الجمعة 2015/03/27

آخر تحديث: 18:21 (بيروت)

مصر في "عاصفة الحزم": اليمن ورقة ضغط على السعودية؟

الجمعة 2015/03/27
مصر في "عاصفة الحزم": اليمن ورقة ضغط على السعودية؟
"القوة العربية المشتركة" ثمرة صفقة السيسي-الملك سلمان
increase حجم الخط decrease
أبدت مصر حماسة كبيرة للمشاركة في عملية عاصفة الحزم ضد الحوثيين في اليمن، جواً وبحراً وحتى براً. وبرزت مع تلك الحماسة معلومات متضاربة تتحدث عن خلل في العلاقة بين القاهرة والرياض، وهو ما رجح البعض أن يكون السبب الرئيسي وراء تأخر مصر، لساعات، قبل الإعلان عبر خارجيتها، ثم عبر بيان للقوات المسلحة، عن مشاركة مقاتلاتها في ضربات التحالف بقيادة السعودية.

وبمعزل عن الآراء الداخلية المتباينة حول المساهمة المصرية، تناقلت وسائل إعلام محلية معلومات تفيد بأن السعودية تعمّدت عدم اطلاع حليفها، الرئيس عبد الفتاح السيسي، مسبقاً على العملية، وأن القاهرة لم تعلم بالهجوم إلا عند إعلان السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير، منتصف ليل الأربعاء-الخميس، بدء العملية.

التأخير المصري في المشاركة، هو ما ترجمته جماعة "أنصار الله" الحوثية بأن نظام السيسي يعارض الضربات الخليجية على اليمن، إذ نشرت "اللجنة الثورية العليا" التابعة للحوثيين بياناً فجر الخميس، أشادت فيه بـ"المواقف القومية لمصر من الأزمة اليمنية"، وعدم اشتراكها بأي ضربات عسكرية.

موقف الجماعة ارتكز أيضاً إلى تصريح أدلى به المتحدث باسم الخارجية المصرية بدر عبد العاطي لصحيفة "اليوم السابع" المصرية الأربعاء، أي قبل ساعات قليلة من انطلاق الهجوم، ينفي فيه نية مصر التدخل عسكرياً في اليمن، وذلك رداً على تصريحات وزير الخارجية في حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، رياض ياسين، قال فيها إن دول الخليج ومصر وافقت على شنّ هجمات ضد الحوثيين في بلاده. وقال عبد العاطي في معرض نفيه "لا علم لنا بما نُسب من تصريحات لمسؤول يمني حول موافقة مصرية خليجية لتدخل عسكري في اليمن".

أما عن السبب في عدم إطلاع السعودية حليفها المصري مسبقاً بالهجوم، فتناقلت مواقع عربية عديدة تصريحاً لمصدر سعودي يقول فيه إن تجنّب دول الخليج التنسيق مع مصر، وحتى الأردن، يعود إلى اكتشاف المملكة "لعلاقات سرية تربط ما بين مصر والأردن مع ايران"، بالإضافة إلى "لقاءات سرية بين الطرفين، حيث بدا أن كلاً من مصر والأردن، يريدان الارتماء في أحضان الطرف القوي في المنطقة بعد أن شاهدوا بأن ايران تتوسع وتتمدد ودول الخليج تقف صامتة مما يجري، سواء في العراق أو في اليمن".

وبحسب المصدر فإن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز "استشاط غضباً قبل أيام، عندما علم بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي قام بتمرير شحنة أسلحة روسية إلى نظام بشار الاسد (عبرت من قناة السويس)، إضافة إلى الموقف من التدخل العسكري في اليمن، الذي كان واضحاً بأنه مغازلة للحوثيين، فضلاً عن أن السيسي كان قد بدأ عهده في الرئاسة بتحسين العلاقات مع روسيا، الحليف التقليدي والتاريخي لايران وسوريا".

ويضيف المصدر أن الأردن تقع في المنظار نفسه، "حيث كان الجنرال الإيراني قاسم سليماني قد حلّ ضيفاً على الملك الأردني عبد الله الثاني قبل أيام، كما أن وزير الخارجية الأردني ناصر جودة زار ايران قبل أيام ايضاً في إطار تحسين العلاقات التي قرأها البعض على أنها مقدمة لتحالف أردني-إيراني ضد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام".

ويتابع المصدر أن التغيّر في الموقف المصري بعد ساعات على بدء العملية قد يعود إلى إبرام صفقة مع المملكة حول إقرار القوة العربية المشتركة، وهو لطالما كان من أبرز مطالب السيسي، وأعلن عنه مساء الخميس في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب التحضيري للقمة العربية التي تنطلق، السبت المقبل، في مصر.

وكانت صحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية الصادرة بالإنكليزية، أفادت في وقت سابق أن "أبوظبي لن تشارك في أي ضربة عسكرية باليمن"، إلا بعد الموافقة على تشكيل القوة العسكرية العربية المشتركة التي دعا إليها السيسي.

وبينما تبقى هذه المعلومات، بانتظار التأكد من صحتها تماماً، أعربت جماعة الحوثي، الخميس، عن استغرابها للموقف المصري، وتوجّه زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، في رسالة متلفزة إلى السيسي بالقول "لا تبيعوا الجيش المصري مقابل قليل من المال". وبثت قناة "المسيرة" الحوثية تصريحاً لقيادي آخر في الجماعة، يتساءل فيه عن "سر انقلاب الموقف الرسمي" من المؤيد لهم إلى تأييد السعودية. وقال القيادي أمام حشد من المتظاهرين الحوثيين في صنعاء متوجهاً بكلامه إلى السيسي "بالأمس كان موقفك معنا، فلماذا انقلبتم علينا اليوم؟".

يُذكر أن وفداً من الحوثيين برئاسة مسؤول العلاقات الخارجية في الجماعة، حسين العزي، زار في أوائل الشهر الحالي، العاصمة المصرية القاهرة لمقابلة مندوب اليمن الدائم لدى جامعة الدول العربية لبحث كيفية "فتح علاقة مع القيادة المصرية لبحث سبل التعاون المشترك". كما أعلن في ذلك الوقت، عضو المكتب السياسي للجماعة محمد البخيتي، أن لقاءً تم بين ممثلين للجماعة مع السفارة المصرية في اليمن في منتصف شهر شباط/فبراير الماضي، وأسفر عن "تفاهمات كبيرة". وطمأن البخيتي مصر في تصريح لصحيفة "الشروق" في عددها الصادر في 27 شباط/فبراير الماضي، حول الملاحة في باب المندب، مؤكداً أن الحوثيين "حريصون على تأمينه لكونه ممراً دولياً وحيوياً لكل دول المنطقة بما فيها اليمن ومصر، وأي إخلال بأمنه سيؤثر سلباً على الجميع".

"التقارب" المصري-اليمني الذي شمل أيضاً آنذاك الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، مع إيفاده الأمين العام لـ"حزب المؤتمر الشعبي العام"، عارف الزوكا، إلى القاهرة للقاء مسؤولين مصريين لـ"التنسيق بشأن المرحلة الجديدة"، سبق هروب الرئيس عبد ربه منصور هادي من إلى عدن وتراجعه عن الاستقالة، مما غيّر المشهد السياسي في البلاد وصولاً إلى التدهور الكامل الذي يشهده اليمن اليوم. 



النشاط الدبلوماسي الذي كان قائماً قبل فترة وجيزة، بين الحوثيين وصالح من جهة، والسيسي من جهة أخرى، يُمكن ترجمته في نية الرئيس السيسي استخدام الملف اليمني كورقة ضغط على المملكة بعد تسلّم الملك سلمان الحكم، لكن إن صحت معلومات وجود أزمة ثقة بين الملك السعودي الجديد ونظام السيسي فهل كان تجاهل وإهمال مصر في العملية درساً أرادت السعودية تلقينه للسيسي رداً على مناوراته السياسية؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها