السبت 2015/11/14

آخر تحديث: 11:47 (بيروت)

رصيف بعلبك: المكان البديهي الذي يمكن لسكانها التواجد فيه

السبت 2015/11/14
رصيف بعلبك: المكان البديهي الذي يمكن لسكانها التواجد فيه
تختلف نوعية الممارسات الرصيفية كلما توغلنا أكثر في قلب المدينة (حنين شبشول)
increase حجم الخط decrease
منذ أن تدخل إلى بعلبك من مدخلها الجنوبي تطالعك أرصفتها القديمة المرصوصة بالحجارة العريضة. اليوم، تخلو هذه الأرصفة من البسطات والباعة المتجولين ومقاهي الاكسبرس، لكنها لا تخلو من أشخاص أو مجموعة من الشباب، قرروا أخذ استراحة والاستمتاع بالأركيلة في الوقت نفسه.



الممارسات
تختلف نوعية الممارسات الرصيفية كلما توغلنا أكثر في قلب المدينة. فأرصفة القلعة الأثرية الحجرية التي نرى عليها سائحاً يلتقط صورة أو بائعاً يسعى للتخلص من أغراضه بأعلى سعر ممكن، تختلف في طبيعتها عن أرصفة السوق، الممتلئة بسيارات ركنها أصحابها لـ"دقائق معدودة" لجلب غرض ما، أو بأشخاص نشروا بضاعتهم لجلب الزبائن. وهذان الرصيفان يختلفان أيضاً عن الرصيف المواجه لجامع المصطفى، حيث تتمركز مكتبة الرصيف، "أجمل مكتبة تجارية في بعلبك". وهناك رصيف رأس العين الأكثر شهرة، اذ يقصده يومياً أشخاص من خارج المدينة لممارسة الرياضة أو التسلية.

"في الماضي كان استعمال الرصيف مختلفاً عن اليوم وكان أكثر أهمية، لكن بعد الأحداث اللبنانية أصبح الموضوع عشوائياً، وبات الناس يعمّرون على الرصيف ويستخدمونه لأغراض خاصة بهم"، يقول المختار علي الشل. لكن مؤخراً عاد اهتمام بلدية بعلبك بالرصيف. فـ"عندنا يستعملون الرصيف للبيع، فاذا لم يعرض المحل بضاعته على الرصيف يعتبر مغلقاً. ليس لدينا ثقافة الرصيف، فقد اعتاد الناس أن يمشوا في وسط الشارع حتى ولو كان الرصيف فارغاً. الشباب العاطلون من العمل يجلسون على الرصيف ويقضون وقتهم هناك لدرجة تمنع الكثيرين من المشي على الرصيف أو ممارسة أي من طقوسه"، يضيف الشل.


رصيف صغير وكبير
وفي تقسيم آخر، هناك رصيفان مركزيان في المدينة. الرصيف الصغير، أي رصيف السوق، الذي يستخدم لبيع الخضار وعرض البضائع الصغيرة. وهو نبض المدينة بازدحامه الكثيف نهاراً، وتجول مرتاديه على أغاني ملحم زين أو وائل كفوري. وأبرز معالمه سوق اللحامين، الذي يقع بين رصيفين صغيرين يقابلان بعضهما، حيث تنتشر ملاحم تضع أمام مداخلها قطع اللحم المتدلية تحت الشمس، وبالقرب منها أفران تنبعث منها رائحة الصفيحة البعلبكية الشهيرة على مدى النهار. ومع حلول آذان المغرب تبدأ المحلات بالإقفال ويخف ازدحام السيارات.

أما الرصيف الكبير، أي رصيف رأس العين، فيستخدم لسباقات الدراجات النارية والاستعراض و"التلطيش"، على ما يشيع بين أهل الرصيف. وهو يبدو كأنه "رصيف للأحلام المنكسرة"، فتجد الشباب، الذكور منهم تحديداً، يشربون القهوة ويتحدثون عن أزماتهم، أو يناقشون قضايا البلد الساخنة. على أن رصيف الليل غريب ومختلط أكثر، وفيه تُلحظ الحركة السرية للذين يحبون بعضهم. وهذا ما يبدو كأنه عودة إلى المجال العام المغلق نسبياً أمامهم، لكنها عودة بالتحايل والتبطل.

وليس صعباً ملاحظة غلبة الحضور الذكوري على الرصيف، فليس محبذاً حضور الفتيات على الرصيف، أو في المجال العام، حتى وقت متأخر من الليل. واذا كان الرصيف يُعد المكان الأكثر شعبية والأوفر لمن يريد قضاء بعض الوقت خارج منزله، فإنه يبدو في بعلبك المكان البديهي الذي يمكن لسكانها التواجد فيه، خصوصاً مع غياب الصروح الثقافية والاجتماعية والنشاطات في المدينة.

وفي السابق، عندما كانت تتوزع باصات الاكسبرس على الشارع، قبل أن تمنعها البلدية، كانت "السهرة" تكلف أقل من عشرة آلاف ليرة لبنانية، ثمناً لفنجان شاي أو قهوة وأركيلة، فيشكل "الساهرون" مجموعات حولها، تنقسم إلى فئات بحسب انتماء صاحب الاكسبرس مثلاً أو البرنامج التلفزيوني المفضل. لكن بعدما قررت البلدية إزالة كل المقاهي والباصات عن الرصيف أصبح مكاناً للرياضة والمشي غالباً، وقد نُقلت المقاهي المتحركة الى مكان آخر في رأس العين، فقل قاصدوها.


سلامة المواطن
وبحسب سامي رمضان مسؤول النشاطات والمناسبات في بلدية بعلبك، يفترض بكل بلدية أن تعمل على تطوير وتحسين البنية التحتية في المنطقة ومن بينها الأرصفة. وفي بعلبك، قامت البلدية بتحسين وتوسيع الأرصفة آخذة في الاعتبار حركة الأشخاص المعوقين. وقامت البلدية السابقة بإنشاء أرصفة في أماكن تفتقر إليها، وذلك حرصاً على سلامة المواطن. "نحن في كل فترة نقوم بحملات لقمع المخالفات التي يقوم بها التجار، خصوصاً في سوق بعلبك حيث يتعدون على الرصيف، فيفرش الباعة بضاعتهم على الطريق ويحرمون المشاة من السير عليها".



* جزء من ملف تنشره "المدن" عن "استعمالات الرصيف"

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب