الإثنين 2016/08/08

آخر تحديث: 09:28 (بيروت)

هل سيتقدم "الحشد الشعبي" إلى سوريا برعاية أميركية؟

الإثنين 2016/08/08
هل سيتقدم "الحشد الشعبي" إلى سوريا برعاية أميركية؟
الحل الذي يريدون البنتاغون هو التعاون مع "الحشد الشعبي" الشيعي في العراق (انترنت)
increase حجم الخط decrease
انفجر خلاف بين "جبهة الأصالة والتنمية" و"جيش سوريا الجديد" التابع لها، ما دفع الجبهة لإصدار بيان أعلنت فيه قطع علاقتها بشكل نهائي مع "جيش سوريا الجديد"، وذلك بعد إعلانها قبيل ذلك، فصل الجيش بجميع قياداته وعناصره، عنها.

وأشار البيان إلى أن "الأصالة والتنمية" ستستمر في عملها في المنطقة الشرقية من سوريا، ولن تتأخر عن التعاون مع الدول الجادة في دعم المنطقة الشرقية، بما "يتوافق مع الثوابت الشرعية والوطنية والشراكة الحقيقة بين الشعب السوري وبين الشعوب التي تريد نصرته الحقيقة".

وقال مصدر مقرب من "الأصالة والتنمية" لـ"المدن" إن "الخلاف قديم نسبياً، لكنه تطور بعد التدخل الكبير من جهة البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) في عمل جيش سوريا الجديد، وأن قيادة جيش سوريا الجديد انساقت خلف الداعم الأميركي وبدأت تعصى أوامر قيادة الأصالة والتنمية". وأضاف المصدر أن "جبهة الأصالة والتنمية" تتهم قيادة "جيش سوريا الجديد" بالفساد، وبعدم اطلاعها على كل مايجري.

منسق العلاقات العامة في "جبهة الأصالة والتنمية" عبد السلام مزعل، قال لـ"المدن"، إن "جبهة الأصالة، هي أول من جلس مع البنتاغون من أجل إنشاء جيش سوريا الجديد بهدف تحرير المنطقة الشرقية، وشكلنا قيادته، وسلمنا قيادته للمقدم مهند الطلاع".

واعتبر مزعل أن "الأمور بدأت تسير على نحو مغاير للطريق الذي رسمناه، وقد اعترضنا مرات عديدة على استراتيجية البنتاغون المتبعة الخاطئة، التي كان آخرها عملية البو كمال والاصدار الذي أظهرته داعش". وأضاف المزعل أن "جبهة الأصالة" لا تقبل بهذه الأخطاء، و"نحن معروفون بمنهجنا الوطني والديني، الذي لا يمكن التنازل عنه من أجل الدعم".

"الأصالة" كانت قد أبلغت البنتاغون رغبتها بالتخلي عن العمل بالاستراتيجية المتبعة، وعللت طلبها بأنها لا تريد أن تُحسَبَ أخطاء المشروع عليها، أو أن يُصَارَ إلى فصل الأشخاص "المسيئين". الأمر الذي دفع البنتاغون إلى التفكير، ولكن من دون نتيجة، بحسب "الأصالة" التي اعتبرت ذلك مجرد كسب للوقت.

ووصف مزعل، الحرب مع "الدولة الإسلامية" بالحرب "الفكرية والمدنية، وليست حرباً عسكرية فقط".

وأهم سبب للخلاف مع وزارة الدفاع الأميركية، هو الشروط الصارمة المفروضة لقبول المقاتلين، حيث تخضع جداول الأسماء إلى موافقة أمنية تستغرق شهوراً، ويُرفض بعدها كل المقاتلين الذي قاتلوا النظام سابقاً. ويُعلل ضباط الارتباط الرفض غالباً بالأوضاع الصحية للمقاتلين.

كذلك، ترفض وزارة الدفاع الأميركية، دُخول قادة "الأصالة" إلى معسكر التدريب، أو مشاركة أي ضابط ارتباط من "الأصالة" في الإشراف على المقاتلين أو كتابة تقارير عن الجاهزية العسكرية والنفسية للمقاتلين في دورات التدريب. وهو ما يعني، بالنسبة لـ"الأصالة"، غسل أدمغة المقاتلين، والعمل على تشجيعهم لتحويل ولائهم من الفصيل الذي أتوا منه لصالح داعميهم وقيادتهم الجديدة، واقناعهم بقتال "داعش" وعدم محاربة نظام الأسد.

في السياق، استاءت قيادة "الأصالة" من الأداء الإعلامي وطريقة مخاطبة البنتاغون للمدنيين في المنطقة الشرقية، بعد القاء مناشير صُدّرَت بعبارة "بسم الذي نعبده" بدلاً من "بسم الله الرحمن الرحيم"، وطالبت "الأصالة" أن يكون المكتب الإعلامي تابعاً لها، وهو ما رفضه البنتاغون أيضاً.

ويرى المزعل بوجود رغبة أميركية لإفشال أي مشروع عربي سُنّي في المنطقة الشرقية، والحل الذي يريدونه هو التعاون مع "الحشد الشعبي" الشيعي في العراق، و"قوات سوريا الديموقراطية" التي تمثل الجانب الكردي. واتهم مزعل الجهات الداعمة بأنها "لاتريد أن تتعامل معنا كشركاء أو مؤسسة، بل ترغب بالتعامل مع أفراد، تأخذهم وتأتي بهم بحسب رغبتها".

ويعود مشروع برنامج التدريب الذي يشرف عليه البنتاغون لدعم المعارضة السورية "المعتدلة"، ليدخل حيّز النقد اللاذع بعد اتهامات "جبهة الأصالة والتنمية" له، واتهامه بعدم الجدية في التعاطي. في الوقت الذي تُسخِّرُ وزارة الدفاع الأميركية امكانيات لوجستية ودعماً بلا حدود لـ"قوات سوريا الديموقراطية"، وتقوم بتغطية معاركها جوياً بشكل لافت في حربها في منبج.

وتتخوف الفصائل العسكرية في المنطقة الشرقية والبادية السورية، بأن يقوم البنتاغون بدعم "الحشد الشعبي" الشيعي  العراقي، كي يتقدم إلى منطقة الحدود السورية-العراقية، بين منطقتي القائم والوليد، خاصة وأن بعض العشائر السنية العراقية، هي على صلة وثيقة بـ"الحشد الشعبي" وبعضها يتلقى الدعم منه. ويعزز تلك المخاوف سيطرة مليشيات "الحشد الشعبي" على طريق بغداد–دمشق، ضمن الأراضي العراقية الممتدة من بغداد إلى معبر الوليد.

هذه الصعوبات التي تعترض عمل العشائر السنية في المنطقة الشرقية، ستؤخر عملياً مشروع الحرب على "داعش"؛ فـ"قوات سوريا الديموقراطية" غير قادرة على محاربة "داعش" وحيدة، ونسبة المقاتلين العرب فيها صغيرة جداً. وكانت العلاقة بين "سوريا الديموقراطية" وقوات "الصناديد" التي يقودها شيخ قبيلة شمر حميدي الدهام، قد توترت وتعقدت على خلفية قيام "قسد" بالتجنيد القسري لأطفال بعض المناطق العربية في الشدادي وجوراها، ما سيعيق أي أمكانية للقضاء على "داعش" هناك.

ويبقى خيار العشائر العربية بالمنطقة البحث عن شراكة حقيقية مع أكراد الجزيرة السورية، لكن يبدو أنها هذه المرة ستتجه الى الشراكة مع قوات "البيشميركة" السورية المقيمة في معسكرات أربيل، ممن تتلقى الدعم المباشر من رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني. ومن الممكن أن يلاقي هذا المشروع ترحيباً إقليمياً في حال نجاحه؛ فقوة كهذه في حال اكتمالها وبلورتها تنظيمياً يمكن أن تحظى بدعم تركي سعودي وإماراتي. فجميع هذه الدول تبحث عن مخرج لوضع المنطقة الشرقية السورية، وتريد البحث عن شراكة كردية بعيدة عن حزب "الاتحاد الديموقراطي" فرع "العمال الكردستاني" في سوريا، وذي الهوى الإيراني. كما أن تلك الدول، وهي على علاقة طيبة مع برزاني، فهي تريد ملء الفراغ الذي خلّفه فشل البنتاغون من خلق قوة عربية عريضة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها