الإثنين 2017/02/27

آخر تحديث: 12:18 (بيروت)

النظام يسيطر على تادف..والمعارضة تأمل توسع "درع الفرات"

الإثنين 2017/02/27
النظام يسيطر على تادف..والمعارضة تأمل توسع "درع الفرات"
تعول المعارضة على جرأة الحليف التركي (انترنت)
increase حجم الخط decrease
سيطر النظام وحلفاؤه على بلدة تادف، في ريف حلب الشرقي، الأحد، بعدما انسحب منها تنظيم "الدولة الإسلامية"، الجمعة والسبت. وبذلك يكون النظام قد حسم الجدل الذي وقع بعدما سيطرت المعارضة المسلحة التابعة لـ"درع الفرات" على مدينة الباب، أكبر معاقل تنظيم "الدولة الإسلامية" في ريف حلب قبل أيام. وكان الرهان من قبل أوساط المعارضة على استمرار العمليات العسكرية لـ"درع الفرات" نحو تادف التي تبعد كيلومترين عن الباب، ومنها التوغل أكثر جنوباً على حساب التنظيم، أي الدخول رسمياً بسباق مع النظام هناك.

تجنبت مليشيات النظام الانتشار وتمشيط البيوت بشكل كامل داخل تادف فور الوصول إليها، وانتشرت بحذر في أطرافها، وعدد من الأحياء الطرفية، خوفاً من الكمائن المتفجرة، والألغام التي عادة ما يتركها التنظيم بعد انسحابه. مليشيات النظام وبعدما أصبحت على تماس مباشر مع المعارضة جنوبي البلدة، وقرب الطريق الدولي، قصفت مواقع المعارضة بالرشاشات الثقيلة والهاون، ما دفع المعارضة للرد بشكل عنيف. الأمر الذي تحول إلى اشتباك مباشر بمختلف أنواع الأسلحة، واستمر لساعات قبل أن يهدأ من جديد منتصف ليل الأحد/الإثنين.


خريطة الباب 27 شباط 2017 (LM)

قائد "لواء سمرقند" (مشارك في معارك "درع الفرات") الملازم وائل موسى، أكد لـ"المدن"، مقتل وجرح 20 عنصراً من مليشيات النظام خلال الاشتباكات التي جرت في محيط بلدة تادف جنوبي الباب، مشيراً إلى أن مقاتلي "لواء سمرقند" لديهم تعليمات باستهداف المليشيات بشكل متواصل كي لا يتسنى لها الاستقرار في البلدة. وأضاف موسى أن المعارضة في "درع الفرات" تفاجأت بالانسحاب السريع لتنظيم "الدولة الإسلامية" من تادف وبلدات جنوبي الباب، لحساب النظام، إذ كان مقرراً أن تواصل الفصائل معاركها جنوباً لتسيطر على البلدة والقرى المحيطة بها، من جهة الشرق، فور الانتهاء من عمليات تأمين مدينة الباب من الألغام، والأنفاق الملغمة، وتمشيطها من الخلايا لتسهيل عودة سكانها النازحين.

وأشار موسى إلى أن فصائل "درع الفرات" لا تستبعد المواجهة مع مليشيات النظام، و"وحدات حماية الشعب" الكردية في محيط مدينة الباب. المواجهة، بحسب موسى، حتمية لأن هناك قرار عملي لمواصلة العمليات العسكرية لـ"درع الفرات"، وذلك سيتقرر خلال الأيام القليلة القادمة في ضوء التطورات الميدانية. موسى أكد أن "درع الفرات" لا يمكن أن "تنكفئ في رقعة جغرافية صغيرة وتكتفي بالمراقبة".

الشمال والشرق الحلبيان أصبحا مفتاحاً للسيطرة على تركة "الدولة الإسلامية" التي بدت متلهفة لخلق الأجواء الملائمة لنشوب مواجهات كبيرة بالقرب من الرقة، معقلها الأكثر أهمية على الإطلاق بعدما أوشكت على خسارة الموصل في العراق. ويعول التنظيم على الأجواء التنافسية بين الأطراف الساعية لتقاسم مناطق سيطرته على ضفتي نهر الفرات السوري لكسب عمر أطول لدولته المتهاوية. فالتنظيم يدرك أن التفاهم حول معركة الرقة لم يحصل بعد، وهناك هامش كبير للمناورة لجرّ الأطراف نحو مواجهة قد تغير مسار العمليات العسكرية والسياسية بشكل كامل على الأقل خلال العام الحالي.

النظام بدوره، غيّر بشكل سريع محور عملياته شرقي حلب باتجاه ريف الباب الجنوبي الشرقي، بعدما كانت قواته نشطة في ريف دير حافر، وإلى الشمال منها. وتمكنت مليشيات النظام بالفعل من انتزاع 14 قرية، من قبضة التنظيم، خلال أقل من 48 ساعة،  وبذلك قلصت المسافة اللازمة لوصولها الى نهر الفرات إلى 8 كيلومترات فقط، لتصبح رأس حربتها المتقدمة في بلدة "نباتة صغير". وجاء ذلك على خلفية تحرير مدينة الباب على يد المعارضة في "درع الفرات". وكلا المحورين يوصل مليشيات النظام إلى ضفاف الفرات، ويتيح لها وصل مناطقها بمناطق سيطرة "وحدات الحماية" الكردية. لكن المحور الثاني يحقق لها قطع الطريق على "درع الفرات" بشكل شبه كامل، ويحرم المعارضة من أي توسع جديد جنوبي الباب.

العمليات العسكرية التي يخوضها النظام وحلفاؤه في ريف حلب الشرقي، باتت في قائمة أولويات النظام، ويحقق من خلالها أهدافاً استراتيجية كبيرة، أبرزها؛ امكانية وصل مناطق سيطرته في وسط وجنوب وغرب سوريا، بالجزيرة وشمال شرقي سوريا، بعد انقطاع بري دام لسنوات. كما تتيح تلك العمليات للنظام تقديم نفسه كلاعب أساسي في أي معركة قادمة ضد المعاقل الأخيرة لتنظيم "الدولة الإسلامية". النظام استقدم المزيد من التعزيزات العسكرية إلى شرق حلب، لمواصلة معركته بالوتيرة ذاتها، وتحقيق أهدافه بأقصى سرعة. وكذلك فعلت مليشيا "حزب الله" اللبناني، ومليشيا "حزب الله" العراقي، اللتان شاركتا بأكثر من 1000 عنصر إضافي، توزعوا في جبهات شرقي حلب. وحصلت المليشيات على دعم روسي، بري وجوي وعملياتي متواصل، منذ بدء التوسع نحو ريف حلب الشرقي.

"وحدات حماية الشعب" الكردية بدورها، رحبت بتمدد مليشيات النظام نحو أطراف الرقة، وهي تقدّم لها شتى أنواع المساندة العسكرية، وترى في هذا التوسع شراكة استراتيجية تجبر "درع الفرات" على تجميد عملياتها. الوحدات أشغلت فصائل المعارضة خلال الساعات الـ72 الماضية، عبر استهدافها في أكثر من موقع في ريفي حلب الشمالي والشرقي؛ وقصفت مارع وجبرين، واشتبكت مع المعارضة في أم عدسة والعجمي شرقي قباسين. الوحدات الكردية قتلت وجرحت خلال الأيام القليلة الماضية أكثر من 10 من مقاتلي المعارضة.

على الرغم من صعوبة الخيارات المتاحة أمام المعارضة المسلحة في معارك "درع الفرات" بعد سيطرتها على الباب، إلا أنها لا تكف عن إطلاق التصريحات التي تؤكد استمرار معاركها نحو أهداف استراتيجية جديدة؛ منبج والرقة. وآمالها قد تصل في كثير من الأحيان إلى السيطرة على كامل التراب السوري، وطرد مختلف القوى والمليشيات المحتلة، وإفشال المشاريع الانفصالية.

إلا أن الآمال في ريف حلب، حيث تسيطر فصائل "درع الفرات" المدعومة تركياً، هي وردية وحالمة ومقصودة، على الرغم من عدم واقعيتها، في الوقت الحالي على الأقل. والهدف الرئيس وراء السقف المرتفع للتصريحات، والآمال المكررة، هو جعلها تتوافق مع رغبات الشارع المعارض الذي يعوّل على انتصاراتها، وخططها المستقبلية، باعتبارها الأمل الأخير له، ولثورته بعدما خسر حلب، وربما خسر الرهان على إدلب بعدما سيطرت عليها التشكيلات الجهادية بشكل شبه كامل.

المعارضة المسلحة تأمل أن تستمر المعارك في "درع الفرات"، وفي الوقت ذاته، يمتلك مقاتلوها الحماسة للقتال على كل الجبهات بالمستوى نفسه، لكنها تعترف أنها لا تمتلك القرار بشكل كامل لخوض مواجهة كهذه بشكل منفرد. لذلك تعول المعارضة على جرأة الحليف التركي، هذه المرة، بخلاف ما عُرف عنه طيلة السنوات السابقة من تردد في اتخاذ القرارات الحاسمة، وفي الوقت المناسب.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها