الإثنين 2014/12/15

آخر تحديث: 14:17 (بيروت)

السلطة الفلسطينية ترمي ورقتها الأخيرة..في مجلس الأمن

الإثنين 2014/12/15
السلطة الفلسطينية ترمي ورقتها الأخيرة..في مجلس الأمن
مشروع القرار الذي ستتقدم به السلطة إلى مجلس الأمن يمكن تعطيله بـ"فيتو" أميركي (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease

بعد سنتين من التلويح بالانضمام إلى المعاهدات والمواثيق الدولية، منذ حصول فلسطين صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة، قررت القيادة الفلسطينية عقب اجتماعها "الحاسم"، الذي استمر حتى ساعة متأخرة من ليل الأحد، أن تخطو أولى خطواتها على هذا الصعيد.

مشروع القرار الفلسطيني-الأردني القاضي بوضع جدول زمني لإنهاء الاحتلال سيكون مطروحاً للتداول في مجلس الأمن الأربعاء المقبل، في حال لم تحدث أي مفاجآت عقب الاجتماع المرتقب، الثلاثاء، بين وزراء الخارجية العرب، ووزير الخارجية الأميركي، جون كيري، ومسؤولين أوروبيين، حيث ستحسم سلسلة الاجتماعات تلك مواقف الدول من مشروع القرار الفلسطيني، كما ستحسم أيضاً صيغة مشروع القرار النهائي الذي ستتقدم به السلطة، حيث تسعى الدول الأوروبية إلى إقناع السلطة بمشروع القرار الفرنسي، في حين تبدي الأخيرة تحفظاتها عليه لتضمنه إقراراً "بيهودية إسرائيل".


حتى ذلك الحين، يبدو أن التنسيق الأمني مع الاحتلال لن يتوقف كما أُشيع عقب اغتيال الوزير زياد أبو عين. اجتماع القيادة، الليلة الماضية، لم يتخذ موقفاً حاسماً بهذا الخصوص، واكتفى بنص مرسل يتضمن الإشارة إلى "تكليف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ومؤسسات السلطة الوطنية باتخاذ كل الخطوات الكفيلة بترسيخ مكانة دولة فلسطين على أرض الواقع، والعمل على إعادة النظر في كل العلاقات والروابط مع دولة الاحتلال التي تتعارض مع حق دولة فلسطين في السيادة على أرضها بما في ذلك كل أشكال التنسيق". لكن مستشار الرئيس للشؤون الدينية، محمود الهباش، أكد عقب الاجتماع أن التنسيق الأمني مع الاحتلال ما زال مستمراً، لأنه "مصلحة حيوية" للشعب الفلسطيني على حد وصفه، مبيناً أن قرار وقف التنسيق سيتم اتخاذه في الوقت المناسب.


اجتماع القيادة الذي افتتحه الرئيس بالهجوم على حركة حماس في ذكرى انطلاقتها، متهماً إياها بتعطيل إعادة الإعمار، وملمّحاً إلى مسؤوليتها عن سلسلة التفجيرات الأخيرة في غزة، انتهى بالتأكيد على "أهمية تعزيز وحدة الصف الوطني وتلاحمه في هذا الظرف ووضع كل الطاقات الوطنية والشعبية لحماية القدس وكل قطعة من تراب الوطن"، واكتفى بالمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق دولية في جريمة اغتيال الشهيد أبو عين، من دون البت في مسألة وقف التنسيق الأمني، وهو الأمر الذي يحظى بإجماع "الصف الوطني" برمّته وفي مقدمته حركة فتح ذاتها، إذ تشير مصادر مطلعة "للمدن" إلى أن مواقف معظم أعضاء اللجنة المركزية للحركة كانت تصب في اتجاه وقف التنسيق الأمني بشكل نهائي عقب اغتيال أبو عين، وهو ما ظهر أيضاً من خلال التصريحات المعلنة لقيادات وازنة في الحركة، كجبريل الرجوب، وأمين مقبول، وعباس زكي، وصائب عريقات، الذي أكد قبل يومين إن قرار وقف التنسيق سيصبح سارياً خلال ساعات، لكن قرار الرئيس، محمود عباس، كان الأنفذ.


التصريحات النارية التي أطلقها مسؤولون في فتح والسلطة عقب جريمة اغتيال أبو عين، سرعان ما خفتت في اليومين الماضيين، كما لم تخرج أصوات معترضة على التلكؤ في وقف التنسيق الأمني، لاسيما من كوادر حركة فتح، وقاعدتها الجماهيرية الغاضبة، ما دفع كثيرين في الشارع الفلسطيني إلى الاعتقاد أن كل تلك التصريحات لم تكن إلا محاولة لكبح جماح الشارع الفلسطيني الغاضب. فالسلطة كانت تخشى انفلات الوضع وخروج الأمور عن عقالها، وهذا ما تعزز أيضاً عقب تأجيل اجتماع القيادة الحاسم الذي كان من المفترض أن يعقد قبل يومين.


الصحافة الإسرائيلية التي تناولت تهديدات السلطة باهتمام بالغ خلال الأيام الماضية، أجمعت على أن التنسيق الأمني يعد مصلحة استراتيجية للسلطة، ولا يمكنها التفريط به في الوقت الراهن، وأن كل تلك التصريحات ما هي إلا محاولة لامتصاص غضب الشارع الذي سيسعى لمطالبة قياداته برد قوي. وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن التنسيق الأمني لم يتوقف منذ توقيع اتفاق أوسلو، إذ ظلّت السلطة الفلسطينية وفيّة له حتى في ذروة الانتفاضة الثانية، حينما كانت الدبابات الإسرائيلية تحاصر مؤسساتها ومقر قيادتها في رام الله. فالسلطة تدرك أن أي قرار بوقف التنسيق لا يمكن أن يكون فورياً أو انفعالياً، لأنها تعي تماماً أن التنسيق الأمني هو جوهر اتفاقية أوسلو التي جلبتها إلى الضفة وقطاع غزة، وبالتالي إيقافه يعني عملياً حلّ السلطة وإسقاط أوسلو نهائياً.


في كل الأحوال، كل السيناريوهات ستكون واردة بعد الأربعاء المقبل. فبعد التوجه إلى مجلس الأمن ستكون السلطة قد رمت آخر أوراقها، ولم يبق عليها إلا الانتظار: إما أن يوافق المجلس على صيغة مشروع القرار، وهذا يتطلب بالطبع عدم استخدام الولايات المتحدة "للفيتو"، وإما أن تلجأ السلطة إلى الخطة البديلة في حال فشل هذا المسعى، وهي تتضمن أربع خطوات تم إقرارها في اجتماع القيادة، الأحد وتتلخص باجتماع الأطراف المتعاقدة في جنيف لتطبيق الاتفاقية في الأراضي الفلسطينية، وتقديم طلب للأمم المتحدة بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، والانضمام للمعاهدات والمواثيق الدولية، بما فيها ميثاق روما الممهد لمحكمة الجنايات الدولية، وتحديد العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية بما يشمل وقف التنسيق الأمني، ودعوة الاحتلال إلى تحمل مسؤولياته.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها