الأحد 2015/09/20

آخر تحديث: 16:01 (بيروت)

تعهد الصمت: "إجراء تعسفي باطل حكماً"

الأحد 2015/09/20
تعهد الصمت: "إجراء تعسفي باطل حكماً"
تعهد الصمت: وسيلة لقمع الصحافيين والمدونين الإلكترونيين (المدن)
increase حجم الخط decrease

 نصت مقدمة الدستور اللبناني والمواثيق الدولية على احترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والتعبير. حقان من الحقوق الأساسية التي لا تقبل التنازل والاسقاط او الحجب.

على الرغم من القيمة الدستورية لهذا الحق، تؤدي بعض الممارسات العشوائية الى انتهاكه. فيواجه الصحافيون والمدونون الإلكترونيون، بالإضافة الى مستخدمي وسائل التواصل الإجتماعي، العديد من الإنتهاكات لحقهم بالتعبير. ومن أبرز هذه الإنتهاكات، لجوء مكتب الملكية الفكرية ومكافحة جرائم المعلوماتية الى الضغط على المستدعين أمامهم لتوقيع ما يسمى بـ"تعهد الصمت".

ما هو تعهد الصمت؟ وهل من نص قانوني يسمح بمطالبة أي شخص أن يتعهد بالصمت بأي شكل من الاشكال؟ ما هي الآثار القانونية التي تنتج عن توقيع التعهد؟

و" تعهد الصمت" هو تعهد بالامتناع عن تناول شخصية ما في مطلق كتابات المستدعى امام المكتب، أو الإمتناع عن  تناول القضية التي إستدعي على خلفيتها في كتاباته. كأن يوقع شخص تعهداً بعدم كتابة أي مقال حول "فلان" بعدما تعرض له بالقدح والذم. فيشكل بالتالي، وبدرجة أولى، تعدياً فاضحاً على حرية الشخص بالتعبير. وبالدرجة الثانية، إرغام المتعهد على الإعتراف بالجرم المسند اليه، من خلال التعهد بعدم تكراره.

وهذه التعهدات عبارة عن "إجراء تعسفي، باطل حكماً"، يقول المحامي طوني ميشال من مؤسسة مهارات خلال حديث مع "المدن".  فهي وفقاً لـ"ميشال"، "تتناقض مع مقدمة الدستور اللبناني، و الحقوق الطبيعية للإنسان، و مع كل المعهدات والمواثيق الدولية التي يلتزم بها لبنان".

أما عن القيمة القانونية للتعهد، وآثاره بالنسبة للدعوى الجزائية التي قد ترفع بوجه الصحافي أو المدون، يؤكد ميشال أنه "لا يتمتع بأي قيمة قانونية". ذلك أنه " لا يستند لنص قانوني صريح يلزم المتهم بتوقيعه". في سياق  مواز، "لا يؤدي توقيع التعهد الى رفع المسؤولية الجزائية عن موقعه في حال إتهامه". فتعهد الصحافي مثلاً بعدم تناول المدعي ضمن مقالاته في المستقبل، لا يلغي مسؤوليته عن الذم الذي سبق أن قام به، في حال صحة الإتهام. يتابع ميشال أن "التعهدات عادة ما تطبق على مرتكبي جرائم الإيذاء، حيث يتعهد المجرم بعدم التعرض للمعتدى عليه مرة أخرى بناء على نصوص قانونية واضحة في هذا المجال".

 والأسوأ أن "اللجؤ الى تعهدات الصمت يتم  بإشراف قضائي من قبل النيابة العامة الإستئنافية، على الرغم من غياب النص القانوني الذي يسمح بها". وهنا لا بد من إستحضار المبدأ القانوني القائل أن "الأصل في القانون الإباحة"، بالتالي لا يمكن منع شخص عن القيام بعمل ما، ما لم ينص القانون صراحةً على هذا المنع. بالتالي يمكن مطالبة أي شخص بالتعهد بالإمتناع عن فعل أي أمر لا ينص القانون على أنه ممنوع.

والأهم، يكمن في مبدأ "عدم إمكانية تنازل أي انسان عن حقوقه الأساسية والطبيعية ومنها الحق بالتعبير"،يقول ميشال. والحق بالرأي والتعبير من الحقوق المتصلة بطبيعة الانسان كفرد من المجتمع.

إن إلزام المدون أو الناشر الإلكتروني بتوقيع "تعهد الصمت"، يعد من الممارسات القمعية، ويشكل ممارسة تسلطية من قبل جهاز أمني، تمس بالكرامة الإنسانية وتقيد الحريات العامة، لا سيّما حرية القول والكتابة.

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها