الخميس 2017/04/06

آخر تحديث: 01:41 (بيروت)

هناك ذهب مخبأ تحت الأحياء القديمة

الخميس 2017/04/06
هناك ذهب مخبأ تحت الأحياء القديمة
كانوا يخبئون الذهب خوفاً من غزوات البدو (Getty)
increase حجم الخط decrease
1
وجدت امرأة كبيرة في السن في جدار القلعة شبه المهدمة قرب منزلها في حي الحارة في الهرمل، كيساً من الذهب عن طريق الصدفة. كانت ترعى عنزتها عندما انتبهت إلى شيء غريب في الحائط. لم تخبر أحداً عن الكيس. ولا حتى ابنها الذي تعيش في منزله منذ عقود.

لم تكن تريد لذهبها أن يصبح في يد زوجة ابنها. صارت تبيع قطع الذهب واحدةً تلو الأخرى من دون علم أحد. ثم بعد سنوات من الحادثة، وبعدما شعرت باقتراب موتها، جاءت ببعض التراب من محيط الكعبة، كانت قد حملته معها في إحدى رحلات الحج. نخلته ناعماً، وحولته إلى طين يغلف قطع الذهب من الخارج. ثم طلبت من زوجة إبنها، أن تضع حبات الطين في فمها، وقرب رقبتها، قبل أن يتم وضعها في الكفن بعد موتها.

أخذت الزوجة قطعتين من الطين، لعلها تبارك هي الأخرى المكان الذي سترقض فيه بعد موتها. بعد سنوات من ذلك اليوم، اكتشفوا من طريق الصدفة حقيقة تلك الحبات الطينية، وعرفوا أن العجوز كانت تنوي أن تأخذ الذهب معها إلى الآخرة. قيل إنهم حفروا قبرها في ليلة لا قمر فيها.

2
يقال إن حياً قديماً، موجود اليوم في الطبقات السفلية من حي الحارة. فمنذ سنوات، قام أحد السكان بهدم بيته القديم لبناء آخر مكانه. وخلال الحفر وجد خوابي ضخمة، وتنوراً وأدوات منزلية، قيل إنها تشكل بيتاً منفصلاً، اختبأ لآلاف السنوات تحت الأرض.

لم يأبه الرجل لاكتشافه، طالما أنه لم يجد ذهباً في تلك الخوابي، وطالما أن الأدوات المنزلية الكثيرة التي وجدها موضبة قرب بعضها، لم تعد صالحة للاستعمال، بعد آلاف السنوات من صناعتها.

3
المهووسون، قلبوا البلدة بأكملها بحثاً عن الذهب. اشتروا ماكينات مخصصة لهذا الغرض، تصدر أصواتاً عند اكتشاف معادن في الأرض. هناك من حوّلها إلى مهنته وصار يجرف كل أرض يظن أنها تحوي ذهباً. قرب سد حيرة في منطقة الحوش، كان يوجد قرية فينيقية مهجورة، يذهب الناس عادةً إليها بحثاً عن الكنوز. جرفها المهووسون أيضاً، مع قناتها المائية المخربة التي كانت تصلها بنهر العاصي. لم يبق لها أثر اليوم. مثلها مثل الكنيسة الأثرية، التي وجدت يوماً قرب المحطة في مدخل البلدة، ومثل قاموع الهرمل الذي يقال إن الجيش الفرنسي قام بتدميره يوماً، ثم أعاد بناءه بعدما سرق نصف حجارته.

4
في كعب التلة التي يقع عليها حي الحارة، كان نايف الجوهري يحاول قبع التوتة الملاصقة لمصطبة منزله، عندما وجد جرةً مليئةً بالذهب. أخذها إلى أبو كرم الساحلي، صاحب الأرض التي يعمل فيها. هناك من وصفه بالغبي، على ما فعله. لكن أبا كرم أنصفه، رغم كل شيء. فقد عمّر له منزلاً، واشترى له بستاناً مليئاً بالأشجار المثمرة.

لا أحد يعرف. ربما جده أو جد جده، وضعها هناك تحت التوتة. كانوا يخافون من العسكر، ومن غزوات البدو الذين يأتون بحثاً عن الغنائم والذهب، فيقومون بتخبئتها تحت الأرض. كانوا يخربون البيوت والبساتين، ويأخذون الطرش والمونة وكل شيء. جميع القرى القريبة من البادية، تعرضت للإغارة منهم. لذلك تجد بيوت الحارة ملاصقة لبعضها، كي يستطيع الناس الدفاع عن أنفسهم.

5
لقد سكن الناس في التلة، لأنها مرتفعة ويمكن منها أن ترى البدو القادمين من الصحراء. كما أنها قريبة من أراضيهم في السهل، ومن مياه رأس المال التي يشربون منها. يرون من التلة الخيالة قادمين نحونا، فيحملون أغراضهم ويبدأون الركض صوب الجبال القريبة. أحياناً، وإذا كانت أعداد المهاجمين قليلة، يدافعون عن أنفسهم. أخبرتني جدتي أنهم قاتلوا البدو ببواريد الدك. يبدأ الخيالة بالتمايل على الأحصنة أمامهم، منتظرين أن يطلق أحدهم النار ليقتلوه بالسيف، إن لم يستطع إصابتهم.

كنت أتخيل أنهم يرتدون عباءات طويلة تتمايل مع الهواء، لكن، لا أعتقد أنها تشبه العباءات التي يرتديها الدواعش اليوم. رأيتهم على التلفزيون. قالوا إن هؤلاء هم الغزاة الذين سيأتون إلينا إن لم نبادر نحن إليهم. لا أعتقد أنهم بدو، كما أنهم لا يشبهون العسكر الذين كانوا يأتون من الشام.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها