الإثنين 2017/04/24

آخر تحديث: 10:34 (بيروت)

هل اقتربت معركة إدلب..وما هو دور "وحدات الحماية" فيها؟

الإثنين 2017/04/24
هل اقتربت معركة إدلب..وما هو دور "وحدات الحماية" فيها؟
فشلت مليشيات النظام في إحراز أي تقدم بري على الرغم من من التغطية الجوية الروسية (المدن)
increase حجم الخط decrease
التطورات المتسارعة في وسط وشمالي سوريا، واستعجال النظام وروسيا وإيران تحقيق تقدم عسكري واسع على حساب المعارضة خلال فترة قصيرة، يمكن تفسيرها بمحاولة حلفاء النظام تطويق معقل المعارضة في إدلب، تمهيداً لما يبدو أنه المعركة الأكبر منذ خسارة المعارضة حلب الشرقية نهاية العام 2016. ويبدو أن "وحدات حماية الشعب" الكردية، الذراع العسكرية لحزب "الاتحاد الديموقراطي"، ستشارك النظام وحلفاءه تلك المعركة، مع تسليمها لقرية باشمرا شمالي حلب لمليشيات النظام، وسط تزايد الحضور الروسي العسكري في عفرين ومحيطها.

وخسرت مليشيات النظام 30 عنصراً على الأقل وآليات عسكرية مدرعة بينها دبابة "T-72"، السبت، في أحدث هجوم لها ضد مواقع المعارضة المسلحة في جبهات ضواحي حلب الشمالية والشمالية الغربية؛ في خربة عندان وجبل الشيخ عقيل وشويحنة وجبل المعارة، وفشلت في إحراز أي تقدم بري على الرغم من من التغطية الجوية الروسية، والضربات المدفعية والصاروخية العنيفة التي استمرت على مدى ساعات المعركة الست.

المقاتلات الحربية الروسية شنت هجمات انتقامية بعد فشل المليشيات بالتقدم، وقصفت مدينة دارة عزة بـ15 غارة جوية أسفرت عن مقتل أربعة مدنيين وجرح آخرين، وطالت أكثر من 75 غارة جبهات المعارضة و20 قرية وبلدة في ريفي حلب الغربي والشمالي القريبة من خطوط القتال. وسبق أن حاولت المليشيات التقدم في المحاور ذاتها، في 17 و18 نيسان/إبريل، لكنها فشلت أيضاً، وخسرت العشرات من عناصرها.

وما يميز المحاولة الأخيرة أن المليشيات ركزت هجومها باتجاه مواقع المعارضة المسلحة في الشيخ عقيل وقبتان الجبل، انطلاقاً من بلدة باشمرا التي تسلمتها من "وحدات حماية الشعب" الكردية مؤخراً. ووفرت باشمرا التي أخلتها الوحدات من سكانها، لقوات النظام، جبهة لا يقل طولها عن 5 كيلومترات تشرف بشكل مباشر على مواقع المعارضة في جبل الشيخ عقيل. كذلك لا يفصل بلدة باشمرا التي شن النظام هجماته منها عن بلدة قبتان الجبل و"كتيبة الشيخ سليمان"، سوى 6 كيلومترات. وهذان الموقعان يعتبران من أبرز مواقع "حركة نور الدين الزنكي" المنضوية في "هيئة تحرير الشام" ومركز ثقلها في ريف حلب.


(المصدر: LM)

وأما المحاور الآخرى التي شهدت معارك مشابهة بين الطرفين، ومحاولات تقدم للنظام هي خربة عندان وشويحنة وجبل المعارة، ولاقت المليشيات فيها مقاومة عنيفة أفشلت محاولات تسللها للسيطرة على نقاط متقدمة في خطوط المعارضة. ولا تختلف هذه المواقع المستهدفة من قبل المليشيات عن بعضها كثيراً، من حيث الارتفاع والطبيعة الجبلية الوعرة؛ فهي امتداد لكتلة جبل سمعان الجبلية التي يتفرع عنها مجموعة من التلال الوعرة الممتدة بين ريفي حلب الشمالي والغربي وصولاً إلى الحدود التركية. وهذه المناطق الجبلية التي تتحصن فيها المعارضة تعتبر عامل قوة لمواجهة مليشيات النظام.

وما تزال العمليات العسكرية للنظام وحلفائه حتى الآن محدودة، وتندرج في إطار عمليات الاستطلاع والرصد لجبهات المعارضة، والبحث عن نقاط ضعفها وقوتها. وهذه الجبهات جديدة ومعقدة ولا تعرف المليشيات عنها شيئاً بسبب طبيعتها، وصعوبة الحصول على معلومات كافية عنها تمكنها من تقدير الموقف العسكري فيها قبل انطلاق المعركة التي ربما ستكون بوتيرة أعلى، وتغطية جوية ومدفعية أكبر من الوقت الحالي.

ويحاول النظام تحقيق خرق على حساب المعارضة من خلال الاعتماد على المعلومات التي توفرها له "وحدات حماية الشعب" الكردية عن جبهات ومواقع تمركز قوات المعارضة، وحجم إمكاناتها البشرية والتسليح. وستكون الجبهات المفضلة لمليشيات النظام، في حال انطلاق العملية العسكرية الواسعة، هي تلك التي تمتد من المناطق التي تسلمتها المليشيات من "وحدات الحماية" شمال غربي عندان وصولاً إلى فافرتين. ومن المتوقع أن تكون بلدتا دارة عزة وقبتان الجبل في مرمى النار مباشرة، بالإضافة لعدد من المواقع العسكرية والقواعد التي تتجمع فيها المعارضة.

الوحدات الكردية لديها تصور واسع عن جبهات المعارضة المسلحة في ريف حلب والمحيطة بمنطقة عفرين، وتعرف أي الجبهات تمثل الخاصرة الرخوة بالنسبة للمعارضة بحكم الاشتباكات والجبهات المتوترة منذ منتصف العام 2012. كما أن ريفي حلب الغربي والشمالي الغربي يتصلان بمناطق سيطرة "الوحدات" في عفرين بطريق تجاري شبه دائم يصل عفرين بدارة عزة وباقي مناطق سيطرة المعارضة، ما يؤمن لـ"الوحدات" إمكانية جمع المعلومات عن المعارضة بشكل مستمر.

ومن المتوقع أن يكون لـ"وحدات الحماية" دور أكبر في العمليات العسكرية التي يخوضها النظام باتجاه مناطق ريفي حلب الشمالي والغربي خلال الفترة القادمة. ولو تمكن النظام من تحقيق تقدم هناك، فستستفيد "الوحدات" من إبعاد خطر المعارضة عن مركز ثقلها في عفرين، وتسحب من يد المعارضة ورقة ضغط أخرى كما فعلت في ريف حلب الشمالي عندما تقدمت وسيطرت على أكثر من 15 قرية وبلدة شرقي عفرين من بينها تل رفعت، مطلع العام 2016.

وحصلت "المدن" على معلومات من مصادر خاصة في مناطق سيطرة "وحدات الحماية" تؤكد وصول عدد من الدبابات الروسية "T-92" ومنصات صواريخ ومدفعية، إلى قرى ريف عفرين المواجهة لجبل سمعان في ريفي حلب وإدلب الذين تسيطر عليهما المعارضة المسلحة. المصادر أكدت أن "الوحدات" طلبت من أهالي جميع القرى الواقعة على خط التماس إخلاء قراهم خلال الفترة القادمة "من أجل سلامتهم".

الناشط عبدالكريم ليلى أكد لـ"المدن" أن القوات الروسية عززت من تواجدها في منطقة عفرين، خلال الأسبوعين الماضيين، وبدل أن تركز في الجبهات المقابلة لمناطق "درع الفرات" السابقة في ريف حلب الشمالي ركزت كامل تواجدها في البلدات والمناطق المقابلة لمناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب الغربي وريف إدلب. ويُعتقد أن القوات الروسية هي من سيدير المعركة المُقبلة في ريف حلب.

ويعتقد ليلى أن معركة ريف حماة المشتعلة الآن، ومعركة ريف حلب المفترض اشتعالها بشكل جدي أكثر وبشكل تصاعدي خلال الفترة القادمة، تتقاطعان حول الهدف الرئيس للنظام وحلفائه؛ إطباق الطوق على المعارضة في إدلب، بعد تأمين كافة الجبهات في حلب وحماة، والقضاء على كل جيوب المعارضة المسلحة فيها والتي من الممكن أن تشكل أي خطر.

وفي الوقت الذي يشهد فيه ريف حماة الشمالي أعنف المعارك بين النظام والمعارضة، وسط تقدم متواصل للنظام، فإن بعض أوساط المعارضة تعتقد بأن اشعال جبهات ريف حلب ما هي إلا محاولة من قبل النظام لإشغال المعارضة وتشتيت جهدها الحربي، وليست واسعة كما يتم تصويرها. لكن الوقائع على الأرض تثبت عكس ذلك نظراً للتعزيزات العسكرية المستمرة التي تصل جبهات الريف، وبالتحديد بالقرب من عندان في الشمال، والمحاولات المتكررة للتقدم على الرغم من الكلفة الكبيرة التي يدفعها النظام في كل مرة. العمليات العسكرية الناجحة التي يخوضها النظام في ريف حماة الشمالي ستدفعه لإشعال جبهات ريف حلب فهي لا تقل أهمية عنها، وتعتبر محوراً استراتيجياً لتطويق المعارضة في إدلب وتقييد حركتها. وفي الوقت نفسه بدأ قادة محسوبون على المعارضة، وبشكل غير مباشر، التصريح عن إمكانية خوض معركة في إدلب ضد "هيئة تحرير الشام" التي تشكل "جبهة فتح الشام" عمودها الفقري.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها