عونيون يهينون المسلمين.. القعر يتسع للطائفيين جميعاً!

رين قزي

الثلاثاء 2021/02/16
لم يتغيّر العونيون، ولم يفارقوا ماضي الحرب اللبنانية وأدبياتها. تمتلك لغتهم رشاقة نادرة، فهي قادرة على الخروج، في أي لحظة تأزم سياسي، بمعزل عن كل التطورات والاستحقاقات والمتغيّرات... وقادرة على حشد المناصرين، وإيقاظ التفاهة بقالب عنصري. 
ما يُقال هنا، ليس هجوماً على أشخاص، بل على ثقافة، ونمط حياة فجرته تغريدة لمناصر للتيار الوطني الحر، يقول فيها ان المسلمين "ليسوا متعلمين"، وأن كل نائب أو وزير من التيار "يعادل اثنين من النواب والوزراء المسلمين". 

هذا الخطاب الذي استيقظ أخيراً، بعدما بات التيار بلا حلفاء، يخوض معاركه وحيداً، يكشف عمق الفجوة التي يسكنها. هوّة "الكمية والنوعية" و"الجنس المختار"، و"شعب لبنان العظيم". 

تلك الأدبيات التي فجرت البلاد في حقبة المارونية السياسية، يستعيدها مناصرو التيار اليوم. بلغة استعلائية، يهينون شركاءهم في الوطن. يقللون من قيمتهم، ويوسمون المسلمين بـ"الإرهاب"، كما جرى في البوست المنشور. ويفاضلون بين المهاجرين الى أوروبا أو الولايات المتحدة، وبين المهاجرين من اللبنانيين الى دول الخليج وافريقيا. وهل كانت وجهة الهجرة لطائفة دون سواها؟ ألا يتواجد آلاف المسيحيين في افريقيا، وآلاف المسلمين في أوروبا واميركا والبرازيل واستراليا وغيرها؟ 

لعل الشوفينية والعنصرية الألترا-يمينية هي مقتل العونيين. الماضي الذي يسكنوننه، لم يترك لهم فرصة للنظر بعَيني سمكة، أو للتطلع الى المستقبل بلا اثقال الماضي. مقتلهم، لأن من استعان بهم رفيق الحريري من الشخصيات السياسية والاقتصادية من مختلف الطوائف، أكبر بكثير مهنياً وعلمياً من الشخصيات المحسوبة على التيار، وهي وقائع يذكرها مناصرو "المستقبل" لدى الحديث عن باسل فليحان وغازي يوسف ومحمد شطح، في مقابل سيزار ابي خليل وندى البستاني وسليم جريصاتي. 

ليس هناك أعمق من القعر الذي يسكن فيه مناصرو التيار، أخلاقياً وإنسانياً. فلبنان لم يكن يوماً لطائفة دون سواها، ولا دول العالم كانت لمهاجر لبناني دون الآخر. لم يكن الارهاب سمة مذهبية، بقدر ما هو سلوك إجرامي، تورط فيه مسلمون ومسيحيون وأبناء طوائف أخرى حول العالم. 

ينفع في معرض المفاضلة العونية، التذكير بما قيل في الثمانينيات عن المسلمين، بعد عقود من الحرمان ولما بات المسلمون على أعتاب المنافسة في الحكم السياسي التقليدي. فقد قال أحد زعماء اليمين المسيحي ان المسلمين تعلموا في الخمسينيات، وهاجروا في الستينيات، وجمعوا أموالاً من الخارج في السبعينيات، والآن عادوا ليشاركوا في الحكم... وهذا ما حصل. 

لا يتقبل العونيون تلك الحقيقة، وما زالوا مصرين على الثبات في مرحلة ما قبل الطائف. لا يتقبّل المناصرون الوضيعون بأن تشكيل الحكومة شراكة دستورية بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية، وعندما يُواجهون بالحقيقة، يذهبون الى خطاب طائفي مقيت لن يغيّر شيئاً في وقائع دستورية، وفي أزمة يتعمقون فيها.. وصولاً الى القعر أخلاقياً وإنسانياً!
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024