الإثنين 2015/10/12

آخر تحديث: 16:42 (بيروت)

طلاب التسعينات.. مجموعة "العمل المباشر"

الإثنين 2015/10/12
طلاب التسعينات.. مجموعة "العمل المباشر"
نسبة النساء الناشطات في المجموعة كانت تصل إلى 40% (getty)
increase حجم الخط decrease
شهد الحراك الطلابي في التسعينيات تحديات عديدة، بسبب اشتداد القبضة الأمنية في لبنان. هكذا، خرج العديد من الطلاب والطالبات عن الأطر المرسومة، محاولين تنظيم أنفسهم لمواجهة الواقع.


ففي العام الدراسي 1998-1999 تأسست مجموعة "العمل المباشر"، في "جامعة البلمند"، خلال معركة الطلاب مع الادارة لاقرار قانون انتخابي وقانون يعطي الطلاب حق ممارسة نشاطات تثقيفية، سياسية كانت أم اجتماعية، من خلال حق تأسيس النوادي.

كان أفراد مجموعة "العمل المباشر" يساريي الهوى، غير محزبين، وقد انضم اليهم لاحقاً بعض الشيوعيين من دون ان يكون للحزب الشيوعي آنذاك أي تأثير على عمل وقرارات المجموعة، شأنها في ذلك شأن المجموعات اليسارية الأخرى في الجامعات الخاصة.

لم يكن العمل السياسي المباشر آنذاك مسموحاً في الجامعة، لذلك كانت المجموعة، مثل غيرها، تعمل تحت غطاء النوادي، وكانت "العمل المباشر" تنشط من خلال ناديي "حقوق الانسان" و"النادي السينمائي". وكان تركيز المجموعة يترواح بين حياة الطلاب الجامعية، كالأقساط والمواد، والوضع السياسي الراهن في البلاد، خصوصاً لناحية المشاركة في معركة الحريات ضد الاحتلال السوري ومسببي الأزمة الاقتصادية.

يقول نزيه جماز، الناشط السابق في "العمل المباشر"، إنه "على عكس الجامعات الأخرى، حيث نشطت مجموعات يسارية، كانت جامعة البلمند، وما زالت، تتميز بطابعها الأرثوذكسي. فقد أسسها دير البلمند التابع للطائفة الارثوذكسية، فكانت أكثرية الطلاب والادارة من الأرثوذكس، وهذا ما لا يمكن تجاهله أبداً. وبحكم موقعها الجغرافي (الكورة) وأكثريتها الأرثوذكسية أصبحت الجامعة تحت تأثير لا يُستهان به للحزب السوري القومي الاجتماعي".

أصدرت المجموعة منشوراً صغيراً سمّته "كشكول"، يُموَّل من اشتراكات شهرية يدفعها أعضاء المجموعة، وهي ورقة A4 مطوية، تتضمن في كل عدد افتتاحية سياسية على الصفحة الأولى، أما المواد الأخرى فتتعلق بقضايا الطلاب. كما عملت المجموعة على تنظيم نشاطات ثقافية وسياسية، فكانت تنظّم معرضاً للكتاب كل سنة، وتعرض أفلاماً ثقافية في "النادي السينمائي" تطرح فيها مواضيع عن الجنسانية والعنصرية والقمع وغيرها.

يقول الناشط وليد أبو سعيفان: "كان للكشكول تأثير واضح على الطلاب، اذ كان يحفزهم على التوجه أكثر إلى المواضيع السياسية والقضايا الطلابية، إلى درجة أن العونيين والقوميين حذو حذونا وصار عندهم نشرة صغيرة أيضاً يوزعونها داخل الجامعة".

لم يقتصر نشاط المجموعة على "البلمند" وحقوق الطلاب المباشرة، انما كان أعضاء المجموعة ومنذ البداية على دراية بأن المعركة مع النظام هي نفسها سواء كانت داخل الحرم الجامعي أو خارجه. إلا أن السلطة والنظام الأمني اللبناني السوري المشترك واجه هذا الادراك بالقمع. فـ"في العام 2000 نظمت المجموعة معرضاً لرسام الكاريكاتور سعد حاجو تضمنت رسوماً أثارت استياء احدى الحركات الاسلامية، فقامت جهات أمنية بإعتقال ناشطيْن واعتدت على أحدهما بالضرب. ثم دعينا الى اعتصام أمام سرايا طرابلس احتجاجاً على الاعتقالات والضرب، كما للمطالبة بتحمل الدولة كامل المسؤولية ومحاسبة الجهة التي اعتقلت الطالبين"، وفق أبو سعيفان.

ويقول جماز: "كانت الانتخابات الطلابية فرصة للطلاب للتعبير عن مطالبهم وأهوائهم السياسية. وإعتبرت المجموعة أن كسر هالة الحزب القومي ومن ورائه تيار المردة، لا يتحقق إلا في انتخابات تُظهر حقيقة قوة الحزب القومي بين الطلاب ومدى نفوذه عليهم وعلى ادارة الجامعة". يضيف: "كان فوز القومي وحلفائه متوقعاً في أول انتخابات، لكن الأصوات الأخرى ومن بينها صوت العمل المباشر لقيت صدى حسناً ومشجعاً بين الطلاب، إلى ان بلغ هذا التشجيع ذروته في العام 2001 عندما فازت اللائحة المدعومة من العمل المباشر وحلفائها بأكثرية المقاعد".

استطاعت المجموعة بعد الفوز في الانتخابات، ومن خلال الدعوة الى اعتصامات مطلبية أغلقت أبواب الجامعة، تحقيق جزء من المطالب الطلابية التي كانت تطرحها، مثل تأمين باصات نقل الى مبنى ادارة الاعمال، الذي كان موقعه بعيداً عن حرم الجامعة المركزي. كما أرغمت ادارة الجامعة على تجهيز المختبرات وتوسيع مساحة غرف المراحيض وإقامة غرفة للموسيقى.

كان هذا الفوز مفاجئاً للجميع الا أنه أعتبر انجازاً سياسياً شديد الأهمية لأن "العمل المباشر" ومن خلال تحالفاتها آنذاك شكلت جبهة تشبه "إلى حد بعيد الجبهة التي تشكلت لاحقاً في العام 2005 على أثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري وانتفاضة الاستقلال من قبل القوى التي سُميت بقوى 14 آذار"، وفق جماز. اذ قادت "العمل المباشر" تحالفاً جمع بشكل أساسي "القوات اللبنانية" و"العونيين" و"الجماعة الاسلامية" ومستقلين تحت عنوان "ضد سوريا" أسفر عن هزيمة "القومي" و"المردة" و"كتلة طرابلس (نجيب ميقاتي)". واستمر هذا التحالف الانتخابي حتى العام 2002 وحقق فوزاً مشابهاً لعام 2001.

هذا الفوز كلف "العمل المباشر" ثمناً باهظاً دفعه 3 من أفرادها. يقول جماز: "لم تكتف المخابرات السورية والأجهزة الأمنية بملاحقة وتوقيف بعض أعضاء المجموعة، بل وصلت الأمور إلى حد التواطؤ مع ادارة الجامعة، في وقتها، لطرد أحد أفراد المجموعة من الجامعة وحرمان اثنين آخرين من الدراسة لفصل كامل".

ومثل العديد من الطلاب والطالبات الذين تخرجوا، عاد بعض أعضاء "العمل المباشر" الى الأطر المرسومة، بالعمل داخل لبنان أو خارجه وتأسيس عائلة، أو فضلوا دعم الحراكات الشعبية والمشاركة في الاعتصامات أو المظاهرات، والبعض الآخر انضم الى منظمات سياسية أو أسس أخرى جديدة.


نساء "العمل المباشر"
نسبة النساء الناشطات في المجموعة كانت تصل إلى 40%، مقارنة مع المشاركة شبه المعدومة للنساء في الحياة السياسية أو حتى داخل الاجتماعات الحزبية التي كانت تنشط في الجامعات، بما فيها اليسارية. وهذا غير مستغرب طبعاً نظراً لذكورية هذه الأحزاب وإقصائها النساء عن العمل السياسي داخل الجامعات وخارجها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها