الأحد 2015/10/04

آخر تحديث: 09:12 (بيروت)

مراجعة حماية المال العام عالقة امام شورى الدولة

الأحد 2015/10/04
مراجعة حماية المال العام عالقة امام شورى الدولة
من الندوة التي عقدت في بيت المحامي عام 2014 حول المراجعة المقدمة أمام مجلس شورى الدولة(المدن)
increase حجم الخط decrease


القرار المتخذ في مجلس الوزراء في 24 تموز 2014 المتعلق بتامين إعتمادات للرواتب والأجور وملحقاتها من إحتياط الموازنة العامة، ليس الإنتهاك الأخير الذي ترتكبه حكومة بعد الـ2005 بحق المال العام. المختلف بالنسبة لهذا القرار أنه شكل وقتها نقطة إنطلاق لمراجعة قضاء شامل وإبطال أمام مجلس شورى الدولة، ترمي الى إبطاله مع كل القرارات المتعلقة به بسبب تخطي الحكومة لحدود سلطتها، عبر تصرفها بالمال العام من دون سند شرعي لذلك. أطلق على الدعوى يومها "دعوى حماية المال العام".

أهم ما في هذه المراجعة، وفقاً للنائب غسان مخيبر أحد المدعين بوجه الدولة خلال حديث لـ"حق عام"، مطالبتها مجلس شورى الدولة بـ"تكليف لجنة إدارية عامة للإشراف على الموازنة وإعادة الإنتظام العام". ذلك أن "المخالفات المتراكمة التي ترتكب في ظل غياب موازنة منذ عام 2005 تعد انتهاكاً جسيماً للقوانين".

وتحيل المراجعة الى إشكاليات عديدة. ما هو السند القانوني او الدستوري لهذه الدعوى؟ ما هو  الدور الذي يفترض بالقضاء الإداري (مجلس شورى الدولة) أن يلعبه لحماية الأموال العام؟ ما هي دعوى القضاء الشامل ودعوى الإبطال؟

مبدأ دستوري 

المبدأ الدستوري واضح لناحية عدم جواز الجباية والإنفاق بغير صك تشريعي، سنوي، هو الموازنة. وقد أفرد الدستور اللبناني فصلاً كاملاً لتحديد آليات وضع الموازنة وتنفيذها. الأرجح أن المشرع  الدستوري عندما نصَّ في المادة 83 على وجوب تقديم الحكومة مشروع موازنة شاملة لمجلس النواب مع بدء عقد تشرين الأول، وهو تاريخ واضح ومحدد، لم يتوقع أن تمتنع أو تتخلف يوماً عن هذا الموجب، وهي الأحوج لوجود الموازنة كضرورة دستورية لتنفيذ مهامها. الا أن الواقع اللادستوري يترجم ببساطة في إستمرار مؤسسات الدولة وحكوماتها المتعاقبة بالجباية والإنفاق بشكل غير شرعي منذ عام 2005، تاريخ إقرار آخر موازنة.

في هذا الإطار يلعب مجلس شورى الدولة دوراً كبيراً  في مجال حماية المال العام. فبصفته كقاضي إداري في لبنان، يقوم بالنظر بطلبات الابطال بسبب تجاوز حد السلطة للقرارات ذات الصفة الادارية ومراجعات القضاء الشامل للتعويض على المتضررين. كما ينظر في إبطال القرارات المخالفة للقانون والدستور.

دعوى مستعجلة 

بالمقابل، إن المراجعة المقدمة امام مجلس شورى الدولة لم تحرز حتى اليوم أي تقدم على الرغم من الصيغة المستعجلة التي قدمت في إطارها. يوضح مخيبر أن الدعوى "لا تزال في مرحلة تبادل اللوائح". ويضيف أنه "على الرغم من إتباع الأصول الموجزة لوجود عجلة ماسة وضرر أكيد، إلا أن مجلس شورى الدول يبطىء في البت بالمراجعة.


ويأتي سلوك المجلس في هذه القضية مخالفاً لما تنص عليه المادة 103 من نظام مجلس شورى الدولة، بالنسبة لتطبيق الاصول الموجزة. فيكون على المقرر وفقاً للمادة أن يحقق بالدعوى بأقرب مهلة ممكنة. وتكون المهلة المعينة للخصوم لتقديم دفاعهم أو جوابهم ثمانية أيام على الأقل وخمسة عشر يوما على الأكثر. ولا يجوز تقديم أي رد على اللائحة الجوابية ولا الترخيص بتقديمها إلا بقرار من هيئة المحكمة. يرفع المقرر تقريره الى مفوض الحكومة، وعلى الأخير أن يعيده مع مطالعته خلال 8 أيام، وللخصوم ان يبدوا ملاحظاتهم في مهلة 15 يوم. أما المجلس فيجب أن يحكم في القضية "بدون إبطاء".

قضاء شامل وإبطال

 من جهة أخرى يوضح مخيبر ماهية دعوى القضاء الشامل. فهي التي يرفعها المتضرر بوجه الإدارة (الدولة أو المؤسسات العامة أو البلديات أو أي شخص من أشخاص القانون العام) أمام القضاء الإداري، ليطالب فيها بحق شخصي مترتب له في مواجهتها. ويطبق هذا الفهم على المراجعة المقدمة بخصوص حماية المال العام. فـ"المدعون يلجؤون الى السلطة القضائية لتصحيح إدارة المالية العامة وإنتظامها في إطار الدستور والقانون".


أما في ما يتعلق بمراجعة الإبطال لتجاوز حد السلطة، فلا يمكن تقديم هذه المراجعة إلا ضد قرارات ادارية محضة، نافذة ومن شأنها الحاق الضرر. وبالتالي فإن المستدعين يطالبون بإبطال قرار مجلس الوزراء تاريخ 24 تموز 2014 الذي هدف إلى تأمين الاعتمادات المطلوبة للرواتب والأجور وملحقاتها من احتياطي الموازنة العامة، بالإضافة الى ما يجب ابطاله من قرارات ادارية أخرى مطعون فيها لمخالفتها القانون والدستور. وبما ان صلاحية مجلس شورى الدولة بوصفه المحكمة العادية في القضايا ‏الادارية هي صلاحية اساسية وان المراجعة امامه وبالتحديد مراجعة الأبطال لتجاوز حد ‏السلطة فلا يمكن استبعادها او حظرها الا بنص قانوني صريح.

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها