الأربعاء 2017/02/08

آخر تحديث: 00:39 (بيروت)

شريف نجا من الموت 3 مرات وحلق في السماء

الأربعاء 2017/02/08
شريف نجا من الموت 3 مرات وحلق في السماء
سيوقع الجمعة كتابه الذي يروي فيه تجربته مع السرطان (المدن)
increase حجم الخط decrease
احتفل شريف قيس بعيد ميلاده الواحد والعشرين في 20 آب 2015. آنذاك، أصبح بإمكانه أن يبرز هويّته عند بوّابة الملهى الليلي. لكن تسعة أيّام لم تكن كافية كي يحتفل بأي شكل من الأشكال. ففي 29 من الشهر نفسه، دخلت ممرضتان جميلتان غرفته في المستشفى وقالت إحداهما له: "إنت ما بتعرف شو معك". "بلى"، أومأ شريف قبل أن يجيب ضاحكاً: "سرطان الدم". وعندما أجابته بـ"كيف عرفت؟"، تأكدت ظنونه.

بعد هذه المحادثة القصيرة، انتقل شريف من الطابق العاشر إلى الثامن، المخصص لمرضى السرطان. كان عدد الكريات البيضاء في دمه قد بلغ 24 ألفاً، فيما النسبة الطبيعية تراوح بين 4 آلاف و11 ألفاً. يومها، تعرّف شريف على الطاقم التمريضي بأكمله. وفي اليوم التالي، تعرّف على الأطباء والأخصائيّين الذين اقتحموا غرفته كعشيرة زيّها الرسمي رداء أبيض.

"كنت أعرف أن شعري سيتساقط بالكامل بعد أسبوعين أو ثلاثة من بدء العلاج"، يقول شريف قبل أن يتابع: "لكنني قررت أن أستبق ذلك، وأحلق شعر رأسي بنفسي، كي أكون قد حرمت المرض متعة أن يحرمني هو من شعري". هذا، إذاً كان التحدي الأول بين شريف ومرض السرطان، لكنه لم يكن الأخير.


قاومت

في المرة الأولى، كان شريف يحضر لامتحاناته في كلية الحقوق، في محاولة منه لمتابعة حياته كأن شيئاً لم يكن. لكن عشية عيد الميلاد، على بعد أيام من موعد الامتحانات، انخفضت مناعته بشكل خطير، ووصل ضغط الدم في جسمه إلى معدل أربعة على إثنين. "عندما دخلت قسم الطوارئ، حيث مكثت 14 ساعة متواصلة، كنت على وشك الموت، لكنني زمطت"، يروي شريف ممازحاً.

في المرة الثانية، كان يتحضر لاجراء عملية جراحية لزرع النخاع الشوكي. تبرع له أخوه بالدم لكن التطابق بين دم الأخوين لم يتعدّ نسبة 50%. ما أضعف فرص نجاح الجراحة. "لكنني اخترت أن أخضع لها، خصوصاً أن البديل منها كان مواصلة العلاج الكيميائي لمدة ثلاث أو أربع سنوات. وإن خيّرت بين الجراحة وشهر واحد إضافي من العلاج، كنت سأختار الجراحة حتى أنتهي مرّة أخيرة من المرض". لكن هذا النوع من العمليات الجراحية يترافق عادة مع تعقيدات كثيرة ونسبة وفاة تراوح بين 15 و20%. خضع شريف للجراحة وما لبث أن خرج منها حياً حتى أصيب بإحدى هذه التعقيدات. "نسبة الوفاة تصل إلى 85 و90% عند الإصابة بهذا التعقيد بالذات"، يشرح شريف الذي كان من 10% المحظوظين.

في المرة الثالثة، كان على موعد مع إلتهاب حادّ في الرئة كاد يفقده قدرته على التنفس. "في هذه المرة، قاومت بشدة لأنني لم أكن أقبل أن يقتلني إلتهاب في حين أن السرطان نفسه لم يقوَ عليّ"، يقول شريف الذي عاد وتعافى من الالتهاب بعدما كان قد تعافى بالكامل من السرطان.

أجمل لحظات
يؤكّد شريف النظرية التي تفيد أن محاربة السرطان تقتضي أن تكون ثقة المريض بنفسه كبيرة. "كنت أثابر على الضحك والمزاح، وأنشر في اليوم الواحد صورة أو اثنتين لي على إنستغرام مع الأصدقاء أو الممرّضات". والمرة الوحيدة التي أحس فيها بضعف وحزن شديد كانت عندما تبين له أن قدراته على التركيز والدراسة وفهم المعلومات بدأت تضعف. "كنت متقبلاً فكرة أن ينهش السرطان جسدي، لكن لمّا وصل إلى قدراتي العقلية، كان ذلك أشبه بالمساس بالمحظور"، يقول شريف الذي تأخر سنة واحدة عن مساره الأكاديمي.

أمّا أجمل لحظات عاشها بعد تغلّبه على المرض كانت رحلة سياحية إلى كندا قام بها في محاولة منه لاستعادة استقلاليّته التي فقدها أثناء العلاج. "هناك، مارست رياضة القفز بالمظلة من الطائرة وهو حلم يراودني منذ ما قبل إصابتي بالسرطان". يضيف: "في لحظة تحليقي في السماء، استعدت لثوان مجريات السنة الفائتة، وفكّرت أن أحداً من الأطباء أو ممن عرفني خلالها ما كان ليتخيّل أنني سأكون اليوم طائراً محلقاً في السماء".

لحظة جميلة أخرى تنتظر شريف، يوم الجمعة في 10 شباط، حيث سيوقع كتابه "I am a living legend"، الذي يروي فيه تجربته مع السرطان ومع الشفاء منه في مكتبة أنطوان في أسواق بيروت. "عندما خطرت لي فكرة الكتابة عن تجربتي، أمسكت القلم ولم أتركه طوال 13 ساعة وضعت فيها رؤوس الأقلام والأفكار والمحطات الرئيسية". "كتبت لكي أتشارك مع القرّاء ما تعلّمته من التجربة"، يقول الشريف قبل أن يختم: "أردت أن أقول لهم إن للحياة معنى أكبر، نستمدّه من أولئك الذين يحبوننا ويقفون بجانبنا ويشعروننا أن غيابنا المحتمل سيحدث فرقاً كبيراً، وبالتالي أن لحضورنا في هذه الحياة قيمة مضافة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها