الأربعاء 2014/09/17

آخر تحديث: 12:22 (بيروت)

شبطيني: مئة ألف طلب لمهجرين لم يبت بها بعد

الأربعاء 2014/09/17
شبطيني: مئة ألف طلب لمهجرين لم يبت بها بعد
إعمار الوحدات السكنية وحده لا يكفي لإعادة المهجرين إلى ضيعهم (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
تبقى قضية المهجرين اللبنانيين، خلال الحرب الأهلية، معلقة هي الأخرى بلا حلول نهائية. ولا يبدو أن خاتمة قريبة متوقعة لها. ولا يبدو الوقت، كما في قضية المفقودين في الحرب، عاملاً مساعداً. إذ أن تأخر حل المشكلة يراكم مشاكل أخرى لا يكون حلها هي أيضاً سهلاً. على أن في القضيتين يبدو التقصير الرسمي أساساً في عرقلتهما. واذا كانت قضية المهجرين لا تشبه قضية المفقودين، كما ترى وزيرة المهجرين أليس شبطيني في مقابلتها مع "المدن"، فإن التأخير في انهائها يرتبط أساساً بغياب التمويل اللازم لاقفال هذا الملف.


كيف يمكن تقبل وجود وزارة المهجرين بعد سنوات طويلة من انتهاء الحرب الأهلية؟
عندما وافقت على الوزارة اعتبرت أنني وزيرة ضمن مجلس الوزراء. والمسائل التي تطرح داخله تطرح على جميع الوزراء، ونشترك جميعنا بالمناقشات واتخاذ القرارات. وعندما تدخل إلى الوزارة تصبح سياسياً. لا يهمني نوع الوزارة طالما أن هناك شغلاً يمكنني أن أقوم به، ضمن الحدود المعطاة لي. لكن أيضاً لهذه الوزارة دوراً مستمراً في الاهتمام بمسائل طرأت على لبنان، مثل حرب تموز 2006 والنزاعات اللبنانية الداخلية، ومنها الاقتتال في طرابلس. وكان يمكن أن نهتم باللبنانيين الذين نزحوا من سوريا، لكن وزارة الشؤون الاجتماعية اهتمت بهم، وذلك بسبب ضعف قدراتنا المادية.

ألا يساهم التأخر في حل مشكلة التهجير في تعميق تداعياتها؟
عمل الوزارة يتوقف على إرادة المهجرين بالعودة إلى ضيعهم أولاً. وهو يتعلق أيضاً بوجود الأموال اللازمة في الوزارة لتوزيعها حسب نظم معينة. لكن الأموال لا تأتينا إلا وفق قانون يحدد لنا قيمة معينة، وهذا ما يؤخر حصولنا عليها. لدينا الآن مئة ألف طلب لمهجرين لم يبت بها بعد، بسبب قلة الأموال. وفي الأساس الـ30 مليون ليرة لكل وحدة سكنية قليلة، لذا ارتأينا أن كل وحدة سكنية مهما كان نوعها، واذا كان لدى الأسرة أولاداً، تحصل على 90 مليون ليرة. على أن يبقى لنا أخيراً مجال لاختيار حوالي 150 شخصاً يمكننا أن نقرر لهم دعماً اضافياً، بحسب الحاجة، كي نرفع الغبن عنهم. وهذه مشكلة لا تتعلق بالوزارة وحدها. لكنني سأحاول طلب استرداد الأموال التي صرفت في مشاريع أعطيت أولوية على حساب وزارة المهجرين وأموالها، مثل بناء بنية تحتية أو أبنية في طرابلس. هذه التعويضات ليست من مسؤولية صندوق المهجرين. لكن أيضاً جزء من الهدر في هذه الوزارة يرجع إلى التأخير في حل مشكلة المهجرين. اذ أننا منذ عشرين سنة ندفع إيجارات مبان في ستاركو والصنائع، وأجوراً للموظفين، كان يمكن الاستفادة منها في مكان آخر. وهي تقريباً موازنة سنوية تصل الى سبعة مليارات ليرة.

هل المقاربة المادية تكفي وحدها لحل مشكلة المهجرين؟
طبعاً لا. المسألة تتعلق أساساً بإرادة المهجر نفسه. بعض المهجرين أخذوا الجزء الأول من التعويض، الذي يبلغ 15 مليون ليرة، لكنّه لم يسع إلى إعادة بناء منزله في ضيعته التي هجر منها، فخسر الجزء الثاني من التعويض، وهو 15 مليون ليرة أيضاً. وهذا ما لا يمكن للوزارة أن تتحمل مسؤوليته. لكن الوزارة لا تسعى إلى التعويض المادي فحسب، بل إلى إجراء مصالحة علنية ورسمية بين الفرقاء في الضيع التي تعرض أهلها للتهجير.

هل أدت السياسة دوراً سلبياً في معالجة هذه القضية؟
كان يجب أن يتخذ قرار سياسي لحل هذه المشكلة من جانب القيادات السياسية والروحية. وهذا أكيد. عندما جئت إلى الوزارة عرفت أن القرار ليس في يد الوزير وحده. هناك قرار سياسي أو طائفي يجب أن يتخذ. ولا يمكنني أن أنكر أهمية دور النائب وليد جنبلاط، وتعاونه مع رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، وخاصة في قضية بريح، التي أحتُفل بالمصالحة بين أهلها في 16 تموز الفائت. ونحن نعمل منذ شهرين تقريباً على الإخلاء ورفع الانقاض، لكن المسألة تحتاج إلى وقت. وأعرف من نموذجي ضيعتين أن الناس يريدون العودة إلى ضيعهم. مثل مسيحيي كفر سلوان الذين قالوا لي، عندما زاروني، إنهم مهتمون بالعودة ولا مشاكل عندهم مع أهل ضيعتهم. وكذلك الأمر بالنسبة لأهالي بريح. لقد وصلنا الى مرحلة أن اللبناني صار مقتنعاً بأن ليس له إلا أهل بلده. لكن مفروض أن يعرف كل واحد حدوده. ولا يمكن للطائفية أن تكون عائقاً لتواصلنا.

هل يمكننا أن نعتبر أن المهجرين عادوا فعلاً إلى ضيعهم؟
الى الآن لا تزال نسبة الذين عادوا إلى ضيعهم ضئيلة. لكن لا يمكن إرجاع هذا الأمر إلى الأسباب السياسية فحسب. لقد أسس المهجرون، طيلة هذه السنوات، حياتهم في مكان آخر، داخل لبنان أو خارجه، وهم لن يكونوا مهتمين بإعادة تأسيس حياتهم من جديد. لكنني أعتقد أن القيام بنشاطات، وايجاد فرص عمل للشباب، في القرى المهجرة قد يساهم بعودة المهجرين، والا ستتحول هذه القرى إلى مأوى للعجزة، فيما يكتفي الجيل الأصغر سناً بزيارات سنوية، أو في المناسبات. ذلك أن إعمار الوحدات السكنية وحده لا يكفي بتاتاً لإعادتهم إلى ضيعهم. وهذا ما لا يمكن للوزارة أن تتحمل مسؤوليته وحدها، ولذلك أجرب التواصل مع الوزارات الأخرى. لكن المشكلة دائماً بالأموال. لكننا نجرب، وعبر السفارات اللبنانية، أن نطلب من المغتربين اللبنانيين المساهمة في بناء نواد أو مراكز في هذه الضيع، من أجل أن نعيد إليها الحياة.

ماذا عن سمعة الوزارة وصندوق المهجرين؟
استلمت الوزارة لأكمل العمل السابق، ولأقوم بواجبي كوزيرة، وليس لأحاكم أحداً. لكن اذا شعر أي أحد خلال فترة عملي أنه يوجد أي غبن أو سرقة أو هدر يمكنه أن يطالبني. لكنني لست هنا لأحاكم غيري. السمعة السيئة حول هذه الوزارة كانت بسبب صندوق المهجرين، وليس بسبب الوزارة نفسها. وأعرف تماماً أن الرئيس الجديد للصندوق يعاني كثيراً الآن بسبب الفوضى والهدر المتراكمين من المرحلة السابقة. وهو يشتغل ليلاً ونهاراً لاعطاء صورة جديدة للصندوق. أما قضية فادي عرموني، الرئيس السابق للصندوق، فلا علاقة لي بها، ولم أتعامل معه. لكنني رأيت شغله، وعلى الأقل من الناحية الإدارية أعرف أنه تحت مستوى العمل الاداري. أما القضايا المالية فهي تتبع لسلطة الوصاية، أي مجلس الوزراء، وليست عندي.

increase حجم الخط decrease