السبت 2017/07/01

آخر تحديث: 11:43 (بيروت)

ماذا بعد سيطرة مليشيات النظام على بادية حلب؟

السبت 2017/07/01
ماذا بعد سيطرة مليشيات النظام على بادية حلب؟
اعتمدت مليشيات النظام في هجومها ضد مواقع التنظيم في البادية، سياسة تقطيع الأوصال (انترنت)
increase حجم الخط decrease
سيطرت مليشيات النظام، الجمعة، على كامل المنطقة الصحراوية الواقعة في مثلث خناصر-إثريا-الرصافة، المتداخلة من حيث التبعية الإدارية لمحافظات حلب والرقة وحماة. ولحلب الحصة الأكبر من جغرافية المنطقة الصحراوية التي سيطرت عليها المليشيات، وهي الممتدة إلى الشرق والشمال والجنوب من بلدة خناصر، والتي تعتبر عقدة مواصلات طريق امداد النظام إلى حلب في منطقة البادية. وبذلك تكون مليشيات النظام قد أنهت وجود تنظيم "الدولة الإسلامية" في محافظة حلب بشكل كامل.

واعتمدت مليشيات النظام في هجومها ضد مواقع التنظيم في البادية، سياسة تقطيع الأوصال، وعزل المواقع عالية التحصين التي يتمتع فيها مقاتلو التنظيم بقدرة كبيرة على الدفاع. وهو التكتيك العسكري ذاته الذي اعتمدته منذ بداية العام 2017 في قضم مناطق سيطرة التنظيم في ريف حلب الشرقي وصولاً إلى ريف الرقة الجنوبي الغربي.

مليشيات النظام تمكنت من التوسع جنوبي الطبقة في ريف الرقة، خلال حزيران/يونيو، وسيطرت على عشرات القرى والمرتفعات الجبلية المتناثرة في بادية الرصافة، بالإضافة إلى بسط سيطرتها على عقدة طرق البادية الشمالية قرب الرصافة، ما مكنها من شن هجوم مباغت ضد مواقع التنظيم على طرفي الطريق الرصافة–إثريا من جهة الجنوب الغربي، وهو المحور الرئيسي للتقدم البري. وفي الوقت نفسه هاجمت المليشيات المتمركزة في إثريا مواقع التنظيم على المحور نفسه صعوداً باتجاه الرصافة. والتقى محورا الهجوم في منطقة وادي كوش شمال شرقي إثريا في بادية حماة.


(المصدر: LM)

واستقدمت المليشيات تعزيزات إضافية، الأربعاء والخميس، من مليشيات "صقور الصحراء" و"لواء القدس" الفلسطيني التي تمركزت في محور إثريا. واستفادت المليشيات من 100 غارة جوية على الأقل نفذتها مقاتلات النظام وروسيا، في محوري التقدم صعوداً وهبوطاً. وأسفرت العملية عن السيطرة على قرى ومرتفعات ووديان أبو العلوج وحاجز السيرياتل ومحطة الحضاري والزكية ووهيبة صغيرة وكبيرة ومقالع وهيبة ورسم الحميد ومزارع هزاع ورجم العسكر وقصر المتياح ووادي كوش وبير أبو فلاح وسوح العمالة ووادي الصهاريج وبير القهوة وخربة زيدان. وبذلك تمت محاصرة أكثر من 50 قرية ومرتفعاً صحراوياً شمالي محور التقدم الرصافة-إثريا.

وانسحب تنظيم "الدولة" من عشرات القرى التي تم حصارها في ما بعد من قبل المليشيات، وخسر العشرات من عناصره أثناء الانسحاب باتجاه الجنوب. ودمرت المقاتلات الروسية مدرعات ودبابات للتنظيم في منطقة التلال والمرتفعات الجبلية شرقي خناصر.

وبدأت المليشيات فجر السبت، بعمليات تمشيط للمنطقة المعزولة، برفقة كتائب الهندسة التي دربتها القوات الخاصة الروسية في حلب لنزع الألغام وتفكيك المتفجرات من مخلفات التنظيم. ومنعت مليشيات النظام مئات العائلات، والبدو الرحل الذين فروا من مناطق ريف حلب الجنوبي الشرقي التي حاصرتها، من دخول مناطق مسكنة ودير حافر وخناصر التي سيطرت عليها في وقت سابق. ويتخوّفُ المدنيون من أعمال انتقامية قد يتعرضون لها على يد المليشيات كما حصل في ريفي حلب الشرقي والجنوبي، اللذين سلّمهما التنظيم للنظام.

وحققت مليشيات النظام بتقدمها الأخير على حساب التنظيم أهدافاً متعددة، أبرزها تأمين شبه كامل لطريق إمداد النظام القادم من حماة نحو حلب، والقضاء بشكل نهائي على أي وجود للتنظيم في محافظة حلب التي أصبحت حصة النظام فيها الحصة الأكبر متقدمة على المعارضة و"قوات سوريا الديموقراطية".

ولدى مليشيات النظام خيارات متعددة بعد تأمين المناطق المسيطر عليها حديثاً في البادية الشمالية. والخيار الذي تروج له وسائل الإعلام الموالية هو متابعة العمليات العسكرية باتجاه ديرالزور انطلاقاً من محور الرصافة باتجاه الشرق بمسافة 130 كيلومتراً. ويبدو هذا الخيار صعب التحقيق في الوقت الحالي، فمليشيات النظام لا تستطيع التقدم إلى أن تنتهي معركة الرقة وريفها بشكل كامل. ومعركة ديرالزور من المؤكد أنها ستكون وفق تفاهم روسي أميركي تُقرّرُ فيه الأطراف المشاركة. وفي هذه الحالة ستتوجه مليشيات النظام لتحقيق مزيد من التقدم والسيطرة على حساب التنظيم جنوبي محور الرصافة–إثريا في المنطقة المتداخلة إدارياً بين محافظتي حماة وحمص في البادية السورية.

وتعتبر المنطقة الواقعة شرقي السلمية في ريف حماة من أكثر الجبهات خطورة بالنسبة للنظام، ومن المتوقع أن تباشر المليشيات العمل على هذه المحاور. ولدى مليشيات النظام فرصة للتقدم من مواقعها في قصر المتياح شمال شرقي إثريا على طريق الرصافة باتجاه الجنوب نحو مواقعها في خربة الدبلات، وأبار فروان في ريف حمص الشرقي، مروراً بوادي أردات وصوانات حصية وأبو شديد ووادي حساية وفيج حصوان هركب وسهل اثريا. وتُمكّنها هذه العملية من عزل أكثر من 60 مرتفعاً وقرية يسيطر عليها التنظيم تشكل خطراً على مواقع النظام في ريفي حمص وحماة في منطقة البادية وأهمها ريف تدمر وحقول النفط القريبة.

العميد المنشق أحمد رحال، أكد لـ"المدن"، أن مليشيات النظام تحاول قطع طريق ديرالزور على "قوات سوريا الديموقراطية"، وربما تتابع تقدمها شرقاً. ويتوقف سير العمليات العسكرية على رد فعل التحالف الدولي الذي يدعم "قسد" ويمتلك خطة عسكرية محكمة لما بعد معركة الرقة للسيطرة على الفرات السوري الأدنى. وربما تكون مليشيات النظام أحد أركان المعركة وسيتضح ذلك في نهاية معركة الرقة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها