كبير أطباء مستشفى كارولينا لـ"المدن" عن اللقاح ومرضى القلب

وليد حسين

الخميس 2021/02/18
في البيانات الأولية التي نشرت في فرنسا منذ نحو أسبوعين، سجلت نسبة ضئيلة جداً من الأعراض الجانبية التي تستدعي الحذر، منها تسارع في دقات القلب بين الذين تلقوا لقاحات فايزر وموديرنا. ورغم أنه لم تجر دراسات حولها للتثبت من مدى ارتباطها باللقاحات، إلا أن مشكلة تسارع دقات القلب تستدعي تخوف الأشخاص المصابين بأمراض القلب من اللقاحات. هذا بمعزل عن مخاوف كبار السن، والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، في الإقدام على تلقي اللقاحات الحديثة، خصوصاً بعد الشائعات التي انتشرت حولها، في الآونة الأخيرة. 

اللقاح والأمراض المزمنة
هل للقاحات الحديثة أعراض جانبية ومضاعفات قلبية تضع بعض المرضى في دائرة الخطر؟ وهل هذا يستدعي من مرضى القلب تلقي اللقاحات التقليدية؟ وما هي الأعراض التي سجلت في هذا الشأن في أميركا، حيث أعلى عدد من الأشخاص تلقوا اللقاحات في العالم؟ وهل ساهمت اللقاحات في خفض نسب الإصابات والوفيات والاستشفاء، أم تفاقمت الأوضاع الصحية؟ 

أسئلة طرحتها "المدن" على الطبيب عبد الله قمّوع، الذي يشغل منصب رئيس قسم القلب والشرايين والأمراض الداخلية في قسم فلورانس، في مستشفى كارولينا الجنوبية، في الولايات المتحدة الأميركية. وهو عضو في الجمعية الطبية اللبنانية العالمية، التي تعمل على تأمين المساعدات الطبية للبنان. وكان تخرج من كلية الطب في الجامعة اللبنانية، والطب الداخلي من الجامعة الأميركية في بيروت، ومن جامعة كايس ويسترن في كليفيلاند بولاية أوهايو. وعاد وتخصص بأمراض القلب في مستشفى جامعة بوفالو في نيويورك، وأمراض الشرايين في مستشفى جامعة أليغنيي في بيتسبرغ، وعلاج فشل القلب وزراعة القلب في مستشفى جامعة مينيسوتا.  

ووفق قموع، الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، وخصوصاً مرضى القلب، لهم الأولوية في تلقي اللقاح، لأنهم الأكثر عرضة للمخاطر في حال الإصابة بكورونا. فنسبة الوفيات بين مرضى القلب من مضاعفات كورونا أعلى من غيرهم من الأشخاص. وجميع جمعيات أمراض القلب في أميركا حثت هؤلاء المرضى على تلقي اللقاح، حرصاً على حياتهم، نظراً لفعالية وأمان لقاحات فايزر وموديرنا، المستخدمين في أميركا. وإلى حد الساعة، أثبتت هذه اللقاحات أنها فعالة وآمنة أكثر بكثير من اللقاحات التقليدية. 

الأعراض الجانبية
وأكد قموع أن الدراسات التي أجريت على الأشخاص الذين يعانون أمراض القلب وباقي الأمراض المزمنة، للفئة للعمرية التي تفوق الستين عاماً، أثبتت أن الأعراض الجانبية للقاحات هي ذاتها عند باقي الأشخاص العاديين. والأعراض الجانبية التي ظهرت خلال حملات التلقيح الحالية، شبيهة بالأعراض التي سجلت خلال الدراسات على اللقاحات. وهي أعراض تسببها مختلف أنواع اللقاحات التي نتناولها منذ عشرات السنوات، كما قال.

وأضاف أن الآف المرضى، الذين يعاينون في المستشفى حيث يعمل، تلقوا الجرعة الثانية من اللقاحات، ولم تظهر أي أعراض مختلفة عن تلك التي ظهرت في الدارسات الأولية قبل وضع اللقاحات في الأسواق. وهي على سبيل المثال الألم الموضعي وألم الرأس أو المفاصل أو العضلات، والتحسس.. مثل أي لقاح آخر.

تسارع بدقات القلب
ورداً على سؤال حول أعراض التسارع بدقات القلب وخطورتها على مرضى القلب، أكد أنه لم تسجل مثل هذه الأعراض لا في الدراسات ولا في حملات التلقيح. ففي أميركا تلقى أكثر من 50 مليون شخص اللقاح، ومعظمهم من الفئات العمرية التي تزيد عن السبعين عاماً، ولم يسجل أي أعراض قلبية بينهم. بل ظهر عارض جديد لم يظهر في الدراسات، هو التحسس الشديد، الذي يعالج بشكل سريع. 

وعن تفضيل الكثيرين للقاحات التقليدية، وخصوصاً الكبار في السن، لفت قموع إلى أن فعالية اللقاحات التقليدية محدودة، ولا يمكن مقارنتها مع فعالية اللقاحات الحديثة. واستغرب الخوف من هذه اللقاحات فقط لأنها حديثة، مشيراً إلى أنه خلال الشهرين الفائتين تلقى أكثر من مئة مليون شخص هذه اللقاحات الحديثة حول العالم، ولم تسجل أعراض خطرة تستدعي الإحجام عنها. 

وبالنسبة للإجراءات التي يجب على مرضى القلب اتخاذها، أشار قموع أن لا احتياطات معينة لمرضى القلب لأخذ اللقاح. فهم مثلهم مثل أي شخص آخر يجب أن يراقب لنحو نصف ساعة بعد تلقي اللقاح، للتأكد من عدم وجود أي تحسس ما، مثل أي شخص آخر غير مريض. وعليهم متابعة حياتهم والاستمرار بتلقي الأدوية المعتادة.   

الوضع الصحي بعد التلقيح
بعد مرور نحو شهرين على حملات التلقيح في العالم، نسأل: هل انخفض عدد الوفيات والإصابات وحالات الاستشفاء؟ يؤكد قموع أنه لا يمكن استخلاص النتائج في أميركا بشكل مفصّل بعد. فخلال الأسابيع الست الأخيرة، أي بعد بدء حملات التلقيح، يلاحظ تسارع في تدهور حالات المصابين في المستشفيات، سواء في الولايات المتحدة الأميركية أو في بريطانيا. لكن ليس هناك من رابط بينها وبين حملات التلقيح، لأن نسبة الذين تلقوا اللقاح ما زالت أقل من 20 في المئة من السكان، كما قال. 

وأضاف، على العكس من ذلك، الدولة الوحيدة التي أجرت دراسة أولية تفصيلية حول الفرق بنسب المصابين وحالات الاستشفاء، قبل وبعد اللقاح، هي إسرائيل، التي لقحت أكثر من خمسين في المئة من السكان. وأثبتت الدراسة أن نسبة فعالية اللقاح، للشريحة العمرية التي تزيد عن 65 عاماً، وصل إلى نحو 94 في المئة. وبالنسبة للحالات الجديدة تدنت الإصابات بنحو55  في المئة. وهذا يثبت فعالية لقاح فايزر المستخدم هناك. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024