الأحد 2015/05/17

آخر تحديث: 15:37 (بيروت)

هل كان "أبو سياف" يستحق إنزالاً أميركياً؟

الأحد 2015/05/17
هل كان "أبو سياف" يستحق إنزالاً أميركياً؟
أحيطت شخصية أبو سياف بهالة إعلامية، فيما يؤكد ناشطون على الأرض أنه أمير عادي
increase حجم الخط decrease
فوجئ العالم بعملية نوعية خاطفة وسريعة، قامت بها القوات الأميركية في حقل العمر قرب مدينة الميادين شرقي سوريا، بتوجيهات من الرئيس الأميركي باراك أوباما. وادعى المسؤولون الأميركيون، نجاح العملية التي استهدفت قتل قادة في التنظيم أبرزهم أبو سياف، وأسرّ زوجته، وعودة الجنود الأميركيين سالمين.

وأحيطت شخصية أبو سياف بهالة إعلامية، فيما يؤكد ناشطون على الأرض أنه أمير عادي. يقول أحمد من دير الزور: "هو شاب في مطلع الثلاثينات، تونسي الجنسية، وقد خلف أبا عبدالرحمن المصري، الذي قتل في الموصل بعد إعلان الخلافة بشهرين، في إدارة النفط في سوريا، وله زوجة عراقية، وكان بيته في مدينة الشدادي في ريف الحسكة قبل أن ينتقل إلى حقل العمر". ويجمع المراقبون أنه أمير عادي في المنطقة، حتى قال أحدهم معلقاً على الضجة الإعلامية ومازحاً: "لو كنت أعلم أهميته ومكانته لقتلته وحصلت على هذه الشهرة".

ويعتقد مراقبون أنّ أهمية العملية لا تأتي من شخصية أبو سياف، إنما من نجاح عملية بهذا الحجم في منطقة خاضعة كلياً لسيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية"، ما يحمل دلالات كبيرة.

ويذهب البعض إلى الاعتقاد بأنَّ المستهدف لم يكن أبا سياف، وإنما البغدادي أو قادة من الصف الأول في التنظيم. يقول المحامي  أبو عمر: "لا يعقل أن يشرف رئيس أميركا ويوجه عملية عادية، ما يدفع للجزم أنَّ هناك هدفاً آخر غير ما أعلن في الإعلام. وتضخيم شخصية أبو سياف جاء للتغطية على الفشل الاستخباراتي".

وتُقرأ العملية من زاوية أخرى: لولا وجود مخبرين داخل صفوف التنظيم، لما استطاع الكوماندوس الأميركي، تنفيذ الإنزال وقتل عدد من عناصر التنظيم، وأسر امرأة والعودة سالمين. وهذا ما دفع التنظيم في الميادين بريف دير الزور، للاستنفار على أعلى مستوى، وسبب حالة من الخوف والارتباك في صفوف التنظيم. يقول الناشط سراي الدين: "مُنع دخول العمال المدنيين للحقل النفطي، وفرض حظر للتجوال صباحاً وأقيم عدد من الحواجز الطيارة". يذكر أنّ أبا سياف كان يقيم في المدينة السكنية المؤمنة أمنياً.

وعززت مخاوف التنظيم، الهشاشة الأمنية في مدينة الميادين، التي تنشط فيها خلايا نائمة للمعارضة السورية المسلحة، وسبق أن قامت بعدد من العمليات النوعية ضد التنظيم؛ كاقتحام السجن وتحرير الأسرى، وتفجير معمل للسيارات المفخخة ما أسفر عن مقتل ما يقارب 30 عنصراً من التنظيم.

وينفي ناشطون أي علاقة للنظام السوري بالعملية، ويُكذبون ادعاء عضو في مجلس الشعب السوري، نسب العملية إلى الوحدات الخاصة في قوات النظام. وما يؤكد كذب رواية النظام ما تداوله ناشطون عن تحليق مكثف لطيران التحالف بين الساعة الواحدة والرابعة ليلاً.

وقام التنظيم كعادته بالتكتم على العملية، ما ترك المجال رحباً للروايات وردات الفعل بين عناصر التنظيم، والمواطنين. فشكك كثيرون من عناصر التنظيم بالعملية من أساسها، ويقول الشرعي في تنظيم "الدولة" أبو همام الأنصاري: "كيف يمكن للقوات الأميركية أن تقوم بعملية إنزال ليلي في منطقة سكنية خاصة بمقاتلي الدولة الإسلامية، وتقتل عدداً من القادة، وتعود سالمة؟! وكلنا يدرك شراسة مقاتلينا وتدريبهم الرفيع". ويؤكد آخرون أنَّ القتلى سقطوا نتيجة غارة جوية لا عملية إنزال، ويذهب آخرون للقول بإنّ القتلى هم مقاتلون عاديون، لا أمراء أو قادة. يقول محمد نور من دير الزور: "متعارف عليه أنّ تحركات القادة تحاط بسرية عالية، والاجتماعات تعقد نهاراً. وكيف للقادة أن يجتمعوا وطيران التحالف يحلق فوقهم على مدى ساعات؟".

وترى غالبية عناصر التنظيم أنَّ العملية جاءت للتغطية على فشل التحالف في العراق وسوريا، ولصرف أنظار المسلمين عن الانتصارات التي يحققها التنظيم. ويقول أبو حبيبة الأنصاري: "يتبجح الغرب وإعلامه الفاجر بقتل بضعة عناصر بغارة جوية، ويتعامى عن فتوحات الدولة الإسلامية في الرمادي والسخنة وتدمر، وهذا يدل على إفلاسهم".

واللافت أنَّ عناصر التنظيم لا يعتبرون ما حصل خسارة، ويقول المقاتل في تنظيم الدولة أبو عبدالله: "إذا صدق الخبر فهذا دليل على سلامة منهجنا وسيرنا في الطريق الصحيح، ولولا ذلك لما قدمنا القادة قبل الأفراد شهداء في سبيل إعلاء راية التوحيد".

وتركت العملية مشاعر وردود فعل مختلفة في صفوف الأهالي، فقسم كبير منهم متخوف من تغول التنظيم، وزيادة قبضته الأمنية، بينما رآها أخرون دليلاً على هشاشة التنظيم، وتفككه من الداخل.

كما أن كلام وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر، كان صحيحاً وضبابياً في آن واحد، حين أشار إلى مشاركة أبو سياف، في عمليات عسكرية ومالية. فمن الطبيعي أن يكون لكل عناصر التنظيم مشاركات عسكرية، ومن الطبيعي أن يكون أمير في حقول النفط، مسؤولاً عن ملفات مالية. لكن ذلك لا يبرر حجم العملية، بالنظر إلى حجم الأمير القتيل في التنظيم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها