الثلاثاء 2017/10/31

آخر تحديث: 11:36 (بيروت)

حلب:هل يُعد النظام للاستيلاء على شرقي سكة الحديد؟

الثلاثاء 2017/10/31
حلب:هل يُعد النظام للاستيلاء على شرقي سكة الحديد؟
القوات الإيرانية أصبح لديها قاعدتين عسكريتين في المنطقة (انترنت)
increase حجم الخط decrease
قال مصدر معارض لـ"المدن" إن النظام وحلفاءه يسعون للتوسع على حساب المعارضة المسلحة في المناطق الواقعة شرقي سكة حديد الحجاز، وتشمل أجزاء من ريف حلب الغربي والجنوبي وريف إدلب الشرقي وريف حماة الشمالي الشرقي.

وتتعرض هذه المناطق لهجمات برية وقصف متواصل من قبل قوات النظام ومليشياته، في ظل استقدام تعزيزات عسكرية إلى المنطقة. ويهدف النظام من خلال العملية العسكرية المحتملة إلى تأمين طريق جديد إلى حلب يمر من مناطق حيوية، من بينها أبو ظهور ومطارها.

وفي ظل عجز النظام عن السيطرة على طريق حلب–دمشق الدولي، فالسيطرة على خط سكة القطار والطريق البري الموازي لها قد تكون الخيار الأفضل للنظام. إذ يمكن الاستفادة منها كطريق مختصر، عوضاً عن طريق إثريا-خناصر، وفي الوقت ذاته تشغيل خط القطار الذي يربط وسط وغربي سوريا بحلب.

وبقيت المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة في ريف حلب الغربي، وشرقي سكة الحديد في أرياف حلب وحماة وإدلب، خارج نطاق اتفاق "خفض التصعيد"، عملياً، على الرغم من دخول كامل المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في المحافظات الثلاث ضمن الاتفاق. وذلك، بحسب ما تؤكده المعارضة التي حضرت اجتماعات "أستانة-6".

الحصة الأكبر من القرى والبلدات التي تقع على خطوط التماس المتوترة، تقع في حلب، وقد شهدت تلك المناطق هجمات برية متقطعة من قبل النظام والمليشيات في محاولة منها للتقدم والسيطرة على مواقع تراها حيوية. وآخر الهجمات التي شنها النظام كانت نحو منطقة الراشدين في ضواحي مدينة حلب الغربية. وسبق الهجوم قصف عنيف على مواقع "هيئة تحرير الشام" و"فيلق الشام" المتمركزين في منطقة الراشدين ومعظم الجبهات غربي حلب.

القائد العسكري في "فيلق الشام" النقيب قاسم إسماعيل، قال لـ"المدن"، إن مقاتلي "الفيلق" تصدوا لمحاولة التقدم المفاجئة التي شنها النظام في المنطقة، وأسفرت الاشتباكات التي استمرت لساعات عن مقتل وجرح 15 عنصراً من القوات المهاجمة، وتم تدمير آليتين عسكريتين للنظام، ولم يحرز النظام أي تقدم على الأرض.

وفي ريف حلب الجنوبي لم تهدأ الاشتباكات بين النظام والمعارضة، طيلة الفترة الماضية، وشهدت بلدات القراصي وحميرة وخلصة وبرنة وزيتان والعيس ومريودة وتل ممو وكفر حداد ومكحلة، وغيرها من القرى القريبة من خطوط التماس غربي بلدة الحاضر قصفاً مدفعياً وصاروخياً تسبب بتهجير معظم الأهالي نحو الريف الغربي.


(مركز عمران)

وفي مناطق تل الضمان وجبل الحص في ريف حلب الجنوبي، وصولاً إلى الحدود الإدارية لريف حماة الشمالي الشرقي، كان التصعيد جوياً في أغلب الأحيان. وتعرضت قرى جب الهيب ورشادية والمشيرفة ودبسان وبيشة وأم اسطبل وحرمكية وأم حلبوس وأبو عبدو وطيبة ومدرسة، لغارات جوية متواصلة شنتها المقاتلات الحربية الروسية وتلك التابعة للنظام، بالإضافة لاستهدافها بشكل متقطع بالمدفعية والصواريخ.

وبحكم توزع قرى منطقتي جبل الحص وتل الضمان بشكل موازٍ لطريق حلب-حماة، مروراً بخناصر، فقد بقيت مناطق توتر تشهد اشتباكات مستمرة بين "هيئة تحرير الشام" ومليشيات النظام. وتعتبر المنطقة مجالاً حيوياً لانتشار مقاتلي "قاطع البادية" من "هيئة تحرير الشام". وتتميز منطقتا جبل الحص وتل الضمان بطبيعتهما العشائرية كما في مناطق ريفي حماة الشمالي الشرقي وادلب الشرقي في أبو ظهور وسنجار، شرقي سكة الحديد.

ويعتبر النظام هذه المناطق منطلقاً لعمليات "الهيئة" وخطوطها الخلفية في قتالها المستمر منذ أكثر من شهر في ريف حماة الشمالي الشرقي، على جبهتي النظام و"الدولة الإسلامية" التي خسرت فيهما أكثر من 200 عنصر، وكميات كبيرة من العتاد والذخائر وسط قصف جوي ومدفعي عنيف. وتمكنت "الهيئة" من استعادة غالبية القرى التي دخلها التنظيم، لكنها خسرت في مواجهة النظام بسبب الضغط الجوي والبري الذي تتعرض له. وكانت بلدات الخفية وتل أحمر آخر البلدات التي سيطر عليها النظام في طريقه لاستعادة بلدة أبو دالي  التي خسرها منتصف تشرين الأول/أكتوبر.

القصف الجوي امتد ليشمل مواقع وقرى قريبة من بلدة أبو ظهور ومطارها، وشمل أيضاً ناحية سنجار في ريف إدلب الجنوبي الشرقي والتي تتبع إدارياً لمنطقة معرة النعمان. وتضم سنجار أكثر من 70 قرية ومزرعة تابعة لها. واستهدف القصف الروسي المنطقة على الرغم من أنها مكتظة بآلاف المهُجّرين الفارين من مناطق القتال في ريف حماة الشمالي الشرقي، ومن أقصى جنوب ريف حلب الجنوبي. وتعتبر سنجار مع أبو ظهور، الخط الفاصل بين المناطق شرقي السكة، وغربي إدلب التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، وهي مناطق لم يتوقف فيها القصف الجوي.

النظام كان قد عيّن قبل أيام رئيس أركان "الفيلق الثالث" اللواء محمد خضور، خلفاً للواء زيد صالح، كقائد عسكري جديد لـ"اللجنة العسكرية والأمنية" في حلب. وبحسب كتاب التكليف الصادر عن "وزارة الدفاع" التابعة للنظام فإن خضور بات يشغل منصب قائد "غرفة عمليات" النظام في الشمال، والتي تنوي العمل على أكثر من محور في ريف حماة الشمالي الشرقي، وريف حلب الجنوبي ومناطق سنجار وأبو ظهور، بالإضافة إلى توسيع نطاق سيطرة النظام في ضواحي حلب الغربية.

وبينما أصبح اللواء زيد صالح نائباً لقائد "الحرس الجمهوري"، فقد أصبح اللواء خضور في الوقت ذاته قائداً لـ"الفرقة 30 حرس جمهوري" في حلب، خلفاً لصالح أيضاً، وهي أكبر التشكيلات العسكرية التابعة للنظام في حلب. ووجه خضور بعد تسلمه العمليات في حلب المزيد من التعزيزات العسكرية إلى جبهات الضواحي الغربية، وأوعز لمليشيا "درع القلمون" باستقدام المزيد من التعزيزات نحو جبهات ريف حماة الشمالي الشرقي حيث المعارك مستمرة على أكثر من محور.

القائد العسكري في "فيلق الشام" النقيب قاسم إسماعيل، قال لـ"المدن": "لقد تمّ رصد تعزيزات جديدة للنظام في مختلف الجبهات غربي حلب، خلال الأيام القليلة الماضية، ونتوقع محاولة جديدة للنظام خلال الفترة القادمة باتجاه منطقة الراشدين وباقي مناطق ضواحي حلب الغربية، وهي مناطق لا يمكن للنظام التخلي عن التفكير بها كهدف استراتيجي يعزز من سيطرته على مدينة حلب ويُبعدُ خطر الفصائل عنها".

وأشار النقيب إسماعيل إلى أن المليشيات بما فيها "حزب الله" اللبناني، و"النجباء" العراقية، والأفغان كانت لهم تحركات مشابهة في ريف حلب الجنوبي بالقرب من الحاضر. وتعتبر هذه الجبهات للتغطية النارية والدعم البري للنظام في جبهاته غربي حلب. وتوقع النقيب إسماعيل أن يحاول النظام وحلفاؤه التهرب من اتفاق أستانة، والعمل على إفشاله في أي لحظة، لذلك تتهيأ المعارضة لأي تطور ولا تستبعد أن يشن النظام عملية واسعة في ظل التغيرات العسكرية التي طرأت والتعزيزات التي وصلت مؤخراً.

القوات الإيرانية التي تدير بشكل مباشر عمليات المليشيات في ريف حلب الجنوبي، أصبح لديها قاعدتين عسكريتين في المنطقة؛ الأولى في جبل عزان بالقرب من "معامل الدفاع" وهي الأكبر، والثانية بالقرب من بلدة الحاضر. وعززت إيران من تواجدها خلال الفترة الأخيرة باستقدام أعداد إضافية من عناصر "اللواء 65" التابع لـ"الحرس الثوري". وتتطلع المليشيات ومن خلفها إيران للسيطرة على مطار أبو ظهور العسكري وحرمان تركيا من هذا الموقع الاستراتيجي الذي لا يبعد كثيراً عن مواقعها جنوبي حلب.

وما يزال انتشار القوات التركية متركزاً في ريف حلب الغربي، والمناطق الحدودية مع إدلب، وتُجري فرق الهندسة والاستطلاع التركية جولات خجولة نحو العمق لاختيار مواقع استراتيجية يمكن أن تتمركز فيها، في مراحل لاحقة. لكن، وإلى الآن يبدو أن وصول القوات التركية إلى مطار أبو ظهور صعباً للغاية.

ولا يبدو التفاهم التركي-الروسي-الإيراني حول منطقة "خفض التصعيد" في إدلب وما حولها قد ثبّت الحدود، ما يجعل الباب مفتوحاً لاحتمالات كثيرة. ونفت المعارضة أن يكون اتفاق "خفض التصعيد" قد ضَمِنَ للنظام التقدم شرقي سكة الحديد، والوصول إلى مطار أبو ظهور، كما يروج النظام عبر وسائل إعلامه.

قائد "فرقة السلطان مراد"، عضو الوفد العسكري في اجتماعات "أستانة-7" العقيد أحمد عثمان، أكد لـ"المدن"، أن موضوع الخروق المتواصلة للنظام وروسيا شرقي إدلب وريف حماة الشمالي الشرقي وريف حلب، مدرجة في جدول أعمال "أستانة-7"، وسيتم بحثها مع الأطراف الأخرى، وسيطالب الوفد بالتزام النظام وحلفائه باتفاق "خفض التصعيد" في كل المناطق من دون استثناء.

فهل ستنجح المعارضة في الحصول على إلتزام فعلي؟ أم أن للميدان كلاماً آخر؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها