السبت 2015/07/04

آخر تحديث: 13:23 (بيروت)

"العمل الفني مع الأطفال": الجنرال سيزرع البطاطا

السبت 2015/07/04
increase حجم الخط decrease
"شو صار بالجنرال؟ بروح بيشتغل، الجنرال بيروح يزرع بطاطا.. أو بفوت ينام أو بيحلّ عنّا، أو بيطرق راسو بالحيط!"، هكذا قرّر الأطفال إنهاء قصّة الكاتب الإيطالي أمبرتو إيكو (Umberto Eco) "القنبلة والجنرال"، من خلال إبتكار فيلم صور متحركة قصير مقتبس من الكتاب، بعد مشاركتهم في أربع ورش عمل حول الصور المتحركة، من تنظيم "مركز بيروت للفن" في شهري نيسان وأيار الماضيين، وتقييم جوان باز، وهي فنانة تحريك وفنون بصرية.


عندما لم تنفجر القنابل التي ألقاها الجنرال على المدينة، وفشله في إعلان الحرب، عاش الجميع بسلام، لكن ماذا حصل للجنرال؟ قرّر إيكو أن يفصله من منصبه، وهكذا فعل الأطفال الذين شاركوا في الورش أيضاً. لكنهم صاغوا النهاية بأسلوب يشبههم ويشبه البيئة التي يعيشون فيها، فبدلاً من أن يعمل الجنرال في فندق، حسبما قرّر إيكو، قرّروا أنه سيصبح مزارعاً، أو أن يعاقبوه، برفضه كفرد منهم، بـ"أن يطرق رأسه بالحيط"، ربما لأنهم غير بعيدين عن الحرب وثقافتها، وربما لأن هناك غضباً عندهم تجاه "الجنرالات" المحليين.

عُرض فيلم "القنبلة والجنرال"، من إعداد وإخراج جوان باز، يوم أمس في "مركز بيروت للفن"، خلال حوار دعا إليه المركز من أجل مناقشة العمل في الفن مع الأطفال، والذي جمع حوالي 30 متخصصاً في هذا القطاع من فنانين، مدرسين وتربويين.

أدارت النقاش ديما حمادة، المساعدة في إدارة "مركز بيروت للفن"، وحدّدت الهدف منه، بالسعي إلى "تحديد قيمة المنتج الفنيّ من العمل مع الأطفال وكيفية نقده، تعريف الفن في إطار العمل مع الأطفال، والبحث في طرق العمل الفني معهم". وأشارت إلى أن هذا الحوار هو الأول من نوعه في المركز، لكنّه لن يكون الأخير، بحيث سيتم تنظيم سلسلة حوارات تندرج تحت عنوان "العمل الفني مع الأطفال"، من أجل إنتاج أفكار، لتتحوّل في ما بعد إلى مشاريع وورشات عمل محترفة.

"شو يعني حرب؟"، لم يكن سهلاً لجوان أن تجيب على أسئلة الأطفال خلال الورش. وقد أعتبرت، خلال مشاركتها تجربتها مع الحضور، أن "العمل مع الأطفال هو الأصعب"، إلّا أنها لم تلعب دور المحاضرة أو المعلمة، بل كانت العلاقة في ورش العمل بينها وبين الأطفال، علاقة تبادل للأفكار والخبرات. وشرحت كيف قسمت الورش، التي ضمّت أطفالاً لبنانيين، سوريين وفلسطينين، من جميع الطبقات الاجتماعية، إلى أربعة أقسام. القسم الأول كان عبارة عن تحريك جسماني بإشرافها، أما الثاني فتحريك صور أرشيفية بإشراف ماريا كساب، والثالث تحريك لقطات بإشراف لينا غيبة، وأخيراً إبتكار صوتي بإشراف وائل قديح.

اختلفت آراء الحضور وتجاربهم حول العنوان العريض. فاعتبرت ألما سالم، المديرة الإقليمية لبرامج الفنون في الشرق الأوسط في المجلس الثقافي البريطاني، أن "الفن ليس ترفاً، بل مهماً للتنمية الثقافية"، متحدثة عن دمج الفن والثقافة وأهمية وجود مساحة للأطفال ليعبروا عبرها عن أنفسهم بعيداً عن الضغط النفسي والجسدي، ومضيئة على قضية "شحّ التمويل للمشاريع الفنية للأطفال". بينما أشارت ماري ماركسيول، مديرة "مركز بيروت للفن"، والتي عملت سابقاً في مجال التربية، إلى أن هناك "أولويات لحاجات الأطفال، ففي حالة الحرب، يكون تمويل مشاريع الإغاثة، مثلاً، هو الأهم".

ثم انتقل الحوار إلى مناقشة ما اذا كانت احترافية المُنتَج الفني تؤثر سلباً أو إيجاباً على الأطفال. واعتبر عبدالله الكفري أنه إذا "فقد المُنتَج الفني قيمته الإحترافية، سينقلب ضد هدفه التعليميّ التثقيفي، وسيتحول إلى حالة ثقافية كارثية"، مشيراً إلى أن الثقافة في لبنان وسوريا لطالما تعاملت مع عقول الأطفال بـ"سطحية، كما أستعمل الفن بأسوأ الطرق، وهذا ما أدى إلى وجود تراكم سلبي حول الفن والثقافة". بينما، عارضت أمل كعوش، التي تعمل في مجال الفن والثقافة، نظرية الكفري، مستشهدة بعبارة كان يرددها لها والدها، اذ "حتى لو كان العمل الفني المقدم للأطفال والشباب غير محترف، يظلّ بديلاً من التطرّف، خصوصاً في الحروب".

وأخيراً، وبعد انتهاء النقاش، لخّصت حمادة النقاط المختلفة التي طرحت، على أن يتم تخصيص جلسة نقاش حول كلّ منها في جلسات حوارية مقبلة. وقد لخّصت النقاط كالآتي: الآليات التي يجب أن تستخدم للعمل مع الأطفال، موضوع المُنتَج الفني كعنصر يحمل قيمة فعلية، إشكالية التمويل والمؤسسات غير الحكومية والمشاريع الطويلة والقصيرة الأمد، والهدف من العمل مع الأطفال، إضافةً إلى تحديد الفئة المستهدفة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها