الجمعة 2015/06/05

آخر تحديث: 16:19 (بيروت)

في صيدا شاطئ ينتظر "غرباءه"

الجمعة 2015/06/05
في صيدا شاطئ ينتظر "غرباءه"
لا يبدو أن شاطئ المدينة يجذب زواراً إليه من مناطق مختلفة (عزيز طاهر)
increase حجم الخط decrease
يرتاد النداف (58 سنة) البحر كل يوم صيفاً وشتاءاً بعد نصف ساعة من المشي. وهو يعتقد أن البحر يغنيه عن الطبيب ويقيه من الأمراض ولو في الشتاء. هكذا، فعلاقة معظم الصيداويين بالبحر هي علاقة شخصيّة. ويروي صاحب الخبرة الكبيرة في السباحة خليل الثّمين (76 سنة) أنه يرتاد البحر منذ شبابه. فـ"منذ العام 1975 كنت أنزل باكراً إلى البحر في السادسة صباحاً في الصيف والشتاء". 



النظافة
تعتبر إزالة مكب النفايات وإنشاء معمل الفرز في صيدا نقطة فاصلة في المسار التاريخي لشاطئ المدينة. فبعد معاناة دامت عقوداً، أدت إزالة المكب إلى استمتاع أهالي المدينة بشاطئهم من دون أي معوقات. لكن يبدو أن نظافة شاطئ صيدا التي لم تبلغ سوى سنتين أو ثلاثة من العمر لم تستطع حتى اليوم أن تمحو صورة الشاطئ المتسخ من ذهن الناس في المناطق الأخرى. تقول ليلى (21 سنة): "لم أزر شاطئ صيدا يوماً لأن الفكرة العامة عنه أنه شاطئ متسخ. كما أن ارتياد الشاطئ أقرب إلى العادة فأنا مثلاً اعتدت زيارة شاطئ صور فلا أزور أي شاطئ آخر".

لكن لا تقتصر مشكلة النظافة عند هذا الحد، فبعد أن كان مكب النفايات يلوث الشاطئ عبر البحر أصبح الإنسان اليوم هو الملوث الأول للشاطئ، خصوصاً في الصيف. ويقول رئيس لجنة البيئة في بلدية صيدا محمد البابا: "على الرّغم من مضاعفة عدد عمال التنظيف والعمل على توعية المواطنين حول أهمية النظافة وزيادة حاويات النفايات على الشاطئ، ما زلنا نرى كميات كبيرة من النفايات على الشاطئ خصوصاً بعد عطلة نهاية الأسبوع".

ويقترح الثّمين أن توظّف البلدية مراقبين للنظافة على الشاطئ يمنعون المواطنين من رمي النفايات على الرّمل بـ "الكلمة الطيبة أو العقاب، لأن هذا التصرف غير مقبول، فالشاطئ يعكس صورة المدينة وسكانها للغرباء والسياح".


المنفذ الوحيد
وبالإضافة إلى الأهمية التاريخية للشاطئ في المدينة، يعتبر هذا الشاطئ في موسم الصيف الملجأ الأول للصيداويين، الذين يقصدونه لأغراض عديدة. فكمال حبلي (44 سنة) يرتاد الشاطئ لممارسة رياضة الكرة الطائرة دائماً باستثناء فصل الشتاء. فحبلي الذي كان عضواً في منتخب لبنان للكرة الطائرة يعتبر أن "الشاطئ هو المنفذ الوحيد لأهالي صيدا للسباحة وممارسة الرياضة عوضاً عن الجلوس في المقاهي". ويضيف النداف: "من الضروري إنشاء منتجعات سياحية وفنادق على مدخل صيدا الموازي للشاطئ لجذب مزيد من الزوار والسياح إلى المدينة".

ولكن لا يبدو أن شاطئ المدينة يجذب زواراً إليه من مناطق مختلفة. وإذا كان السبب في ذلك ماضياً يعود إلى مشكلة النفايات فاليوم بعد حل هذه المشكلة يجدر بنا التساؤل عن مدى جذب الشاطئ للزوار والسياح. وتقول ليلى، وهي ليست من سكان صيدا، أنها ترتاد شاطئ صور فقط لأن "هناك مساحة من الراحة، على الرغم من أن مدينة صور هي مدينة محافظة. فهناك تقبل للتعددية والإختلاف ويمكننا الإستمتاع بوقتنا من دون أي تدخل من أحد وكأننا لسنا في صور".

ويرى الثّمين أنه من أجل تشجيع النساء على ارتياد شاطئ صيدا على البلدية أولاً أن "تنشئ بعض المقاهي حوله". كما يلفت الثّمين النّظر إلى مشكلة المجاري التي على الرّغم من حل 70% منها إلا أن تركها بشكل جزئي يؤثر على ارتياد الشاطئ وخصوصاً في الصّيف. وهو يقترح من أجل ذلك "تحويل المجرور بعيداً عن الشاطئ الشعبي". كما يرى الثمين أنه من الضروري أن تبقي البلدية "الدوش" صيفاً وشتاءاً لأهميته بالنسبة لمن يحب ارتياد البحر في الشتاء. فـ"هناك فقراء لا يغتسلون سوى في البحر فما المانع إذا أبقينا الدوش ليستفيد منه الناس؟".


مميزات الشاطئ
ويقول البابا: "تتميز مدينة صيدا بغياب أي تعد من أي جهة خاصّة على الشاطئ، كما توجد منطقة آمنة للسباحة تحددها البلدية كل سنة بعلامات ونتمنى على المواطنين الإلتزام بها لتجنب حالات الغرق. وستقوم البلدية بنشر لافتات على الشاطئ تنبّه فيها الناس إلى ضرورة الإلتزام بالحدود المخصصة للسباحة".

ويضيف البابا: "بالتعاون مع جمعية جزيرة وشاطئ صيدا لدينا خطّة للقيام بنشاطات على الشاطئ لتشجيع الألعاب المائية من أجل جذب المواطنين من المناطق كلها إلى الشاطئ، خصوصاً في شهر أيلول حيث ستعرض ألعاب مائية إحترافية. وهي تنظم للمرّة الأولى في المدينة".


الجزيرة
لكن نشاط السباحة، في صيدا، لا يقتصر على ارتياد الشاطئ الشعبي، خصوصاً في ظل غياب أي مسبح خاص أو منتجع، بل يتجاوز ذلك إلى وجود جزيرة يصل إليها المواطنون عبر الزوارق للسباحة وتمضية الوقت. بيد أن "الزيرة" كما يدعوها الصيداويون مهملة وتغيب عن رقابة البلدية واهتمامها منذ زمن. يقول البابا إن "البلدية تعمل هذه السنة بالتعاون مع جمعية أصدقاء جزيرة وشاطئ صيدا على تنظيف الزيرة والإهتمام بها".

ويرى الثمين أن الإهتمام بالـ"زيرة" يجب ان يتجاوز الحرص على نظافتها، فيقول: "عبر استعمالي "الناضور" أثناء الغطس رأيت بلاطاً قديماً جداً وأعمدة تشبه أعمدة بعلبك تحت الزيرة. إذاً هذه ثروة لصيدا يجب التنقيب عنها واستثمارها بأي طريقة، فيمكننا إنشاء أكواريوم تحت الماء مثلاً. لكن هناك إهمال مقصود لمدينة صيدا من الناحية السياحية على الرغم من أنه لدينا الكثير من الأمور التي تمكننا من التألق بالمدينة. كما يمكن الإستفادة من الزيرة عبر ترميمها على الأقل، وإنشاء مقاهي عليها وهذه كلها مشاريع من شأنها أن تخلق فرص عمل للشباب".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها