الجمعة 2017/06/09

آخر تحديث: 14:04 (بيروت)

قائد "أبابيل الحق" في حضرة "النمر"..عمالة للنظام؟

الجمعة 2017/06/09
قائد "أبابيل الحق" في حضرة "النمر"..عمالة للنظام؟
بعد ساعات من فرار المجموعة المسلحة ظهرت صور لأبرز شخصياتها مع قائد "مليشيا النمر" سهيل الحسن (انترنت)
increase حجم الخط decrease
عبرت كتيبة "أبابيل الحق" التابعة للمعارضة المسلحة، من مناطق "درع الفرات" في ريف حلب الشرقي، الأربعاء، إلى مناطق سيطرة النظام جنوبي مدينة الباب. "أبابيل الحق" المؤلفة من عشرين عنصراً على الأقل عبرت المنطقة العازلة بين مناطق سيطرة المعارضة والمنطقة التي يسيطر عليها النظام، بالقرب من مدينة الباب على جبهة بلدة السكرية. وبعد ساعات من فرار المجموعة المسلحة ظهرت صور لأبرز شخصياتها جنباً إلى جنب مع قائد مليشيا "النمر" سهيل الحسن. الشخصيات البارزة التي عادت إلى "حضن النظام" هي قائد كتيبة "أبابيل الحق" محمد خير الشلاش، بالإضافة إلى قائد "لواء ألب رسلان" الذي تمّ حله قبل سبعة أشهر في ريف حلب، أبو علي رسلان.

وأصدرت "غرفة عمليات حوار كيليس"، التي تجمع عدداً من فصائل المعارضة المسلحة في ريف حلب، بياناً الخميس، قالت فيه إن "مجموعة مسلحة بقيادة المدعو أبو الخير، نصبت حواجز لنهب المدنيين في مناطق ريف حلب الشرقي، وإن عناصر تابعين للمؤسسة الأمنية في جرابلس، اشتبكت معهم في محيط قرية السكرية، قبل أن يتمكنوا من الفرار باتجاه مناطق سيطرة مليشيا قوات سوريا الديموقراطية".

مدير المكتب الإعلامي في "فرقة السلطان مراد" محمد نور، قال لـ"المدن"، إن كتيبة "أبابيل الحق" بقيادة أبو الخير، هي مجموعة من قطاع الطرق، وجزء منهم كان يتبع لـ"فرقة السلطان مراد"، وهناك عدد من العناصر الذين فروا برفقة محمد خير شلاش، جزء كبير منهم كانوا في صفوف "الفرقة" وفي صفوف فصائل أخرى، من بينها "فرقة الصفوة الإسلامية" و"لواء الأحفاد". وجميع أولئك العناصر كان قد تم فصلهم من التشكيلات التي كانوا يتبعون لها قبل شهور، وتحولوا إلى مهربين وقطاع طرق وهم ملاحقون أمنياً من قبل الفصائل.

وأضاف نور: "تلقينا شكاوى متعددة عن عمليات سرقة ونهب في مناطق ريف حلب الشرقي، وقام الجهاز الأمني التابع لفرقة السلطان مراد بملاحقتهم، وبعدما ضاق الخناق عليهم في المنطقة فروا باتجاه مناطق سيطرة النظام". وأوضح نور أن المجموعة المسلحة كانت على تنسيق مباشر مع "قوات سوريا الديموقراطية" ومليشيات النظام في المنطقة، بسبب تداخل الجبهات قرب مدينة الباب بين تلك الأطراف. وتابع: "رصدنا أن جزءاً منهم فر باتجاه ريف منبج حيث تتمركز (قسد)، وآخرين فروا باتجاه مناطق النظام".

قائد "لواء ألب رسلان" سابقاً، أبو علي رسلان، الذي ينحدر من منطقة منبج التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديموقراطية" في ريف حلب، قال في تسجيل صوتي الخميس، إنه "اتخذ القرار الصحيح بعودته إلى حضن نظام الأسد"، وأضاف أنه "لقي مع عناصر آخرين انشقوا عن المعارضة تقديراً واحتراماً من جيش النظام، الذي منحه مميزات كالاحتفاظ بالسلاح والسيارات رباعية الدفع العسكرية التي فر بها باتجاه مناطق النظام".

رسلان تنقل بين فصائل معارضة متعددة، عملت في ريف حلب خلال الفترة الماضية، من بينها "لواء جند الحرمين" و"فرقة حلب الأولى"، واتهم أكثر من مرة بسرقة السلاح والذخائر التي تقدمها غرف العمليات التابعة للمعارضة في قتالها لتنظيم "الدولة".

وفي تسجيل صوتي مماثل، علق محمد خير شلاش، على قرار انشقاقه مع مجموعته المقاتلة عن المعارضة، بأنه "اختار العودة إلى صفوف النظام لأنه لن يرضَى ورفاقه أن يكونوا عبيداً لتركيا" التي تمتلك نفوذاً في مناطق "درع الفرات" سابقاً في ريف حلب. وتحدى شلاش المعارضة في ريف حلب أن تهاجم "وحدات حماية الشعب" الكردية، متهماً إياها بالجبن.

محمد الشلاش "ابو الخير"، من منطقة منبج أيضاً، كان قبل العام 2014 في "كتائب أحفاد الرسول" العاملة في الرقة، ثم خرج إلى تركيا بعد سيطرة تنظيم "الدولة" على الرقة وتمدده نحو الريف الشرقي لحلب. وبعد عام كامل دخل أبو الخير إلى أعزاز في ريف حلب الشمالي، وعمل في فصائل تابعة للمعارضة كان آخرها "فرقة السلطان مراد".

الناشط الإعلامي أحمد محمد، حمّل المعارضة مسؤولية ضمها لـ"شخصيات غير ثورية"، وتمتلك ماضياً إجرامياً ومخابراتياً واضحاً، ولديها سجل حافل من الخدمات لصالح النظام. محمد قال لـ"المدن"، إن محمد خير الشلاش في الأصل هو عميل للنظام، ولديه أقارب كثر لا يزالون في صفوف المليشيات وقوات الأمن، وعمه عضو "مجلس الشعب" عبدالله الشلاش، وابن عمه مطر عبدالله الشلاش، نقيب في قوات النظام، وعمه فيصل الشلاش، مرشح لـ"مجلس الشعب" ويدعم بالمال المليشيات في ريف حلب الشرقي، وابن عمه حمود فيصل الشلاش نقيب في قوات النظام، وعمه شلاش ابراهيم الشلاش، عضو في "مجلس منبج العسكري" التابع "قوات سوريا الديموقراطية".

وأوضح الناشط محمد، أن النظام يحاول أن يستثمر هذه الحادثة إعلامياً، ويبث مشاعر الإحباط واليأس في نفوس مقاتلي المعارضة، وزعزعة ثقة حواضنها الشعبية بها، وبالتحديد في ريف حلب الذي حررته المعارضة من تنظيم "الدولة". ويتعرض ريف حلب الشمالي والشرقي، "مناطق درع الفرات" سابقاً، وفق محمد لحملة تشويه إعلامية من قبل مليشيات النظام و"قسد"، ولكلا الطرفين أطماع للتمدد في المنطقة ومنع أي محاولة لإنعاشها بحيث تكون منطقة آمنة جاذبة للسكان المهجرين.

حادثة انشقاق الكتيبة المسلحة، وقادة من المعارضة، وعودتهم إلى صفوف النظام ليست جديدة، ولن تكون الأخيرة طبعاً، فالنظام يحتفظ بعدد كبير من العملاء في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، جزء منهم انخرط بشكل مباشر في العمل المسلح، وانضم إلى صفوف فصائل المعارضة في فترات مختلفة، في الوقت الذي كانت فيه المعارضة بحاجة لمقاتلين لقتال "الدولة" ولم تكن حينها تضع شروطاً لانضمام المقاتلين الجدد إلى صفوفها. وذلك إن صحّت رواية المعارضة بأن هؤلاء المنشقين عنها كانوا بالفعل خلايا أمنية تعمل لصالح النظام.

عمالة كتيبة "أبابيل الحق" للنظام و"قسد"، ليست حتمية، فالواقع الميداني في ريف حلب الذي تسيطر عليه المعارضة، ليس بأفضل أحواله. توقف المعارك في المنطقة التي أصبحت أشبه ما تكون بالمحاصرة من كل الجهات، وتوقف الدعم المالي بشكله المعتاد، أثر على تركيبة هذه الفصائل وتماسكها، وتوجه عدد لا بأس به من عناصر فصائل المعارضة إلى فرض أتاوات ومحاولة تعويض عجزهم المالي بطرق غير مشروعة بعد انخفاض رواتبهم. الأمر الذي تسبب بفصلهم في كثير من الأحيان وتعرضهم للمحاسبة، وتحول جزء كبير منهم في ما بعد إلى مجموعات مسلحة تعتاش على التهريب والحواجز. وربما اختار عناصر "أبابيل الحق" الفرار بعدما اشتدت ملاحقتهم الأمنية. والنظام بحاجة لمثل هذه الخطوات في هذه الظروف، ولعله مستعد لاستقبال المزيد من المنشقين، ليمنحهم مزايا افتقدوها في مناطق سيطرة المعارضة التي أصبحت فقيرة.

الحادثة مؤشر خطير. ويمكن أن تصبح هذه الظاهرة المقلقة أكثر انتشاراً خلال الفترة القادمة بالنظر إلى إمكانية تلاشي عدد كبير من الفصائل المسلحة في ريف حلب، بحيث يصبح آلاف مقاتلي المعارضة عاطلين عن العمل، وبذلك يصبحون أمام خيارات صعبة. فالكثير من مقاتلي الفصائل ممن كان لديهم مهن حرفية تركوها قبل سنوات، هم اليوم عاجزين عن العودة لمزاولة مهنهم من جديد. الأمر الذي يفرض على المعارضة في ريف حلب أن تجد حلاً لهذه المشكلة التي بدأت تظهر بالتدريج. وذلك كي تقطع الطريق على النظام و"قوات سوريا الديموقراطية" محاولاتهم جذب هؤلاء العاطلين عن العمل إلى صفوفهم. هذا الفرز يقتصر على الشريحة التي انضمت للقتال في صفوف المعارضة كمصدر رزق بعد توقف الكثير من المهن، ولم يكن لديها أي دوافع أخرى، كمعارضة النظام على أقل تقدير.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها