السبت 2014/12/20

آخر تحديث: 13:41 (بيروت)

"الزبائنية".. النظام الإنتخابي أصل المشكلة

السبت 2014/12/20
"الزبائنية".. النظام الإنتخابي أصل المشكلة
"الكوتا النسائية المؤقتة هي أيضاً جزء من الحل" (محمود الطويل)
increase حجم الخط decrease

لطالما حازت العلاقة الزبائنية بين الناخبين والأحزاب السياسية، على حيز واسع من نقد واقع التطبيق الديمقراطي. ولعلّ أبرز ما يضاف إلى هذه العلاقة، هو تحويل الناخبين إلى "زبائن دائمين".. أو كما يقال بالعامية "زبون دويم". هذه الديمومة لم تكن خياراً، بل واقعاً فرضه تمديد ولاية مجلس النواب. أما قبل ذلك، فكان لكل ناخب/زبون حرية الإنتقال والتبديل في خياراته الإنتخابية بين حزب وآخر، بما يتناسب مع التقديمات المتوقعة من كل جهة.


"هي خدمة العرض والطلب في السياسة"، هكذا يعرف وزير الداخلية الأسبق زياد بارود الزبائنية السياسية في مؤتمر نظمه "المركز اللبناني للدراسات"، بالتعاون مع "مؤسسة كونراد أديناور"، أمس الجمعة، بعنوان "الزبائنية كرابط بين الناخبين والأحزاب السياسية". تتوسع أستاذة العلوم السياسية في "جامعة القديس يوسف" فاديا كيوان في تقديم التعريف العلمي لهذه "الآفة المستشرية في ممارسة الشأن العام". تتناول كيوان الزبائنية إنطلاقاً من "المحسوبية الطائفية". والأخيرة عبارة عن "تبادل خدمات على قاعدة هرمية بين الراعي والزبون".. أي بين الطرف الذي يملك السلطة والآخر الذي يختاره لإعتبارات ذات طابع خاص وشخصي.

التعريفات متعددة، والمغزى منها هو إبراز نوع العلاقة الملتوية بين الناخب والحزب السياسي. هذه العلاقة غير المبنية بأي شكل من الأشكال على الصالح العام، بل على المكاسب الخاصة التي يتوقع كل من الطرفين أن يجنيها من الآخر. فيتوقع الناخب/الزبون مثلاً أن يجني من المرشح أو الحزب السياسي وظيفة معينة، أو تسديداً لأقساط مدرسية أو أي خدمة أخرى. بالمقابل يتوقع المرشح الحصول على عدد أكبر من الأصوات التي لا يمثلها بالفعل، ليصل عبرها الى السلطة حيث ينفذ أجندة تخدمه هو، لا الدولة.. ويحصل على جميع المكاسب المالية والمادية الممكنة في ظل الفساد الإداري المستشري.

والواقع أن هذه الأزمة التي تبدو كالحلقة المفرغة لا يمكن أن تكون وليدة العدم. إنما هي نتيجةٌ للعديد من الظروف. فبارود يجد في النظام الإنتخابي المعتمد، أصل المشكلة. حيث أن "من يصنع قوانين الانتخابات، هو نفسه الذي ينتخبه المواطن". ويؤدي هذا الواقع بصفته أصل المشكلة ونتيجتها، إلى "تكريس المنتخَبين لوجودهم ومصالحهم عبر هذا النظام". من جهتها تبحث كيوان في السبب الذي يدفع المواطن لطلب الخدمة. وهنا لا يكون الكلام بالعموميات، بل في إطار "انكفاء المواطنين في طوائفهم بدءاً من الحرب الأهلية حتى يومنا هذا". وهكذا تظهر هذه العلاقة الزبائنية ضمن شقين متصلين، الأول بناء المواطن خياراته السياسية على أساس طائفي، والثاني هو تقصير السلطة المشكّلة من مختلف الطوائف في تقديم الخدمات الواجب تقديمها مجاناً، في ظل انفراد كل طائفة بتقديمها لرعاياها خارج إطار الدولة. وهكذا يزيد ولاء أبناء الطوائف لأحزابها، على أساس زبائني يجد ترجمته الواقعية في صندوق الإقتراع.

الحلول للتخلص من هذا الواقع الزبائني كثيرة وفقاً لما أورده المحاضرون. يطرح بارود مجموعة من العناوين الأساسية. "نظام إنتخابي نسبي" هو أحد الحلول. يؤدي إعتماد هكذا نظام إنتخابي إلى تقليص سلطة الأحزاب الطائفية. والأهم إعتماد الدوائر الكبرى، أو الدائرة الواحدة، ذلك أن العلاقة بين الزبائنية والدائرة الصغيرة، علاقة وطيدة. بحيث يعتمد المرشح على تلبية الواجبات الإجتماعية وتأمين الخدمات لأبناء منطقته، ليكسب الأصوات على هذه الخلفية. أما "الكوتا النسائية المؤقتة" فهي أيضاً جزء من الحل. يقول بارود إن "دراسات أثبتت أنّ الأنظمة التي تشارك فيها المرأة في الحكم، هي أقل الدول التي تعاني الزبائنية"، معتبراً أن سلوك المرأة في الحكم قادر على تغيير المعادلة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها