الجمعة 2014/12/19

آخر تحديث: 13:57 (بيروت)

اللّغة العربية في يومها ضحيّة الإهمال.. والسجع

الجمعة 2014/12/19
اللّغة العربية في يومها ضحيّة الإهمال.. والسجع
ماذا يعني أن يكون للّغة العربية يوم من دون وجود محاولات جديّة لتحسين تعليمها؟ (محمود الطويل)
increase حجم الخط decrease
على الرغم من وضوح الإختلاف السياسي والطائفي للمتكلمين في مؤتمر إطلاق "تجمّع معلّمي اللغة العربية وآدابها"، كممثلين لمختلف المؤسسات التربوية في لبنان، إلا أنّهم أجمعوا على أن اللغة العربية "باقية حيّة" وأنها "الثروة" و"الجسد لروح الأمّة"، وعلى أنها مهددة أولاً من قبل لغة التواصل الاجتماعي، مشددين على أن المسؤولية في النهوض بـ"لغة الضاد" وإعادة إحيائها، تقع على "عاتقنا جميعاً" وخصوصاً مدرّسي اللغة العربية. 


ففي المؤتمر الذي نظّم لمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، أمس الخميس، في قصر الأونيسكو في بيروت، برعاية رئيسة لجنة التربية والثقافة النيابية النائب بهيّة الحريري، دعا التجمّع أصحاب المؤسسات التربوية من مختلف الطوائف "لضمان تطبيق الخطّة التربوية الجديدة في مختلف المجتمعات اللبنانيّة"، كما قال أحد مؤسسي التجمّع باتريك رزق الله لـ"المدن".

وشكّل الخطاب المعقّد و"المُنغَّم" الذي ألقاه معظم المدعوين مثالاً حيّاً للأزمة التي تعاني منها اللغة العربية، إذ بدا واضحاً أن فهم معظم المتكلمين لصحّة استخدام هذه اللغة يكمن في السجع والتكرار واستخدام المفردات "المعقّدة".

وفي الحديث عن الـ"معنى"، أثّر الإختلاف الطائفي والسياسي بين المتكلمين على فهمهم للغة العربية والمخاطر التي تهددها. فرأى الأمين العام لـ"مؤسسة العرفان التوحيدية" الشيخ سامي أبي المنى أن "اللغة هي الجسد الذي يحتضن روح الأمّة"، وهي تشكو من "ما نحن عليه من قصور وتلكؤ في تفعيل تعليمها". أما رئيس دائرة التربية والتعليم الياس شوفاني، فاعتبر أن "لغة التواصل الاجتماعي هي اجتياح للّغة العربية"، كما سلّط الضّوء على "طريقة تعاطينا معها كلغة ثانية مع أطفالنا وافتخارنا باللغات الأجنبية"، وعلى "اعتماد اللغات الأجنبية في تعليم معظم المواد في المدارس والأنشطة التطبيقية".

من جهته، أكّد رئيس "مؤسسة أمل التربوية" رضا سعادة أن هناك "حملات مشبوهة لاستبدال اللغة العربية بلغاتٍ أخرى"، وأنه "يجب أن ندرك خطورة الأزمة". أما الأب شربل باتور الذي حاول في عرضه لأزمة العربية تفهّم معاناة التلاميذ في فهمها، فأوضح أن "كل ما هو عربي اليوم يرتبط بلغة العنف وأصحابها مع الأسف يتكلمون اللغة العربية الفصحى"، موضحاً أن ذلك يترك صورةً سلبية للّغة في ذهن الطلاب ويزيد "نفورهم" منها، مضيفاً أن برامج تدريس اللغة العربية في لبنان هي "برامج من عصر آخر وبالتالي فالطلاب يشعرون بغربة عن مضامين المواد".

ولكن جو "المنافسة الشعريّة" لم يخلُ من اقتراح حلول اتفق المتكلّمون على أنها تبدأ من تطوير أساليب تعليم اللغة العربية كمادّة أساسية في المدارس، من خلال،"الإعتراف بأن وسائل التعليم المعتمدة باتت قديمة وبأن الحاجة ملحّة لاستخدام التكنولوجيا من دون أن تكون بديلاً من الكتاب والمعلم"، و"الإبتعاد عن الجمود في تعليم اللغة العربية، وتعديل المناهج وتأليف كتب جديدة". أما باتور فأوضح في حديثٍ مع "المدن" أن "الإنتماء العاطفي للشيء يلعب دوراً في التأثر به، وبالتالي إذا لم يشعر الجيل الجديد بأن اللغة العربية هي لغته الأم التي تعبّر عنه في حياته اليومية، وعن مشاكله ومشاعره فلن يكون لديه حافز ليتعلّمها".

ولكن ماذا يعني أن يكون للّغة العربية يوم من دون وجود محاولات جديّة لتحسين تعليمها وتحبيب الشعوب العربية بها؟ وعلى الرغم من تفاؤل رزق الله في حديثه مع "المدن" بقدرة "التجمّع اللبناني" على "إحداث تغيير في أساليب تعليم اللغة العربية في لبنان"، إلا أن تقصير الدولة اللبنانية بمختلف وزاراتها في تطوير تعليم العربية بات دليلاً كافياً على أن الكلام في لبنان يبقى كلاماً. فهل يستطيع التجمّع دفع وزارة التربية إلى تعديل المناهج والكتب بعد أن وضعها مركز البحوث والإنماء في العام 2000، من دون تطويرها بعد ذلك؟ وهل ستستطيع الدولة اللبنانية استخدام التكنولوجيا في التعليم في غياب خطّة شاملة تشمل تهيئة المدارس الرسميّة قبل الخاصّة بالبنية التحتيّة والتجهيزات اللازمة لاستخدام الإنترنت، وتأمين وسائل الإتصال الضرورية لذلك؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها