الأربعاء 2018/04/11

آخر تحديث: 12:25 (بيروت)

بئر سحرية في السماقية

الأربعاء 2018/04/11
بئر سحرية في السماقية
الأقنية التي تجر مياه البئر تم تكسيرها عمداً (بشير مصطفى)
increase حجم الخط decrease

تنفرد بلدة السماقية عن سائر قرى عكار ببئر للمياه الكبريتية الحارة، ذات المنافع العلاجية. ويعود تاريخ اكتشاف هذه البئر إلى أوائل سبعينيات القرن الماضي، عندما قررت الدولة اللبنانية التنقيب عن النفط في منطقة سهل عكار. فكانت المفاجأة تدفق كمية كبيرة من المياه الحارة إلى سطح الأرض.

وما زال الكوخ الحجري الذي بني فوقها والأقنية الرخامية شاهدة على تاريخ هذه البئر الواقعة في الأراضي الزراعية الخصبة. ويستعيد المختار عبدالله درويش فرح سكان البلدة، عندما كان عمره 17 سنة، بخروج نبع ماء غزير وبقوة 10 أنش. وتضاعف الشعور بالسعادة عندما وجدوا فيها فوائد كثيرة. ويتذكر كيف كان شبان القرية يستحمون في البركة التي تجمعت فيها المياه الغنية بالمعادن.

ويوماً بعد يوم، إكتشف الأهالي فوائد هذه المياه السحرية. فهي تحول الشعر الأجعد إلى أنعم من الحرير، وتشفي أمراض البشرة والجلد. حتى أن درويش عندما سقط من الشاحنة على ركبتيه لمس فوائدها العلاجية، بعدما دأب على السباحة فيها.

وفي العام 1973، فطنت وزارة السياحة اللبنانية إلى الفوائد الجمة لهذه المياه، فقامت بإنشاء مجمع سياحي عند شاطئ العريضة القريبة. وقامت بمد قساطل لجر المياه الدافئة إلى برك السباحة في تلك المنتجعات السياحية، التي بدأ يقصدها الناس من خارج البلدة.

وينظر أبناء السماقية إلى هذه البئر على أنها بارقة أمل لأي إنماء. كما أنهم يقصدونها لملء القوارير لعلاج أمراضهم وإصاباتهم، أو استخدامها في الاستحمام حيث تبلغ درجة حرارتها 46 درجة مئوية. وهي غنية بالمعادن حسبما يشير قوامها السميك ولونها المائل إلى الأصفر. ويتطلع أهالي السماقية إلى قيام بعض المتمولين العكاريين بإعادة استثمار هذه المياه وإقامة منتجعات صحية، على غرار تلك التي تعالج مرضى المفاصل في أوروبا الشرقية.


لكن، "أيام العز" التي عاشتها هذه المنطقة، بدأت بالأفول مع بداية الحرب الأهلية. وقد ساهمت عدة عوامل في تدهور حالة البئر المهملة حالياً. كما لعبت قلة الوعي لدى الناس دوراً في تراجع دور هذه المياه في التنمية. ويروي المختار درويش أنه عندما اشتهرت هذه المياه، وبدأ الناس من خارج المنطقة السباحة فيها، لم يتحمل كبار السن رؤية النساء والرجال يسبحون سوياً في البركة بملابس البحر، فقام بعضهم بوضع حجارة كبيرة في البركة، وردمها بصورة تراكمية. كما أن توقف الدولة عن تأهيل البئر ووضع "القميص المعدني" الذي يحمي البئر من الردميات، أدى إلى انحسار كميات الماء الصاعدة إلى السطح.

ومن العوامل التي أدت إلى تراجع مكانة البئر التوسع العمراني. فقد استغل كثير من الناس فترة الحرب الأهلية للبناء على المشاعات المحيطة بمصدر المياه الكبريتية. ما عرقل مشاريع استثمارها. كما أن الأقنية التي تجر المياه تم تكسيرها عمداً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها