الثلاثاء 2017/03/14

آخر تحديث: 05:22 (بيروت)

مجنون التكفيريين

الثلاثاء 2017/03/14
مجنون التكفيريين
يريد أن يدافع عن المقامات في بعلبك
increase حجم الخط decrease
يستمع الشاب الملتحي إلى الصوت الآتي من الهاتف، الذي يضعه بقرب أذنه. "جينا ننشد كربلاء مضيعينا، بيها زينب قالوا ميسرينا". الندبية تعيد نفسها عشرات المرات من دون أن يشعر الشاب بأي ملل. يستكين لصوت المنشد الكربلائي الحزين، وهو ينظر إلى تغير المشاهد أمامه من شباك الفان. أسأل أحد الركاب عنه، فيقول لي إنه عالبركة، وعلى هذه الحال منذ زمن. يذهب يومياً في الفان من أجل زيارة مقام السيدة خولة معتمراً لفة كتب عليها "يا حسين". في الطريق أحياناً يضحك منه بعض الركاب.

"علي. لماذا لا تذهب مع الشباب إلى سوريا؟"، يسأله أحدهم. "إذا ذهبت، لن أُبقي أحداً منهم على قيد الحياة. سأقتل التكفيريين جميعاً". يسكت علي لبعض الوقت، ثم يستأنف الكلام فجأة: "لا أفهم كيف يفجرون أنفسهم؟ والله حرم قتل النفس. عندما يأتي يوم الحساب سيعذبهم الله. سيعذبهم خلال عيشهم أيضاً". يعقب صاحب الفان: "اللي متلك مرتاح يا علي". يجيب: "إيه والله، أنا مرتاح. أمضي وقتي على الطرقات إلى بعلبك. أحب الهواء على الطريق".

يسلي علي الركاب في الفان. أحياناً يقرأ لهم مجلساً، لكن بطريقته الخاصة المضحكة. أخبرني صاحب الفان أنه قرر مرة قراءة المجلس بحضور شيخ، ولم يستطيعوا منعه. خربط يومها بالكلمات واخترع مجلساً على ذوقه. كانوا خائفين من ردة فعل الشيخ على ما يحصل، إلا أن الأخير ضحك ولم يكترث لخربطة علي بالقرآن. الله يسامح المتخلفين عقلياً ولا يعاملهم كما الناس الطبيعيين، همس الشيخ لأحد الجالسين بقربه.

المضطرب عقلياً يدخل الجنة من دون حساب، يقول الشيخ، لكن في بعض الحالات وإن كان أهل المضطرب عقلياً من غير المسلمين، يمتحنه الله يوم القيامة. "إن أجاب وامتثل، أدخل الجنة، وإن عصى أدخل النار".

لا يريد علي الذهاب إلى سوريا، لأن عليه أن يدافع عن المقامات الموجودة في بعلبك. "شو بتعمل إذا بفوتوا التكفيرية عبعلبك؟". يقول علي: "إن قرر الإرهابيون أن يدخلوا المدينة التي بداخلها المقامات، ستقع الدنيا على رؤوسهم، وسيقف أهل بعلبك وقفةً واحدةً بوجههم. هم مخدرون. إلى النار، إلى الجحيم. غداً ستسمع بكاءهم في النار".

"إن طلب مني المجاهدون أن أحل مكانهم، لن أوفر أحداً. من لا يعطيني هويته، أجبره أن يركع على الأرض، ثم أطلق النار عليه. أقول له عالأرض، وأفرغ رصاصة في رأسه، تنزله إلى الأسفل".

"بس ما بتخاف ؟" يُسأل.

"لو كنت خائفاً، لما قطعت هذه المسافة وحيداً. أنا أخاف من الله أكثر ما أخاف الإرهابيين. الإرهابي يمكنني أن أطلق عليه النار، فيموت. لكن عذاب الله أصعب من عذاب الإرهابيين".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها