الثلاثاء 2017/04/25

آخر تحديث: 02:25 (بيروت)

مصمم الأزياء ميساك: تراجع المهارات اليدوية لدى الشباب

الثلاثاء 2017/04/25
مصمم الأزياء ميساك: تراجع المهارات اليدوية لدى الشباب
لا يصمم ميساك أكثر من مجموعة واحدة أو مجموعتين خلال السنة الواحدة (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease
في حي يتفرع من شارع برج حمود الرئيسي اتخذ ميساك هاجيفيديكيان استوديو له. يصمم فيه مجموعاته الجديدة وأزياء زبائنه ويعرضها. الاستديو، بتواضعه، يتلاءم مع موقعه من دون أن يقلل من قيمة التصميمات و"ملوكيتها". وهو الاتجاه الذي لطالما جذب ميساك في الأزياء، خصوصاً بسبب حبه للأفلام التي تحكي قصصاً من عصر النهضة والتي كانت مصدر إلهامه الأول. يشبه الاستديو ميساك ببساطته وصراحته وعفويته وتصالحه مع نفسه. كل شيء فيه ظاهر بشوائبه وجماله. قصاصات من الأقمشة، رسومات، كتب، صور معلقة من ضمنها صورة مصمم الأزياء الفرنسي جان بول غودييه، الذي يعتبره ملهماً، وآلة الخياطة التي ورثها عن جدته.. وغيرها.

لا ينكر ميساك أن مجال تصميم الأزياء هو مجال "تَرف". لكن إمكاناته المادية المحدودة وحبه لبرج حمود وأهلها يبقيانه حتى اليوم في هذا الموقع، الذي مازال يجذب كثيراً من زبائنه المحبين لميساك وتصميماته، وأبرزهم الممثلة ومقدمة البرامج إيميه صياح، التي ارتدت فستان زفاف من تصميمه في فيلم "زفافيان"، الذي يعرض حالياً في دور السينما. وهي الأقرب إلى قلبه، رغم تعامله، ولو بشكل محدود، مع فنانات أخريات مثل ميريام فارس، رويدا عطية، يارا، سلافة معمار، نادين نجيم ونادين نسيب نجيم. فهي "متواضعة ولبقة في التعامل"، على عكس النمط السائد لدى النجوم، وفقه.

لخلفية ميساك الثقافية والعائلية دور كبير في ما هو عليه اليوم. فقد أمضى طفولته في برج حمود، وكان يتردد بشكل متواصل إلى مكان عمل أمه، حيث كانت تصمم رسومات تطبع أو تحاك على الأقمشة، بالإضافة إلى تصميمها ثياباً داخلية وخياطتها لمختلف أنواع الثياب، ومنها فستان عرسها. أما والد ميساك فكان مصلح ماكينات الخياطة. رغم ذلك، لم يشجع والدا ميساك ابنهما على الاتجاه نحو مجال تصميم الأزياء في تخصصه الجامعي. وهذا ما بات ميساك يتفهمه جيداً الآن لما يواجهه من صعوبات مادية.

تخرج ميساك من ثانوية الأشرفية الرسمية في العام 2003، وبدأ حينها البحث عن كلية لتصميم الأزياء في الخارج. ورغم قبوله في إحدى الجامعات الأميركية لم يسافر بسبب ارتفاع تكلفة التعليم فيها، فانتسب إلى الجامعة اللبنانية في برنامج التصميم الداخلي لسنة واحدة فقط، كي لا يخسر العام الدراسي بعد تأخره في التقديم إلى الجامعات اللبنانية.

خلال هذه السنة، علم ميساك بوجود كلية إسمود لتصميم الأزياء وانتسب إليها، في العام 2005، بعد تأمين كفيل له تكلفة الدراسة، ليتخرج بعد عامين فقط، وقد كان الأول على دفعته، بسبب إعفائه من السنة الأولى لإتقانه تقنيات الحياكة. بعد تخرجه، طلب المصمم اللبناني ربيع كيروز من ميساك أن يكون من المنتسبين إلى الموسم الأول من برنامج تدريب المصممين (ستارش). وهو برنامج يدرب المصممين الشباب ويساعدهم على إعداد مجموعاتهم الخاصة والترويج لها ولهم.

هكذا، خطى ميساك خطوته الأولى في مجال تصميم الأزياء ليصبح اسمه علامة في هذا المجال بعد تصميمه مجموعتين تحت رعاية وإشراف كيروز. في العام 2008، صمم ميساك أول مجموعة خاصة به بشكل مستقل هي من ضمن 11 مجموعة أطلقها بعد تخرجه من ستارش. لا يصمم ميساك أكثر من مجموعة واحدة أو مجموعتين كحد أقصى خلال السنة الواحدة، بسبب انشغاله في مجال التعليم، الذي دخله في العام 2010. فهو يُدرِّس في معهد كريياتيف سبايس بيروت المجاني، الذي يتيح لمحدودي الدخل من الموهوبين دراسة تصميم الازياء، بالإضافة إلى تدريسه في برنامج تصميم الأزياء في الجامعة اللبنانية الأميركية.

ينتقد ميساك عدد خريجي تصميم الأزياء، ويعتبره كبيراً مقارنة بحاجة السوق. لذلك، ينصح تلاميذه، وغيرهم من الشباب المصممين، أن لا يتجهوا إلى خلق علامة تجارية خاصة بهم بعد تخرجهم مباشرة، بل أن يتدربوا عند أحد المصممين ليكتسبوا خبرة ويكتشفوا هويتهم التي توازن بين الفن والتجارة، "خصوصاً أن الحركة التجارية اليوم تدفع المصمم إلى التخلي عن هويته ليتوافق مع متطلبات السوق".

ويشير ميساك إلى تراجع انتشار المهارات اليدوية من حياكة وتطريز وخياطة بين المصممين الشباب. ما يجبرهم على الاستعانة بيد عاملة لإنجاز تصميماتهم، وهي يد عاملة مرتفعة الأجر لقلتها. بالتالي، ترتفع أسعار هذه التصميمات. وهو أمر ينطبق على تصميماته أيضاً. لكن ميساك يستعين باليد العاملة الأرمنية المحلية، وهو من أجل ذلك يشعر أن تصميماته تحمل رسالة عن الثقافة الأرمنية، ليس من خلال أسماء المجموعات المستوحاة من أساطير أرمنية ونقوشات ورسومات وألوان أرمنية، بل أيضاً من خلال تأمين عمل تحتاج إليه عائلات أرمنية لتأمين قوت يومها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها