الجمعة 2016/01/01

آخر تحديث: 16:47 (بيروت)

2015 في إدلب: فرحة التحرير وخيبة الإدارة

الجمعة 2016/01/01
2015 في إدلب: فرحة التحرير وخيبة الإدارة
almodon.com ©
increase حجم الخط decrease
خرجت محافظة إدلب عن سيطرة النظام، بشكل كامل في العام 2015، باستثناء بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين منذ نهاية آذار/مارس. وخاضت المعارضة المسلحة شهوراً متواصلة من القتال مع قوات النظام والمليشيات، بدأت فعلياً منذ السيطرة على وادي الضيف ومعسكر الحامدية بالقرب من مدينة معرة النعمان، مطلع العام 2015. وحشدت "جبهة النصرة" كامل قواها في المعركة بحثاً عن نصر أضاعه قائد "جبهة ثوار سوريا" جمال معروف، المُتهم بأنه "حامي وادي الضيف" بعد فشل محاولات عديدة قام بها لتحرير المعسكر المحاصر منذ سنتين، قرب معقله الرئيس في سفح جبل الزاوية. وكان على "جبهة النصرة" أن تُنسي السوريين قضاءها على "جبهة ثوار سوريا" وعدد من الفصائل المقربة من معروف.

وشاركت "حركة أحرار الشام الإسلامية" بكامل قواتها، وكانت المعركة بمثابة التحدي الأول للقائد العسكري الجديد للحركة أبو صالح طحان. وكانت المعركة الأولى الكبرى التي خاضها مقاتلو الحركة بعد اغتيال قاداتها في رام حمدان قبل أشهر من بدء المعركة، ما جعلها معركة إثبات وجود للحركة وقادتها ومقاتليها.

تحرير وادي الضيف والحامدية، دفع "جبهة النصرة" و"أحرار الشام" إلى تشكيل غرفة عمليات واحدة تحت مسمى غرفة عمليات "جيش الفتح". وشكلت الغرفة من سبعة فصائل ووزعت نسبة المشاركة فيها بمعدل الثلث لـ"حركة أحرار الشام" التي شاركت بـ2100 مقاتل. فيما دفعت "النصرة" بـ1500 مقاتل، بمعدل 24 في المئة من اجمالي المقاتلين، فيما كانت نسبة مشاركة "جند الأقصى" 16 في المئة بمعدل 1000 مقاتل من إجمالي مقاتلي "جيش الفتح" الذين بلغ عددهم 6250 مقاتلاً، شاركوا في المعركة بشكل مباشر أو كانوا في خطوط الامداد والتموين والاخلاء والعمليات.

وسيطر "جيش الفتح" على مدينة إدلب بعد هجوم مركز على كامل محاورها وقطاعاتها. وقام "جيش الفتح" بأكثر من ثلاث عشر عملية "استشهادية" على كافة المحاور في اليوم الثاني وحده، ليتمكن اقتحاميوه من الدخول إلى الحارة الشمالية معقل الثورة في المدينة والتي ينحدر منها أغلب ثوار المدينة. ومع دخول مقاتلي "جيش الفتح" إلى مدينة إدلب، بدأت قوات النظام بالانهيار بعد حرب شوارع استمرت يومين كاملين. لتنسحب قوات النظام تحت الضربات المركزة على عمق المربع الأمني الذي يضم قصر المحافظ وباقي الفروع الأمنية.

واستمر انهيار قوات النظام في معسكر القرميد والمسطومة وأريحا. وأطبق "جيش الفتح" حصار كفريا والفوعة بعد أنسحاب أغلب المقاتلين "الشيعة" إليها من إدلب، بمن فيهم قيادات عسكرية لمليشيا "حزب الله".

وشكلت فصائل المعارضة غرفة "عمليات النصر" لتحرير مدينة جسر الشغور، وضمت فيها بالإضافة إلى "الحزب الاسلامي التركمانستاني" كلاً من "جيش الإسلام" الذي استبعدته "جبهة النصرة" من "جيش الفتح"، و"فيلق الشام" و"حركة أحرار الشام الإسلامية" وعدداً من فصائل الجيش الحر في منطقة جسر الشغور. وتمكنت غرفة عمليات النصر  من السيطرة على مدينة جسر الشغور في 25 نيسان/إبريل.

وشنت "جبهة النصرة" منفردة معركة تحرير مطار أبو الظهور العسكري، شرقي مدينة سراقب، إلا أن اخفاقها الأول دفعها لاشراك "الحزب الإسلامي التركمانستاني" بعدد كبير من "الإنغماسيين"، وخسرت "النصرة" عدداً كبيراً من مقاتليها في عملية التقدم في سهل منبسط، للوصول إلى مباني القيادة والمدرسة المطارية. واتخذ قطاع البادية في "جبهة النصرة" من المطار بعد الاستيلاء عليه، مقراً، ويضم القطاع المذكور مقاتلين أغلبهم من أبناء عشيرة "الشعيطات" الذين قتل منهم تنظيم "الدولة الإسلامية" المئات في مجازر متعددة في ريف دير الزور. ويُعتبر المقر في المطار نقطة متقدمة لـ"جبهة النصرة" باتجاه الأماكن التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة".

ولا تخفى طبيعة الصراع "الناعم" بين القوى العسكرية حول إدارة مدينة إدلب بين الفصائل، فذهب كل منها إلى تشكيل إدارته المستقلة رغم وجود "مجلس المحافظة الحرة".

وبعد تعثر "الإدارة العامة لجيش الفتح" في تأمين مسلتزمات الحياة بشكل لائق للمواطنين، وبدل تكثيف جهودها لتحسين الشرط الإنساني للحياة، اتجهت للتضييق على حياة المواطنين الإجتماعية، وبدأت بطرد بعض الطالبات من جامعة إدلب، لعدم ارتدائهن اللباس الشرعي تارة، واستماعهن للأغاني، تارة أخرى. وعملت الفصائل المتنافسة على تشغيل بعض الطلاب كمخبرين على زملائهم، يقومون بكتابة التقارير والوشاية بهم.

كما قامت "جبهة النصرة" بالإستيلاء على سيارات ومخافر الشرطة الحرة في كل من خان شيخون وكفرنبل ومناطق أخرى. وضيقت على بعض المنظمات الإنسانية العاملة داخل المناطق المحررة رغم حصولها على تراخيص عمل من مكتب المنظمات في "الإدارة العامة".

كل ذلك، يطرح تساؤلاً مشروعاً على المعارضة السورية: ما جدوى "التحرير" في ظل انقساماتها العسكرية، وتغليب المشاريع "الحزبية" ومشاريع "الجماعة" في إدارة "المناطق المحررة"؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها