السبت 2016/01/02

آخر تحديث: 17:40 (بيروت)

حصاد مصر 2015: "أنا جاي أهرج"

السبت 2016/01/02
حصاد مصر 2015: "أنا جاي أهرج"
وزير البترول: "أزمة البنزين إيحاء نفسي" (إنترنت)
increase حجم الخط decrease
كان عام 2015 مليئاً بالأحداث المصيرية شديدة الخطورة داخلياً وخارجياً، والتي دائماً ما انكسرت جديتها فجأة، عبر أحداث أو تصريحات غرائبية غير متوقعة.

في مشهد شهير للغاية من فيلم "الكيف" يدخل الأستاذ الجامعي الوقور إلى مجلس عزاء، لكنه فجأة، بتأثير تناوله المخدرات، يصدم الحاضرين بفقده التام لوقاره، ويبدأ الضحك والمزاح، ليسأله أحد أقارب الميت غاضباً: "أنت جاي تعزي ولا جاي تهرج"، فيرد "أنا جاي أهرج!".


الإدارة الداخلية: "كِرش" ضابط الأسكندرية

الواقع:

أبرز مظاهر تدهور الخدمات كانت الفشل في التعامل مع السيول التي أسقطت عشرات الضحايا، خاصة في الإسكندرية ومحافظات الدلتا. تكرار حالات الوفاة في المستشفيات أو خارجها لعدم توافر الإمكانات. غرق مركب محمل بالفوسفات في النيل. 34 قتيلاً في غرق مركب الوراق.

"التهريج":

معركة سريالية محورها السخرية من صورة لضابط ذي كرش ضخم، بالقرب من مياه الأمطار وصورة للسيسي. الساخرون تلقوا موجة هائلة من الردود، تتهمهم بالإساءة لمشاعر هذا البطل المعروف بمساعدة الأهالي. لتظهر موجة مضادة من السخرية، بأن هذا الضابط تحديداً، معروف بالفساد والرشوة، ولقبه "أنبوبة".

وزير التخطيط أشرف العربي: "مصر من أسعد شعوب العالم". وزير البيئة: "الفوسفات مفيد للصحة". وزير التعليم محمود أبو نصر: "المدرسين المصريين من أحسن المعلمين بالعالم". وزير البترول: "أزمة البنزين إيحاء نفسي". محافظ الجيزة لطبيب: "شيل إيديك من جيبك وانت بتكلمني".

كُسرت ذقن تمثال توت عنخ آمون في كانون الثاني/يناير 2015، وحاول موظفو المتحف لحامها بلاصق معدني، ففشلت العملية وظهرت الذقن مائلة. انتشرت الفضيحة وأثارت موجة سخرية عارمة عن "البهدلة" التي تعرض لها الملك الشهير.


السياسة الداخلية: يا خائن!

الواقع:

انتخاب البرلمان الجديد، في ظروفٍ اتضح بها تدخل الدولة، بدءاً من القانون الذي تم إقراره رغم إبلاغ كل الأحزاب رفضها له للرئيس شخصياً وللحكومة، والذي نص على حصول القائمة الفائزة على 50 في المئة +1 على كل المقاعد المتنافسة عليها، وليس تقاسماً للمقاعد بحسب نسبة الأصوات كما كان الوضع في 2012.

مع حلول الإنتخابات تدخلت الدولة بشكل مباشر أكثر، تم استبعاد قائمة "ًصحوة مصر" التي ضمت كل من بقي لديهم رمق للحفاظ على صورة ثورة يناير، كما تمت سرقة أوراق قائمة مصر في شرق الدلتا.

بعد الانتخابات اتضح تماماً المخطط بتشكيل كتلة "دعم الدولة المصرية" الموالية للدولة اسماً وقلباً وقالباً.

"التهريج": 

عضو المحكمة الدستورية العليا سابقاً، المستشارة تهاني الجبالي، تعقد مؤتمراً لقائمتها بحضور وكيل المخابرات الأسبق اللواء حسام خيرالله، لتتهم قائمة "في حب مصر" التي يرأسها اللواء سامح سيف اليزل، بالخيانة العظمى، والتآمر مع الإخوان، وتؤكد: "خيانة مصر أكبر من أي انتخابات". يرد اللواء اليزل: "هناك قيادي شيعي في قائمة التحالف الجمهوري"!.

استمرت الصراعات بين إعلاميين وسياسيين موالين للنظام المصري، بما يكشف صراعات داخلية بين أجهزة أمنية ما، ثم تتصالح الأجهزة فيتصالح المتصارعون؛ توفيق عكاشة يقول أنه سيغادر مصر ويصير المعارض الأكثر شجاعة في البلد، ويتحدث علناً للمرة الأولى عن نفوذ اللواء عباس كامل، ثم يعود ليقول إنه كان ينفذ خطة للتجربة عليكم، أيها الشعب الجميل.


الملف الحقوقي: كأننا لا نرى

الواقع:

تدهور حاد. منع للزيارات في سجن العقرب لأشهر طويلة. اعتقالات لا تُحصى. حكم عاجل بالسجن لعامين على 5 شباب بعد وقفة صامتة في ذكرى محمد محمود. حصيلة العام 625 حالة تعذيب، أبرزهم محامي المطرية وصيدلي الإسماعيلية وطلعت شبيب بالأقصر. ظاهرة الاختفاء القسري؛ 101 شكوى عن "الإختفاء" أرسلها "المجلس القومي لحقوق" الإنسان إلى الداخلية. أشهر المُختفين السابقين إسراء الطويل التي اختفت 3 أسابيع، الداخلية تنفي قبل أن تظهر إسراء في السجن. عضو حزب "التحالف الشعبي" شيماء الصباغ، سقطت بالخرطوش أثناء مسيرة صامتة تحمل الزهور.

"التهريج":

عشرات التصريحات من الداخلية، بأن مئات حالات التعذيب هي "حالات فردية". "المختفون قسرياً ينضمون إلى داعش". نقاشات شديدة العُقم، مضحكة ومبكية، لنؤكد أن شيماء الصباغ لم يقتلها رفاقها، كما ردد إعلاميون أمنيون، و"أشخاص مهاويس بالاستشهاد بفيديو رأوا فيه بأعينهم مالا نراه بأعيننا".


الإقتصاد: في شقة حسن مالك

الواقع: 
انخفاض كبير للجنيه المصري أمام الدولار، في يناير 2015 كان سعر الدولار رسمياً 7.14 جنيه، وصل اليوم إلى 7.83 جنيه. المؤتمر الإقتصادي في مارس ينتهي بوعود ومذكرات تفاهم بـ175 مليار دولار لم يدخل منها حيز التنفيذ إلا أقل القليل، شكاوى دائمة من اتحادات الغرف التجارية والمستثمرين بسبب ندرة الدولار، ثم بسبب القيود التي فرضها البنك المركزي بوضع حد أقصى للإيداع بمبلغ 50 ألف دولار. طارق عامر رئيساً جديداً للبنك المركزي، الاحتياطي النقدي في أدنى مستوى عند 16.3 مليار دولار (كان حوالي 36 مليار قبل الثورة)، ارتفاع بالأسعار بعد تجاوز التضخم نسبة 11%، والحكومة تكبحه بتخفيضات بأسعار السلع الغذائية بالمجمعات الاستهلاكية تصل إلى 25%، وبدخول وزارة التموين كمستورد مباشر للحوم والحبوب للمرة الأولى.

"التهريج":
الإخوان سبب أزمة الدولار، وصحف تقول أنه تم ضبط 2 مليار دولار داخل شقة رجل الأعمال الإخواني حسن مالك، السيسي يقول عن مشروع قناة السويس الجديدة "إذا كان على الـ20 مليار اللي إحنا دفعناهم، إحنا جبناهم تاني"، وزير العدل أحمد الزند: "المصري مابيهموش حاجة، لو معاه فلوس يصرف 2000 جنيه في اليوم، ولو مش معاه يقدر يعيش بـ2 أو 3 جنيه ولا تفرق معاه أي حاجة خالص"، وزير الشباب: ""لا بطالة بين الشباب والإحصاءات التى تقول إنها وصلت 13% غير حقيقية.. بعض الأولاد عنده 12 و15 سنة يشتغل فى محلات بقالة وصيدليات يوصل الطلبات للمنازل، يصل راتبه 3000 جنيه"



السياسة الخارجية: الميكروفون الخارق

الواقع:

أكبر أزمة فشل، بعد 11 جولة مفاوضات لملف سد النهضة. انتقادات لعقد الرئيس السيسي الاتفاق الإطاري في آذار/مارس، والذي منح أثيوبيا شرعية السد دون مقابل واضح.

سوريا الملف الإقليمي الأبرز: مصر متذبذبة بين حلفائها، الخارجية أصدرت بياناً مؤيداً للتدخل الروسي بما يتسق مع الموقف المصري الذي يميل لدعم نظام بشار ضد "الإرهاب"، كما أصدرت أيضاً بياناً يؤيد نتائج مؤتمر الرياض للمعارضة السورية والذي ضم ممثلي 12 منظمة مسلحة بعضها يتعرض للقصف الروسي الذي سبق لمصر تأييده.. من أنتم؟

في شباط/فبراير قصفت مصر مواقع في ليبيا رداً على الجريمة الإرهابية البشعة التي ذبح فيها تنظيم "داعش" مصريين أقباط، وحاولت مصر انتزاع قرار من "مجلس الأمن" بالتدخل العسكري الدولي، وسط زفة إعلامية داخلية، لكن تم رفضه تماماً حتى من الحلفاء العرب، فتمت التغطية الكاملة على الفكرة فوراً، كأنها لم تكن.

مكاسب دولية حقيقة: المؤتمر الاقتصادي في آذار/مارس، استقبال الرئيس السيسي في عواصم العالم شرقاً وغرباً، صفقة ضخمة مع شركة سيمنز الألمانية لإنشاء محطات الكهرباء، صفقات سلاح مع فرنسا لشراء طائرات "الرافال"، وحاملات المروحيات "الميسترال". كل ذلك تلقى ضربة قوية بسقوط الطائرة الروسية، التي تم بعدها وقف الطيران من روسيا ومن الدول الغربية إلى مصر.

"التهريج":

وزير الخارجية المصري يلفت الأنظار، في السودان، بتكراره 3 مرات طلب إزالة ميكرفون قناة الجزيرة من أمامه. إعلاميون ومؤيدون يصفونه بـ"أسد الخارجية". لا تمّل الجزيرة، ولا يمّل الوزير.

رفض مصري تام حتى الآن للاعتراف بما أثبته العالم كله بما فيه الحلفاء الروس بأن سقوط الطائرة نتيجة عمل إرهابي. إعلاميون وأمنيون يتحدثون عن مؤامرة غربية لوقف نهضة مصر رغم أن الطائرة سقطت بعطل، ثم نظريات كوميدية أن الطائرة سقطت بقنبلة زُرعت في تركيا، أو قنبلة زرعتها المخابرات البريطانية.

في أيلول/سبتمبر كشف اللواء حسام سويلم، عن مؤامرة "مركز قيادة العالم" الماسونية الكبرى، والتي تتضمن صنع الكوارث الطبيعية. واللواء حسام رئيس "مركز الدراسات الاستراتيجية" في القوات المسلحة سابقاً، ومُحاضر في "أكاديمية ناصر العسكرية" حتى الآن. وفي ذلك ما يتجاوز حدود الواقع والتهريج معاً.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها