الخميس 2017/06/08

آخر تحديث: 02:40 (بيروت)

جولة في أميركا بحثاً عن لبنان

الخميس 2017/06/08
جولة في أميركا بحثاً عن لبنان
غالبية المناطق التي تحمل إسم لبنان سماها الوافدون البروتستانت الأوائل (فادي أبوكرم)
increase حجم الخط decrease
في عيد الحب من العام 2005، كان فادي أبوكرم على بعد أمتار من الانفجار الذي أودى بحياة رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. لم تكن تجربة الانفجارات غريبة عنه، فهو كان قد أمضى قسماً من طفولته في الملاجئ خلال السنوات الأخيرة من الحرب الأهلية. كان الانفجار الذي أشعل فتيل أزمة لبنانية لم تنته حتى اليوم، متوَقعاً بالنسبة إلى أبوكرم. قرر الرحيل، ثم قام بمراسلة جامعة أميركية في سان فرانسيسكو. وغادر البلاد في تموز من ذلك العام بعدما تم قبوله. 

أصابته صدمة ثقافية في أميركا: "لم أكن أتوقع أن أصل إلى هناك لأجد طلاب الجامعة يحرقون الأعلام، بعد رسم الصلبان المعكوفة عليها". كانت التظاهرات ضد احتلال العراق في أوجها خلال تلك الفترة. لكن "ما هو هذا الشيء الذي جعل الأميركيين غاضبين إلى تلك الدرجة؟".

خلال إحدى موجات النوستالجيا التي أصابته في الولايات المتحدة، بحث أبوكرم عن لبنان في غوغل، إلا أن ما ظهر له كان طرقات في منطقة أخرى، تقع في ولاية أوريغون الأميركية. أمضى ساعات على غوغل إيرث، واستطاع إيجاد 47 منطقة بإسم لبنان في الولايات المتحدة، من بينها مدن وقرى تحوي مجتمعات صغيرة، منغلقة على نفسها. 

عندما وصل أبوكرم للمرة الأولى إلى الولايات المتحدة، لم يكن بحوزته كثير من النقود. لكن، بعد أقل من عقد من العمل في المصارف (وكمستشار تكنولوجي لشركات في لبنان)، أصبح لديه ما يكفي من المدخرات كي يأخذ إجازة لعام من عمله ويبدأ مسيرته في التصوير الفوتوغرافي.

"Greetings from Lebanon, the heart of Kentucky." Happy new year, everyone. #lebanonusa #lebanon #kentucky #mural

A post shared by Lebanon, USA (@lebanonusa) on


في تشرين الأول من العام 2016، وبينما كانت حملة ترامب الانتخابية تجتاح البلاد، بدأ أبوكرم جولته من ولاية أوريغون، التي توجد فيها المنطقة الوحيد التي تحمل إسم لبنان في الشق الغربي من البلاد. بالنسبة إليه كان الأمر مضحكاً في البداية، فقد وجد إسم لبنان أينما ذهب في البلدة، كما أنه وجد إسم دمشق ومناطق أخرى أيضاً في الجوار. 

لدى وصوله إلى أي منطقة تحمل إسم لبنان، أول ما كان يقوم به هو البحث عن المكتبة أو الأرشيف، لطرح السؤال التالي: لماذا سمّيت بهذا الإسم؟ 

يشرح أبوكرم: "كلمة لبنان موجودة كثيراً في الإنجيل. ومجموعات البروتستانت التي جاءت إلى أميركا في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، كانت تضم أشخاصاً متشددين دينياً".

في كتاب العهد القديم تتكرر ثيمة "أرز لبنان". فعلى سبيل المثال ورد في سفر المزامير (92:12) "الصديق كالنخلة يزهو وينمو كالأرز في لبنان". وفق أبوكرم: "حتى لو لم يكن الأرز موجوداً في البلاد الجديدة في ذلك الوقت، إلا أن أي غابة كان بإمكانها أن تكون غابة أرز بالنسبة إلى الوافدين الجدد. بالتالي، أي منطقة يوجد فيها غابة، يمكن أن تكون لبنان!". لذلك، أكثرية المناطق المسماة لبنان موجودة في الشق الشرقي من الولايات المتحدة، لأن البروتستانت المتشددين سكنوا في البداية هناك. 

لم يلتق أبوكرم بأي لبناني خلال رحلته. لكنه كان سعيداً بأن "لبنانيي" هذه المناطق يعرفون لبنان ويعرفون الأوضاع السياسية المتقلبة فيه. "آه أنت من البلد الذي لا رئيس له! كان ذلك مفاجئاً بالنسبة إلي، فنحن فعلاً كنا في ذلك الوقت من دون أي رئيس واستمر الحال هكذا لعامين ونصف".


ومع أن هدفه الأساسي من الرحلة هو تصوير المناطق المسماة لبنان، كان لأبوكرم هدف آخر. ففي العام 1955، دعا رئيس الجمهورية الراحل كميل شمعون 7 مندوبين من 7 بلدات إسمها لبنان، موجودة في ولايات أوريغون، نبراسكا، إنديانا، تينيسي، ميسوري، نيو هامبشاير وأهايو، إلى زيارة لبنان لمدة أسبوعين. وخلال الزيارة تم تقديم شجرة أرز واحدة لكل مندوب، ليقوم بزرعها في بلدته.  

أراد أبوكرم إيجاد هذه الأشجار. ومن أجل ذلك، بحث في أرشيف الصحف المحلية الصادرة بين العامين 1955 و1958 في كل بلدة من تلك البلدات. في النهاية لم يجد سوى شجرة واحدة في ولاية أوهايو، واكتشف أن جميع الأشجار الأخرى ماتت بعد نقلها من لبنان. ثم استبدلت بصنوبر من فرجينيا إسمه "الأرز الأحمر". 

(CNN)
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها