الثلاثاء 2017/02/07

آخر تحديث: 08:17 (بيروت)

الحقيقة الكاملة حول النميمة

الثلاثاء 2017/02/07
الحقيقة الكاملة حول النميمة
تبدو النميمة بلا آخر (Getty)
increase حجم الخط decrease

يفترض، في الشائع من الكلام، أن يقال إن النميمة عيب. وهي استغابة غائب عن فردين أو جماعة، بتداول أخباره، نقلاً أو تعليقاً. ولا يبدو واحدنا، على ممارسته هذا السلوك، بهذا الحد أو ذاك، قادراً على المجاهرة به. هذه هي القيم، نقول، لا شيء آخر. لكن، يوماً بعد آخر، يبدو أن انغماس سلوكنا في النميمة حتيماً. أو قل إنه يستهلك منا بعضاً غير قليل من يومياتنا.

وإذا كان السائد، عند بعض المؤدلجين وعلمائهم أن هذا العالم يسوقه صراع طبقي، خفي أو معلن، فإنه الآن يبدو، على ما يمكن أن يدعي أي رجل بلحية أو من دونها، مسير بشبكات، خفية حقاً، لا يعرف واحدنا أنه يشترك فيها. إذ يبدو أن حكينا، ذاك العادي الذي لا معنى واضحاً له، ولا هدفاً معلناً منه، جنود لا يُعرف لعملهم هدف أو خريطة.

في المبدأ، حب الكلام عن الآخرين، أي استغابتهم، كما نقول، سلوك مكتسب لا نحمله في دمائنا، بل نصبح عليه- حتماً- لسبب أو آخر. وهو، كما كل السلوكيات/ المهارات الأخرى التي نملكها، قابل للتطور. وتبريره، نفسياً واجتماعياً، لا يحتاج إلى باحثين من جامعات أميركا أو اليابان. فهو مصدر، ثابت لا جدال فيه، للقوة. وربما يكون الوحيد. وهو سعي، آدمي، من بين أشياء أخرى، لمحاولة امتلاك الحكاية أو الحقيقة. ولا فرق بينهما. نروي أن فلاناً قال كذا، وعمل كذا مع فلان آخر، لأننا نعرف. وما الحقيقة غير شخص واثق يقول إنه يعرف؟

بعد سنوات، في المحافل التي نعيش فيها، سيبدو واحدنا متورطاً، بمعنى غير جبري بالضرورة، في شبكات. وهذه تنقسم أنواعاً وأدواراً، وطبعاً مكانة. نقول إن النميمة أنواع، تماماً كما الكذب والصدق وإلى آخره. ونقول إن فلاناً، لأننا نثق به، يملك معلومات كثيرة أو ستالايت. ونقول عن آخر إنه لا يكتم سراً، أو بئراً لا آخر لها. هذه طبقات أيضاً. وهذا العالم السري، أقله إلى حين اكتسابه مشروعية ما في المتداول من حكينا اليومي، يخدمه كثر، وهم لا يعلمون.

هكذا، تبدو النميمة بلا آخر. سلسلة، خفية، تترابط من دون وعي فاعليها، الذين يقسمون عالمهم إلى دوائر من الثقة والريبة، في نشر ما يعرفونه، بعد تحويره، أحياناً، أو تقليصه أو تضخيمه، أو ابتساره. ثم يقولون إنه كلام بكلام، ويدور. ولا يقلقون لركونهم أيضاً إلى جماعة لا آخر لها. كأنها أكبر جماعة في هذا العالم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها