السبت 2014/03/22

آخر تحديث: 02:08 (بيروت)

حماة: شبانها تحت رحمة السماسرة

السبت 2014/03/22
حماة: شبانها تحت رحمة السماسرة
الأغنياء يدفعون رواتب للضباط لحماية مصالحهم من الشبيحة
increase حجم الخط decrease
لم يعد يخفى على الجميع، ما آلت إليه الأحداث في مدينة حماة من اعتقالات يومية، وذلك منذ اقتحامها في الشهر السابع من العام 2011، لتصل أعداد المعتقلين من المدنيين 11 ألف بحسب ما وثّقت "كتلة أحرار حماة".

حملة الاعتقال تلك، أدت إلى ظهور العديد من السماسرة، الذين يخرجون المعتقلين من أفرع المخابرات مقابل مبلغ مالي، يحدد قيمته حجم التهمة الموجهة للمعتقل. ويعتمد السماسرة في عملهم على علاقاتهم الوثيقة بضباط النظام، داخل مطار حماة العسكري، الذي يعد أكبر معتقلات النظام في مدينة حماة، فضلاً عن سجون أفرع المخابرات وسجن حماة المركزي .
 
طالب جامعي في مدينة حماة، يدعى خالد، روى لـ"المدن" حادثة إعتقاله، قائلاً "أعتقلت في بداية أيلول 2012 عصر يوم الخميس من قبل فرع المخابرات الجوية في حماة، اقتادوني إلى داخل مطار حماة، وبالتحديد إلى داخل مستوصف المطار للتحقيق معي. وجهت إلي العديد من الاتهامات التي لا علاقة لي بها، أبرزها أني أمتلك سلاحاً وأشارك في الهجوم على حواجز النظام مع الإرهابيين".
 
وأضاف "جرى التحقيق على مدار 3 أيام متتالية، تعرضت خلالها إلى أشد أنواع التعذيب من شبح وحرق بالماء المغلي وجلد وضرب قاس..، غبت عن الوعي مرات عديدة أثناء التعذيب، وزاد التعذيب في اليوم الثالث لدرجة وصلت فيها إلى الهذيان وقررت الإعتراف بأي شي يجنبني ويلات التعذيب، لكن شاء القدر في نهاية اليوم الثالث أن تم نقلي إلى هنغار الطائرة الذي تم إغلاقه كلياً وفتح باب صغير في طرفه ليصبح معتقلاً كبيراً".
 
في هذا الأثناء كان والد خالد يفاوض أحد سماسرة النظام للإفراج عن ابنه، وبعد 9 أيام، ومبلغ ثلاثة ملايين وأربعمئة ألف ليرة سورية، أفرج عن خالد وهو بحالة صحية سيئة للغاية.
 
حالة خالد ليست الوحيدة، بل هي من مئات الحالات التي تعد مثالاً عن أذرع النظام في حماه على جميع المستويات. من حسن حظ خالد أنه خرج، فهنالك حالات ابتزاز كثيرة وصلت الى مبالغ طائلة دون أن يفي السماسرة بوعودهم، كما أن هناك شباناً لا قدرة لأهلهم على دفع مثل هذه المبالغ لإخراجهم، فيبقى معظمهم في المعتقلات، وكثيراً ما تم الإفراج عن أولئك جثثاً يتسلمها الأهل من المستشفى الوطني في حماه.
 
ولا يتوقف عمل هؤلاء السماسرة بسبب، استمرار الاعتقالات في أحياء حماة، إذ يعمل النظام على إخلاء المدينة من شبابها، وهذا ما يؤكده كلام السماسرة عندما يعرضون خدماتهم على المطلوبين أو المعتقلين، إذ مقابل 10 آلاف ليرة سورية للشخص الواحد، يقوم السمسار بتأمين عدم "تفييش" اسم الشخص على الحاجز، الأمر الذي يظهر جلياً على أنه خطة مدروسة لإخلاء حماة من شبابها ورجالها، والاحتماء بالأطفال والنساء ضد أي هجوم محتمل للجيش الحر.
 
من جهة ثانية، لا يقتصر كفّ شر النظام والأجهزة الأمنية في حماة من خلال دفع المال للسماسرة، بل يتجاوز ذلك إلى تخصيص رواتب شهرية للضباط في المدينة من قبل الأهالي، وهذه العملية غالباً ما يقوم بها الأغنياء من سكان المدينة، مقابل تسيير أعمالهم دون تعرض ميليشيات الشبيحة الكثيرة وقوات النظام والقادة الأمنيين، وأبرز مثالٍ على ذلك هو أصحاب شركات النقل والشحن الذين يدفعون رواتب للضباط من أجل عدم التعرض لعملهم، إذ تكثر عمليات سرقة سيارات الشحن من قبل قوات النظام أو الشبيحة، كذلك أصحاب محلات المجوهرات والذهب.
 
هذه الحالة ظهرت بعد سيطرة النظام على المدينة وخروج الجيش الحر منها. لكن، ومع ذلك، تعمل الجهات الثورية في حماة على توثيق هذه الأعمال والممارسات أملاً في أن يأتي اليوم المناسب لتتم محاسبتهم.
 
increase حجم الخط decrease