الثلاثاء 2015/07/21

آخر تحديث: 15:07 (بيروت)

الحركة الكشفية في صيدا: الماضي أجمل من الحاضر

الثلاثاء 2015/07/21
الحركة الكشفية في صيدا: الماضي أجمل من الحاضر
كان للسياسة دور في تراجع الحركة الكشفية في صيدا (فايسبوك: كشافة الجراح مفوضية الجنوب‎)
increase حجم الخط decrease
يعتبر النشاط الكشفي في صيدا من تراث المدينة. ففي العام 1928 أسس صلاح الدين فارس، محمد شهاب، بدرالدين مملوك وعبد الغني البزري وغيرهم من الشباب أول فرقة كشفية، في صيدا، بإسم الفرقة "العدنانية"، وقد التحقت في العام 1930 بكشاف "المسلم" البيروتي. بيد أن النشاط الكشفي في المدينة لم يشهد موجة ازدهار متواصل، بل مرّت عليه حقبات من الركود، لعل السنوات الأربع الأخيرة كانت أبرزها. في الوقت عينه، شهدت الجمعيات الكشفية في صيدا أوج نشاطها في الحروب والنكسات، فالعمل الاجتماعي يُعد جوهر النشاط الكشفي في المدينة.



تعريف الكشاف
في صيدا 8 جمعيات كشفية رئيسية كان لـ"المدن" حديث مع بعض مفوضيها. وعلى الرّغم من اختلاف هذه الجمعيات الكشفية في موالاتها المضمرة للانحيازات السياسية والدينية الموجودة في المدينة، إلا أن تعريفهم للعمل الكشفي لم يختلف كثيراً. فقد أجمع مفوضو صيدا والجنوب في كل من "كشاف المسلم"، "كشاف الجراح"، "كشاف الفاروق"، "كشاف المستقبل" و"الكشاف العربي" على أن الكشاف هو "لعبة في الهواء الطلق وفي الطبيعة وصداقة مع البيئة وعملية اكتشاف للمواهب وبناء للقدرات والثقة بالنفس، وأنه خطوة باتجاه بناء شخص صالح ذي أخلاق جيدة".


الدين والسياسة
وعلى الرّغم من اهتمام هذه الجمعيات الكشفية بالأنشطة المفيدة للمدينة والترفيهية، إلا ان الإنتماء السياسي والديني لكل من الجمعيات الكشفية يتبلور في اختلاف أولوياتها وطبيعة نشاطاتها والفئات التي تسعى إلى استقطابها والوصول إليها.

وفي حين اعتبر قائد "كشاف الفاروق" في صيدا كامل كزبر أن ليس من الخطأ أن يكون للكشاف توجه ديني، فقد فسّر ذلك بقوله "نحن نتعاطى مع التوجه الديني من حيث القيم وليس من حيث الإلزام، فلا أعتقد أننا عندما نأخذ من الدين الأخلاق كالصدق والأمانة والتعاون والنظافة نتعارض مع أي قيمة لدين آخر أو حتى مع قيم المدنية، فهذه قيم مجتمعية".

وقد تكون "الرابطة الكشفية" التي تأسست في صيدا بدعوة من النائب بهية الحريري تأكيداً للصراع السياسي الموجود في المدينة، إذ تتضارب المعلومات حول رفض جمعيتين كشفيتين الإنضمام إليها أو عدم دعوة الرابطة أساساً لهاتين الجمعيتين. وعند سؤال مفوض "الكشاف العربي" في صيدا خالد كريدية عن سبب غياب الجمعية عن هذه الرابطة قال لـ"لمدن" إن "الرابطة الكشفية ليست فاعلة لأنها تتضارب مع اتحاد الجمعيات الكشفية في لبنان، وهذا أحد الأسباب التي أدت إلى تراجعنا عن الإنضمام إليها".

بيد أن التوجه الديني أو السياسي لبعض الجمعيات الكشفية في المدينة لا يعني غياب جمعيات كشفية مستقلة عنها، خصوصاً تلك التي لم تتأسس في نطاقها كـ"كشاف الجراح" مثلاً، والذي يعتبر الأكثر تنوعاً واستقلالية.


تراجع الكشاف
وقد كان للسياسة دور في تراجع الحركة الكشفية في صيدا. فمع تأزم الساحة السياسية بعد اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري ونشوء قطبين سياسيين رئيسيين في لبنان هما 8 و14 آذار، بات الهم الأكبر لهذين القطبين جمع العدد الأكبر من الموالين. أما وسيلة جذب هؤلاء فكانت إغراءهم بالمال، فأصبح الإنتماء إلى هذه الأحزاب والمشاركة في أنشطتها عملاً مدفوعاً، مما أدّى بطبيعة الحال إلى القضاء على مفهوم التطوع. وتعاني صيدا حتى اليوم من تراجع العمل التطوعي الذي ينعكس تراجعاً في نشاط الكشاف والمجتمع المدني.

كما ساهم انتشار التكنولوجيا المتطورة بتراجع النشاط الكشفي. إذ أجمع مفوضو الجمعيات الكشفية أن أكبر تحدٍّ لهم اليوم هو الهواتف الذكية التي "يرفض الأطفال والشباب وضعها جانباً للمشاركة في الأنشطة"، كما يقولون. ويشمل التطور التكنولوجي أيضاً الـ"بلايستايشن" وغيرها من الألعاب الإلكترونية. كل هذه الأمور الترفيهية التي يستمتع بها الأطفال والشباب اليوم تجعل من العمل الكشفي مشقّةً هم بغنى عنها. زد على ذلك الرفاهية التي يعيش فيها كثيرون مما يجعل النشاط التخييمي مثلاً أمراً شبه مستحيل بالنسبة للأهل والأولاد.

كما تعاني جمعيات كشفية كثيرة في صيدا من نقص في أعداد المتطوعين والقادة. وتعود هذه الظاهرة إلى سفر القادة الذين تأسسوا في الجمعية إلى خارج لبنان، خصوصاً بعد حرب تموز في العام 2006 وعدم فاعلية عملية إعداد القادة. في سياقٍ مماثل، لعبت الأحداث الأمنية المتوترة التي مرت على المدينة في السنوات الأربع الأخيرة دوراً في الحد من أنشطة الجمعيات الكشفية.


الفئات المُستقطبة
مع ذلك، يبدو وجود جمعيات كشفية ناشطة في المدينة ضرورياً لتشكيلها منفذاً لأولاد الطبقتين المتوسطة والفقيرة، اذ تؤمن لهم مساحات للّعب والترفيه وتنمية القدرات واكتشاف المواهب من دون مقابل مادي. وبالرجوع إلى تاريخ الحركة الكشفية في المدينة نجد أن غالبية متطوعيها وأفرادها هم أبناء هاتين الطبقتين الاجتماعيتين.

والحركة الكشفية في صيدا نوعان، منها ما ينشأ في المدارس وتقتصر أنشطته على تلامذتها، كـ"كشاف الفاروق" و"الكشاف اللبناني" مثلاً، ومنها ما ينشأ في المدينة ويتوجه إلى كل سكانها. وفي حين تشارك الفتيات في العمل الكشفي وتلتزم به أكثر من الفتيان في صيدا، فإن هذه الجمعيات تستقطب الفئات بين عمر 5 و20 سنة وهم يقسمون مجموعات ويتطورون فيها من جرموز إلى كشاف إلى جوال وفقاً لأعمارهم ومجهودهم الشخصي والدورات التي يخضعون لها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها