الجمعة 2017/05/05

آخر تحديث: 17:29 (بيروت)

"المناطق الآمنة في سوريا":صفقة كبرى بين روسيا وأميركا

الجمعة 2017/05/05
"المناطق الآمنة في سوريا":صفقة كبرى بين روسيا وأميركا
AFP ©
increase حجم الخط decrease
وصفت صحيفة "فزغلياد" الروسية، اتفاق إنشاء "مناطق تخفيف التصعيد" في سوريا بـ"الصفقة الكبرى"، واعتبرت أن الاتفاق ينبىء بتغير جذري طرأ على موقف روسيا تجاه الأزمة السورية.

وقالت الصحيفة، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه كان قد أعلن عن موافقة روسيا على إنشاء هذه المناطق، قبل لقاء أستانة، وذلك في ختام اللقاء مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في سوتشي، وقال إنه سبق أن ناقش هذا الأمر مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال المحادثة الهاتفية معه، وأن واشنطن تدعم هذا الإجراء.

وبحسب "فزغلياد"، فإن الدبلوماسيين الروس في لقاء أستانة، لم يوافقوا فحسب على الفكرة، التي كان يقترحها الأميركيون والأتراك منذ زمن طويل، بل وقدموا أيضاً خطة ملموسة لإنشاء هذه المناطق وترتيبها.

ورأت الصحيفة أن الدول العظمى "يبدو أنها قد عثرت، ولأول مرة بعد ست سنوات على الحرب في سوريا، على معادلة للسلام في هذا البلد". وقال بوتين إنه قد أجرى مشاورات مسبقة مع دمشق وطهران، وإن الإشراف على تنفيذ الهدنة في المناطق الآمنة سوف يشكل موضوع مفاوضات مستقلة، وأن "الحرب على الإرهاب" في سوريا سوف تتواصل بعد إنشاء هذه المناطق أيضاً.

واعتبرت الصحيفة، أن خطة إنشاء "مناطق آمنة" في سوريا هي خطة قديمة، عملت عليها إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ولكنها اصطدمت برفض روسي قاطع، حيث أعلن وزير الدفاع الأميركي وقتها، في الكونغرس، أن إنشاء مثل هذه المناطق يعني في الحقيقة صداماً مباشراً مع القوات المسلحة الروسية، أي إنه، وبكل بساطة، أمر غير ممكن بالنسبة لأميركا، في حين أن هذه الحدة في الموقف الروسي لم تكن موجودة مع إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب، حيث أمر وزارة الدفاع الأميركية بإعداد خطة "المناطق الآمنة" في سوريا خلال 90 يوماً، ونتيجة للتعاون الدبلوماسي مع روسيا، أصبح هذا الاتفاق جاهزاً للتنفيذ.


ونقلت الصحيفة عن عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الفدرالية أولغ ماروزوف قوله، إن الإتفاقية بشأن إنشاء مناطق آمنة "هي إشارة طيبة جداً"، إلا أنه حذر من استخدام مصطلح "صفقة".

ويؤكد ماروزوف أن إقامة مثل هذ المناطق "هي فكرتنا المزمنة"، وتقوم مهمتها في اجتذاب الشركاء، الذين يتوقف عليهم حل الصراع في سوريا، إلى هذه الفكرة. و"استعداد اثنين من شركائنا الأساسيين؛ الولايات المتحدة وتركيا، (لم تكن إيران قد وقعت بعد على مذكرة أستانة)" لدعم هذه الفكرة "هو إشارة إيجابية جداً". إلا أنه يحذر من توهم الإفتراض، بأنه "قد تم العثور على مفتاح لجميع المشاكل في سوريا. أعتقد أن الأمر هو البداية فقط".

وتنقل الصحيفة عن ماروزوف تأكيده بأنه لا يعتبر أن روسيا قد ابتعدت بذلك عن الأسد. ويقول "الأسد، حسب معلوماتي، قد ساند فكرة المناطق الأربعة هذه. والأمر يتم بموافقة الأسد التامة، ولا يمكن أن يكون الأمر على غير ذلك. فروسيا تقول، وكما في السابق، أننا موجودون في سوريا بدعوة من الحكومة الشرعية، ولا يسعنا أن نعمل، من دون تنسيق مواقفنا مع الأسد".

أما عميد إحدى كليات مدرسة الإقتصاد العليا في موسكو سيرغي كاراغانوف، فيعتبر أن روسيا قد انتصرت سياسياً في سوريا، وأقامت نظام تعاقب الأنظمة، وحققت جميع الأهداف، عملياً، ولذلك "أصبحنا نملك الآن مواقع قوية بما يكفي لكي نبدأ المحادثات، لاسيما وأننا بحاجة إلى اي اتفاق، في نهاية المطاف، لأن الحرب التي لا تنتهي قد تمتصنا". وأكد هذا البوليتولوج للصحيفة، أن روسيا ينبغي أن تعيش "بعقلها، وليس بعقل الأسد". والمحافظة على بقاء الأسد في السلطة "ليس هدفنا. هدفنا هو التوصل لإقامة سلم ثابت نسبياً في سوريا".

الأمر الذي تجدر الإشارة إليه، هو أن الكلام، الذي ساقته أعلاه صحيفة "فزغلياد" يوم الأربعاء الماضي، وأكدت فيه انسجام الكرملين التام مع ما طرحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن ضرورة إقامة مناطق آمنة في سوريا، بل والمساعدة في إعداد الخطة اللازمة لذلك، قد عادت في اليوم التالي تماماً، أي الخميس، لتقول عكسه. فقد كتبت في التاريخ المذكور مقالة بعنوان "روسيا وتركيا وإيران سوف يقومون بما لم يتسنى للولايات المتحدة القيام به". وقالت، إن المناطق الأربعة الآمنة، التي وقع مذكرة إقامتها كل من روسيا وتركيا وإيرا ن في أستانة، قد تصبح مناطق حظر طيران أيضاً، كما كان يرغب الأميركيون. إلا أن ما يجري "ليس تنازلاً لواشنطن، بل هو جزء من استراتيجية أشد تعقيداً، وليس متاحاً للولايات المتحدة أن تستوعبها".

وبدون الدخول في تفاصيل ما ورد في المقالة الثانية حول المناطق الآمنة في سوريا وصعوبة تحقيقها، كما أشارت الصحيفة، إلا أن المناطق الآمنة هذه ليست، كما يبدو، سوى "الإنتصار" الذي تحدث عنه أحدالخبراء الروس أعلاه، وقال إن روسيا تحتاجه للخروج من الحرب السورية، التي تهدد بأن تكون بلا نهاية. و"الإنتصار" المشار إليه ينبغي أن يؤمن لروسيا، من جهة، عدم عرقلة الحوار التوددي مع الإدارة الأميركية الجديدة، التي لا يمكن تصور أي حل في سوريا بدونها، ومن جهة ثانية أن لا يمس هذا "الإنتصار" ما تحقق من "عظمة" لروسيا خلال مشاركتها في المقتلة السورية المتواصلة منذ سنوات.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها