السبت 2015/03/28

آخر تحديث: 06:14 (بيروت)

الياس خوري في "اللبنانية الأميركية": بحثاً عن البرابرة

السبت 2015/03/28
الياس خوري في "اللبنانية الأميركية": بحثاً عن البرابرة
ولم يغفل خوري ما للأنظمة المتطرفة من دور في العنف الذي يحدث في الدول العربية (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
ينعكس اهتمام قسم الإنسانيات في "الجامعة اللبنانية الأميركية" بالثقافة العامة وحق الطالب بالإطلاع على ما هو أبعد من خيارات أستاذه ومخالفته الرأي في المحاضرات والندوات التي ينظمها والمواد الإختياريّة المندرجة تحت برنامج الفنون الحرّة التي يوفرها لجميع طلاب الجامعة. ولعل استضافة القسم للكاتب الياس خوري، أول أمس (الخميس)، في محاضرة بعنوان "بحثاً عن البرابرة" كانت خطوة مهمة لتعريف الطلاب على الكاتب بشكل مباشر ومناقشة العنف الحاصل في المنطقة معه، باستخدام مفاهيم مختلفة وانطلاقاً من مبادئ سياسيّة مختلفة بين المحاضر والجمهور.


وتتفاوت مواضيع المحاضرات والندوات التي ينظمها القسم بتفاوت القضايا الملحّة في المجتمع وتلك التي تحوز على اهتمام الشباب. وتتبلور أهميّة هذه الأنشطة بالنسبة لنولا باشا "حين تستقبل الجامعة خبراء من جنسيات مختلفة للحديث عن مواضيع عديدة". أما فيما يخص استضافة خوري فتقول باشا إن "استقبال الخبراء يتيح لطلابنا فرصة الإطلاع على آراء ودراسات أشخاص آخرين يعملون في الحقل فلا يتقيدون بنظرة أساتذتهم، كما أن استقبال أحد أهم الروائيين، مثل الياس خوري، يعطي فرصة لطلابنا للإستماع إلى حديثه عن كتاباته، مما يساهم في انتقال الميراث الأدبي إلى مختلف الأشخاص". من ناحيته، يشير منسق الأنشطة في قسم اللغة العربية لطيف زيتوني الى أنه "غالباً ما تكون مادة الدراسة مقيدة ببرنامج للتدريس فتأتي محاضرة كهذه غالباً من خارج البرنامج لتضيف ما لا يمكن أحياناً للتعليم المُبرمج أن يقدمه للطالب".

وعلى الرغم من أهمية هذه المحاضرات لا يكتفي القسم بهذه الأنشطة بل ينظم أنشطة تطوّعية من نوعٍ آخر. وترى باشا أنه "على الرغم من حاجتنا إلى المواد الإنسانية كالشعر والأدب فإنها وحدها لا تكفي. وأعتقد أننا نحتاج إلى تعزيز العلاقات الإنسانيّة بيننا والتواصل مع أشخاص من جنسيات مختلفة وتقبل الآخرين. لذلك لدينا برنامج تطوعي للأساتذة يتيح لهم فرصة زيارة بعض المدارس الرسمية والخاصة لقراءة القصص للطلاب ومناقشتها معهم، وهكذا يشارك الأستاذ معرفته مع المحيطين به. وكذلك يقوم بعض الأساتذة بمحاضرات في الجامعة، فلا يكفي أن يكون الأستاذ محاضراً في صفّه بل يجب أن يعمل لخدمة مجتمعه".

ويبدو أن الحيّز التطوّعي متوافقٌ عليه من قبل مختلف أفراد القسم، إذ يرى زيتوني أن التطوع في نشر المعرفة أمر بديهي يجب أن يقوم به كل إنسان، لذلك فإن "تطوع المحاضرين في هذا النشاط يساعد الطالب على تعلم مهارة ستكون مفيدة له حين يتخرج ويبدأ بخدمة مجتمعه. فالطالب الذي يتخصص في الأدب العربي مثلاً هو اليوم طالب وباحث لاحقاً أو كاتب أو أستاذ، وعليه أن يخدم المجتمع وبالتالي أن يحاضر وأن يشارك في ندوات. بهذا المعنى تصبح المحاضرة جزءاً من برنامج التعليم الذي يحصّله الطالب".

والواضح أن اختيار مواضيع المحاضرات يقوم على اعتبارات عديدة. من جهته، يقول زيتوني: "تختلف ظروف اختيار الموضوع بين زيارة أحد الكتاب المهمين الى بيروت، أو يتصدر موضوع ما اهتمام وسائل الإعلام. ويمكن لأي طالب أن يطرح موضوعاً يود مناقشته. أما ما فرض محاضرة خوري فهو الجو العام القائم في المنطقة، حيث سمعنا المعنى الصحيح لكلمة البرابرة انطلاقاً من روايات سياسيّة مما يزيد من أهمية هذه المحاضرة، لأنها تنطلق من كتب منشورة ومقروءة". وتقول باشا: "يتفاعل الطلاب مع المحاضرات وفقاً لمواضيعها. فمثلاً منذ فترة نظمت محاضرة عن الدولة العثمانية، وهو موضوع سياسي، وقد كانت القاعة مليئة بالطلاب".

وفي محاضرته، حاول خوري عرض مقارابات مختلفة لفهم كلمة "البربريّة" مسلطاً الضوء على بعض مرادفاتها في مختلف الحضارات ذاكراً ظروف استخدامها. وبدأ خوري مشيراً إلى أنه "لا نعثر في قاموس العرب القدماء على كلمة برابرة بل استخدموا كلمة الإفرنج والمغول والتتار وهي كلمات عينيّة وليست مفهوميّة". وبدا إعجاب خوري بما أنجزه الباحث الفرنسي ميشال سورا واضحاً، إذ قال أنه "أدخل في كتابه "الدولة البربريّة في سوريا" كلمة البربرية إلى العربية، بمعنى الدولة المستبدة"، شارحاً أن سورا أطلق كلمة البرابرة "على كل الأنظمة التي هاجمت الثورات في وقت كانت فيه الثقافة العربية في غيبوبة أدت الى تسلل الغرباء إلى الثورة". ولم يغفل خوري ما للأنظمة المتطرفة من دور في العنف الذي يحدث في الدول العربية فقال: "أصبح للإستبداد شبيهه في التيارات السلفية" واصفاً إياها بـ"التوحش"، ومستوحياً التسمية من كتاب "إدارة التوحش" لأبو بكر ناجي.

وفي الجزء الأخير من حديثه، أشار خوري إلى روايات ثلاث عربية هي "تلك الرائحة" لصنع الله إبراهيم، "شرق المتوسط" لعبد الرحمن منيف وروايته "يالو". وقال خوري: "في الروايتين الأوليين كانت الكتابة بالنسبة للشخصية الرئيسية وسيلة لمقاومة الهمجية، بينما في الرواية الثالثة أصبحت الكتابة وسيلة للتعذيب في يد الجلاد". وختم خوري كلامه قائلاً "نصي مفكك كتفكك لغة العدالة التي أريد أن أتبناها والتي نحتاجها لنقاوم البربرية، بربرية الأنظمة الإستبدادية والإحتلال الإسرائيلي والتنظيمات المتخلفة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها