الأربعاء 2013/09/11

آخر تحديث: 08:21 (بيروت)

مناورة روسيا تربك المعارضة

الأربعاء 2013/09/11
مناورة روسيا تربك المعارضة
ترجيحات بأن تكون المبادرة الروسية جزءاً من مشروع يؤدي الى "جنيف 2" (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
صمت ضجيج الحرب فجأة في الشرق الأوسط  بعد المبادرة الروسية، القائمة على تسليم النظام السوري لترسانته من الأسلحة الكيماوية، متسسباً في ارباك المعارضة السورية بجناحيها السياسي (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية) والعسكري (الجيش الحر).

بعدما كان الجميع يترقب أن يكون خطاب الرئيس الأميركي، باراك أوباما، مترافقاً مع تفويض من الكونغرس بمثابة ساعة الصفر لبدء هجوم عسكري ضد سوريا، تبدلت الأجواء الدولية وتوقفت العقارب على المبادرة الروسية، التي استند اوباما إليها ليمنح الدبلوماسية فرصة جديدة ويطلب من الكونغرس تأجيل التصويت على عمل عسكري ضد سوريا بانتظار ما ستؤول إليه المبادرة. 
 
ولم يشذ مجلس الأمن الذي عقد جلسة طارئة عن هذا المسار، فتأجل التصويت أيضاً على المبادرة الروسية بعد الاتفاق على حل وسط  قضى بالغاء الاجتماع وعدم تقديم روسيا لمشروع بيان رئاسي حول المبادرة، في مقابل تعليق فرنسا مشروع القرار الذي كانت تنوي تقديمه، والداعي الى صدور قرار عن مجلس الأمن بموجب الفصل السابع، يتضمن شروطاً صارمة تشمل عواقب إذا لم يلتزم النظام السوري بتسليم ترسانته من الاسلحة الكيماوية. 
 
ازاء هذه التطورات، حذر الناطق الرسمي باسم القيادة العسكرية العليا للجيش الحر، العقيد قاسم سعد الدين، في اتصال مع "المدن"، من "انزلاق الدول الغربية والولايات المتحدة إلى الخدعة الروسية بالاتفاق مع النظام السوري".
وأوضح سعد الدين، أن "النظام السوري يملك نحو ألف طن كمخزون من المواد الكيماوية، وهو قد يعمد إلى تسليم بعض هذا المخزون أو فتح منشأتين أو ثلاث أمام التفتيش، بينما يقوم بإخفاء الباقي"، محملاً المجتمع الدولي مسؤولية "ضرب النظام لبعض المناطق التي تسيطر عليها المعارضة وهي سراقب والقابون وخان العسل بالكيماوي حتى بعد مجزرة الغوطة"، مشيراً إلى أن هذا "دليل على أن هذا النظام لن يرتدع".
 
بدوره، حذر عضو الائتلاف السوري المعارض المستقيل، لؤي المقداد، في حديث لـ "المدن"، من أنه "إذا استطاع (الرئيس السوري بشار) الأسد خداع المجتمع الدولي وتسليمه جزءاً من ترسانته الكيماوية على أنها كل ما لديه، فستكون كارثة لأنه حينها سيستخدم المتبقي منها لديه ضد شعبه ويكون قد امتلك قرينة براءة دولية". 
 
ولم يستبعد أن تكون المبادرة الروسية ""رأس جبل الجليد" من "اتفاق غير معلن على مرحلة انتقالية من دون الاسد"، وخصوصاً بعد الاعلان عن لقاء الخميس بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ونظيره الروسي، سيرغي لافروف في جنيف. 
 
وفيما أشار المقداد إلى احتمال أن تكون "ألمانيا منخرطة في هذه الجهود" وأكد أن "المعارضة لم تطلع على أي شيء رسمي بهذا الخصوص"، لم يستبعد مصدر مسؤول في الجيش الحر، من الذين حضروا اجتماعات في اسطنبول مع مسؤولين غربيين، خلال الايام الماضية، أن تكون المبادرة الروسية جزءاً من مشروع أكبر يؤدي الى "جنيف 2".
 
وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه في اتصال مع "المدن"، أن "الأميركيين في كل اجتماعاتهم الأخيرة معنا كانوا يريدون التزاماً من المعارضة بالموافقة على الاشتراك بمؤتمر جنيف المقبل مهما كانت نتيجة الضربة". 
 
في هذا السياق، أشار مسؤول العلاقات العامة في المكتب الإعلامي للائتلاف سونير طالب، لـ "المدن"، إلى أن "الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري ستجتمع يومي الجمعة والسبت المقبلين في اسطنبول لبحث التطورات والمبادرة الروسية بالإضافة إلى مناقشة ملف الحكومة المؤقتة". 
وشدد طالب على أنه "لا يوجد موقف رسمي للائتلاف حتى الآن، بل الموقف يجب أن يتخذ اجماعياً في الاجتماع المنتظر"، لكنه كشف أن "أجواء الرفض للمبادرة الروسية بين أعضاء الائتلاف أكبر بكثير من الموافقة عليها، حيث يرى هؤلاء أنها غير منطقية وليست سوى مهلة جديدة من الوقت تعطى لنظام الاسد". 
 
وأوضح أنه منذ يومين كان هناك وفد من الائتلاف في واشنطن ضم كل من خالد الصالح وجورج صبرا ونجيب الغضبان، التقى  بعدد من اعضاء الكونغرس وبحث معهم مطولاً الخيارات ومن ضمنها العسكرية، لافتاً إلى أن ما لمسه الوفد أن الأمور معقدة في ظل استمرار حالة الاستقطاب داخل  الكونغرس ما بين مؤيد ومعارض للضربة. 
 
وفي السياق، اعتبر الباحث في "منظمة البحوث الاستراتيجية الدولية" (أوساك) في أنقرة، علي باكير، في حديث لـ "المدن"، أن أجواء التفاهم الدولية في الظاهر لا تعني اتفاقاً لأن "الشيطان يكمن في التفاصيل". وتوقع أن تكون المبادرة الروسية "مجرد مناورة ستفشل بين فكي المطالبة الروسية بالاكتفاء ببيان رئاسي يصدر عن مجلس الأمن وبين الإصرار الفرنسي على مشروع القرار". 
 
كما اعتبر أنه "لا يوجد تحول في المزاج الدولي من توجيه ضربة للنظام إلى الالتزام بمبادرة سلمية، فأساساً لم يكن هناك مزاج دولي لمعاقبة النظام السوري، بل على العكس هو توافق دولي على الإبقاء على نظام الأسد، كما تظهر الوقائع منذ اندلاع الثورة السورية وحتى اليوم، وفي موازاة ذلك البحث عن حل سياسي". 
 
ووصف باكير  أوباما بأنه "أصلاً من أشد المعارضين لتدخل أميركا في الصراع حتى في حدّه الأدنى الذي يتطلب توفير السلاح للثوّار كما هو معلوم، ولولا أنّه ألزم نفسه بالخطر الأحمر المتعلق باستخدام السلاح الكيماوي لما كان اليوم ليبحث موضوع معاقبة النظام السوري بدليل أنّ أحداً من المجتمع الدولي، بما في ذلك الأميركيين لم يعترض على قتل الأسد لأكثر من مئة ألف انسان من مواطنيه بالأسلحة التقليديّة". 
 
رغم ذلك، يبقى توجيه ضربة عسكرية لسوريا احتمالاً قائماً، من وجهة نظر باكير، في ظل عدم حسم مصير المبادرة والجدل المتوقع أن تثيره  تفاصيل المبادرة على غرار "أن تسليم النظام لأسلحته لا يعني اعفاؤه من عقاب الجريمة".
 
increase حجم الخط decrease

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب