن مدير معهد "كينان" في مركز "وودرو ويلسون" العالمي في واشنطن ماتيو روجانسكي، قناعته بأنه سيكون "إنجازاً"، في ما لو توصل رئيسا البلدين في ظل "الأزمة الحادة بين موسكو وواشنطن"، ولو إلى إعلان مشترك (مكتوب أو شفهي، لا فرق) يقولان فيه إن "الوضع الراهن للعلاقات الثنائية غير مقبول، وبأنهما يكلفان حكومتيهما مباشرة العمل في تطبيعها". ويقول روجانسكي للصحيفة، إن العلاقات الآن بين البلدين "هي في مستوى منخفض جداً"، وأن مثل هذا الإعلان المشترك من شأنه أن يحول دون تصعيد المواجهة، ويعطي دفعاً لبدء العمل على الخروج من الأزمة.


من جانب آخر، كتبت صحيفة "سفوبودانيا بريسا" الروسية مقالة حول لقاء بوتين وترامب بعنوان "ما هي المفاجآت التي تعدها واشنطن؟"، قالت فيها إن الكثيرين من أعضاء فريق ترامب كانوا ضد لقائه مع بوتين، ونشطوا في إقناعه للتخلي عن هذه الخطوة. ولذلك لن يتناول اللقاء، بحسب الصحيفة، موضوعات جدية، مثل إلغاء العقوبات. ومن السابق لأوانه القول إن اللقاء سيفضي إلى تحسين العلاقات.


وتنقل الصحيفة عن المتخصص الروسي في الشؤون الأميركية بافل سفياتنكوف قوله، إن المهم هو أن هذه المفاوضات سوف تجري، لكن لا ينبغي توقع إحداث اختراق منذ اللقاء الأول بين بوتين وترامب. ويقول سفياتنكوف إن اللقاء سوف يحمل في الأغلب طابع التعرف، لأن ترامب يتعرض في بلاده لضغوط هائلة من أجل "أن يواصل سياسة أوباما الرامية إلى القطع مع روسيا (ومواصلة) العقوبات". وهو يرى أنه من المحتمل جداً أن تتطرق المحادثات إلى القضايا المتعلقة بسوريا وموضوع نزع السلاح النووي والوضع في أوكرانيا وقضية الدفاع الجوي المضاد للصواريخ في أوروبا، لكن الأهم بالنسبة له يبقى حدوث اللقاء نفسه.


ويعدد سفياتنكوف "الإنتصارات العديدة التي حققها ترامب أخيراً في الداخل"، والتي أفضت، برأيه، إلى ارتفاع هيبة ترامب وقدرته على قيادة الجمهوريين، وإلى إضعاف منافسيه. وهذا ما يمنحه إمكانية تنفيذ أحد وعوده الإنتخابية بتحسين العلاقات مع روسيا.


وحول سؤال للصحيفة عما يمكن لروسيا ان تتوقعه من مثل هذا السياسي "العصي على التنبؤ به (ترامب)"، يقول سفياتنكوف إنه يجري في أميركا إعداد عقوبات جديدة ضد روسيا، ويجري تنشيط العمليات في سوريا من جهة، وتقول أجهزة الإعلام إن ترامب كلف مستشاريه إعداد قائمة بالتنازلات الممكنة لروسيا من جهة ثانية. ويضيف سفياتنكوف، أن الحملة الإعلامية ضد ترامب، صحيح أنها انخفضت، لكنها لم تختف. وتصوير الأمر بأن ترامب عازم على لقاء بوتين وتقديم تنازلات من جانب واحد له، موجه ضد الرئيس الأميركي، وسوف يكون "من المضحك أن ننتظر نحن منه مثل هذا الأمر".


ليس من المفيد لترامب، برأي سفياتنكوف، أن يبدأ الحديث مع روسيا بالتنازلات. فهو قد وعد بأن يكون زعيماً متشدداً، ولذلك لا يريد أن يبدو ضعيفاً أمام ناخبيه، فإذا ما أقدم على تنازلات ما، فهو سوف يطالب بشيء ما في المقابل.


وما الذي تستطيع روسيا أن تقدمه لترامب؟ يقول سفياتنكوف إن هذه المسألة هي موضع نقاش.  وأشار إلى أن بوتين وكيسنجر، الذي استقبله الرئيس الروسي في 29 حزيران/يونيو الماضي، قد يكونا في صدد إعداد خيار مقبول من الطرفين. ويبدو أن سفياتنكوف يلمح هنا إلى ما ذهب إليه موقع "نيوز.رو" الإسرائيلي الناطق بالروسية في يوم لقاء يوتين وكيسنجر، بأن الأخير قد يكون في صدد العمل على مبادرة ما بشأن العلاقات الأميركية الروسية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها