الثلاثاء 2017/03/21

آخر تحديث: 08:26 (بيروت)

حين استفاق ابني ليلعب بالماتريوشكا

الثلاثاء 2017/03/21
حين استفاق ابني ليلعب بالماتريوشكا
عندما تنام المرأة الحامل يستيقظ الجنين ليلعب (Getty)
increase حجم الخط decrease
أحب الألعاب، وأحبها إلى قلبي تلك المصنوعة من الخشب، لقربها من الطبيعة العارية وابتعادها عن الصناعة والتصنع. أحبها لملمسها ورائحتها، ولاعتقادي الدائم- حتى لو على سبيل الهذيان- أنها من صنع يد الإنسان، لا الآلة. يجعلني خيالي أروي قصصاً عن أن مجهولاً ما على هذا الكوكب، أخرجها من محترفه الخاص، من أجلي أنا فحسب، بعدما وضع فيها شيئاً من نفسه.

لكن أكثر ما أحب هو الماتريوشكا. ربما لأنني عندما كنت صغيرةً، كنت أتردد كثيراً إلى بيت عمي الذي كان يكثر من أسفاره يومها. كان يجمع تحفاً صغيرة من العالم، ومن بينها خشبيات روسية، أحب أن أتأملها، وأن أنظر لضربات الريشة عليها بالأحمر والذهبي فوق الأسود، وتلك الفراغات في بتلات زهرة، التي لا تتناسخ، بل تتشابه من دون أن تتطابق، كالبشر وكأطفال التوحد.


عندي دميتان منها. واحدة اشتريتها منذ نحو العقد والنصف، من محل هاوس أون مارس في الحمرا، وواحدة جاءتني هدية بعدما وضعت إبني الأول، من صديقة روسية جلبتها لي من بلدها الأم، وطن مكسيم غوركي. لكنني تفاجأت عندما وجدت أن الأولى قد كتب عليها "صنع في الصين". قلت: عادي. ربما الأمر لا يدعو إلى الاستهجان، ولا يتعدى أن يكون سخرية القدر. أما الثانية فهي أصغر وأكثر استدارة، يطغى عليها اللون الذهبي. ذلك الذهبي العتيق، الذي يوحي بالعراقة والقدم، وليس بالبذخ والثراء.


ثم عرفت عن طريق الصدفة أن الماتريوشكا هي رمز للأمومة والخصوبة. فرجحت أنني قد أحببتها لهذا الأمر، الذي ربما أدركته في طيات لاوعيي. في مكان ما من اللاشعور، يكون فيه الشعور صافياً وأليفاً. وأذكر أيضاً أنني عندما كنت حامل، كنت أنام كثيراً وبعمق. كأني أسافر خلال تلك الساعات الطويلة، إلى عالم السلام اللامتناهي... ثم أعود.

ثم حدث أن قرأت، بالصدفة أيضاً، أنه عندما تنام المرأة الحامل، خصوصاً في الأشهر الأخيرة، يكون الجنين الذي شارف على الاكتمال، قد استيقظ ليلعب.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها