الثلاثاء 2017/03/14

آخر تحديث: 12:49 (بيروت)

وثيقة "حماس"الوشيكة:مراجعة للهوية والعلاقات الدولية

الثلاثاء 2017/03/14
وثيقة "حماس"الوشيكة:مراجعة للهوية والعلاقات الدولية
AFP ©
increase حجم الخط decrease

تستعد حركة المقاومة الإسلامية "حماس" للإعلان قريباً عن وثيقتها السياسية التي عكفت على صياغتها في أطرها ومرجعياتها الشورية والسياسية على مدار عام كامل. وتتضمن الوثيقة التي تم الانتهاء من صياغتها وتخضع للمراجعة النهائية (قانونياً ودستورياً وسياسياً) بالتزامن مع ترجمتها إلى أكثر من لغة، بنوداً ونصوصاً مرتبطة برؤيتها إزاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وكذلك طبيعة وماهية علاقتها بجماعة الاخوان المسلمين.

هذه الوثيقة التي ستطرحها الحركة في المكان والزمان المناسبين، على حد تعبير القيادي في حماس عاطف عدوان، تأتي بينما تتواصل انتخاباتها الداخلية التي انتهت مرحلتها الأولى بصعود العسكر في غزة، تمهيداً لاستكمال مراحلها التالية في الضفة والخارج والسجون الإسرائيلية.


عاطف عدوان الذي بدا مُتحفظاً في الكشف عن تفاصيل الوثيقة، توقع في الإعلان عنها خلال أسابيع قليلة، وقال لـ"المدن"، إن الوثيقة مهمة "في هذه المرحلة تحديداً، لاسيما في ظل المستجدات الاقليمية والدولية، ومحاولات الخصوم والحاقدين تشويه صورة حماس امام المجتمع الدولي".


وعلّل سبب إهتمام "حماس" ببلورة هذه الوثيقة بالقول، إن "حماس رقم صعب لا يُمكن تخطيه، وهناك كثر يريدون أن يفهموها ويعرفوا عنها، ويبدو أن مواقف وتصريحات قيادات الحركة لم تكن كافية ولم تُلبِ الحاجة، كما أن مَن يحب حماس في الإقليم لم يستطع أن يدافع عنها ويوضح توجهاتها بالشكل المطلوب، فكان لا بد من إعداد هذه الوثيقة المكتوبة التي تحمل في طياتها الإجابات الواضحة إزاء رؤية الحركة السياسية وطريقة تفكيرها، وبالتالي تُريح بعض الأطراف الدولية التي تضع علامات إستفهام على حماس في ظل محاولات تشويه صورتها من قبل الخصوم والأعداء".


وحول ما إذا كانت الوثيقة المُرتقبة قادرة على تسويق الحركة دولياً، قال عدوان إن المجتمع الدولي عندما يطّلع على الوثيقة ويفهم توجهات الحركة وطريقة تفكيرها المنفتحة على الجميع، فإن مُنطلقاته في التعامل مع "حماس" ستختلف، خاصة وأن جهات دولية حاولت مراراً التأثير على مواقف الحركة والتغيير في آرائها، بيد أن توثيق رؤى ومبادئ الحركة في وثيقة مكتوبة من شأنها أن تجعل الصورة جلية أمام من يريد أن يتواصل مع "حماس"، فتكون الأمور أكثر يُسراً.


ويُفهم من إجابات عاطف عدوان أن الوثيقة السياسية مُوجهة للخارج أكثر من الداخل، وهذا ما يؤكده أيضاً مصدر قيادي مُطلع في "حماس" لـ"المدن"، موضحاً أن الوثيقة تجري ترجمتها لما يقل عن أربع لغات، ما يعني أنه سيتم الإفراج عنها، بالتزامن، بخمس نسخ (عربية، عبرية، انجليزية، فرنسية، ألمانية)، حتى لا يُترك المجال للتفسيرات والتأويلات المتعددة، الأمر الذي يُظهر اهتماماً وحرصاً كبيرين من قبل الحركة من أجل إيصال معنى وتفاصيل الوثيقة كما هي، ومن دون تحريف، إلى الدول الغربية المؤثرة.


ويصف المصدر هذه الوثيقة بأنها تعبير عن فكر "حماس" السياسي، وهي أقرب إلى البرنامج السياسي، لكنها ليست كذلك بالضبط، موضحاً أنه "طوال الفترة الماضية ومنذ نشوء حركة حماس اواخر عام 1987، لا يتوفر لها برنامج سياسي واضح وإنما مقتطفات وتصريحات من هذا القيادي أو ذاك والتي غالباً ما كان يتم تحويرها وإثارة الجدل الإعلامي حيالها، كما أن ميثاق الحركة ليس لغة خطاب يفهمه الجميع، كونه يتحدث عن أدبياتها الإيديولوجية كذراع إخواني في فلسطين، غير أنه لا يُمكن أن يفهمه الآخر المتمثل بالإقليم والعالم، لأن لغته غير مفهومة سياسياً فكان لزاماً صياغة الوثيقة للخروج من هذه الإشكاليات".


وبالنظر إلى بعض البنود التي يتم كشفها، حول موافقة "حماس" على دولة فلسطينية على حدود عام 1967 من دون الاعتراف بإسرائيل، مروراً بالتأكيد على أنها حركة وطنية فلسطينية ذات مرجعية إسلامية، فإن الوثيقة في الإطار العام ليست جديدة وإنما الجديد أنها تأتي بروح ولغة سياسية تُفهم لأول مرة من مختلف المشارب والاتجاهات واللغات، كما أنها أكثر قبولاً، فهي تتحاشى ذكر كلمة العداء لليهود، وإنما تُركز على مصطلح الاحتلال والصهيونية.


وفي هذا السياق، لم يستبعد المصدر أن يعترض بعض المفسرين الأصوليين للوثيقة على ذلك، فيقول: "القرآن ذكر اليهود ولا يوجد شيء إسمه صهيوني". ويتابع "هؤلاء يجب أن يعرفوا أننا الآن يجب أن نكون براغماتيين ونتحدث بلغة يفهمها الجميع، ثم نحن لم نتخلّ عن مبادئنا، ولكننا نجدد في خطابنا ولغتنا، لا أكثر".


كما تحاول الوثيقة الإشارة بالعموم إلى المرجعيات الإسلامية في المحيط العربي، فالجملة الخاصة بذلك تتحاشى الحديث عن العلاقة العضوية بجماعة الإخوان المسلمين، على عكس ميثاق الحركة الذي يشير إلى ذلك صراحة، إذ تُؤكد الوثيقة على فلسطينية الحركة من خلال تعريفها بهويتها "حركة وطنية ذات مرجعية إسلامية".


أما لناحية موقع "كتائب القسام" من الوثيقة، فقال القيادي في "حماس" إن الوثيقة أقرب إلى "القسام" وطريقة تفكيرهم، كونهم يمتلكون رؤية سياسية وفكرية توصف بالبراغماتية، مُستدلاً على ذلك بعلاقة "القسام" مع إيران رغم معارضة بعض القيادات السياسية وكذلك "الأذرع الإخوانية" في الوطن العربي في وقت مُبكر وقبل التدخل الإيراني المُثير للجدل لصالح النظام السوري في أعقاب اندلاع الثورة عام 2011.


ويأتي الحديث عن الوثيقة، بينما تصاعدت في السنوات الأخيرة عروض قدمها مسؤولون غربيون على "حماس"، من أجل ترويضها وجرها إلى مربع "السلم" مقابل فتح دول غربية أذرعها للحركة. وكان أحدثها عندما قدم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، عرضاً على قيادة "حماس" الخارجية للذهاب نحو هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل تصل إلى 15 عاماً وأن يُعلن عن ذلك رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل في مؤتمر صحافي من لندن، مقابل فتح الباب أمام علاقات قوية مع دول أوروبية وأن تقوم الأخيرة ببذل جهودها لتحذو أميركا حذوها، غير أن قيادة "حماس" في غزة هي من أفشلت ذلك، بحسب ما ذكر مصدر دبلوماسي لـ"المدن".


ولعل هذه الوثيقة يُراد بها أن تُثبت الخطوط العامة لـ"حماس" ومواقفها السياسية عبر وثيقة مكتوبة لأول مرة، فمن جهة، تبتغي الحركة أن تُريح نفسها من الضغوط الدولية المستمرة والهادفة إلى جرها نحو مواقف سياسية لا تُحمد عُقباها لاسيما الاعتراف بإسرائيل. ومن جهة ثانية، يتبين أنها معنية جداً بتسويق نفسها للغرب عبر القول إنها "براغماتية" و "مُنفتحة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها